للأسف الشديد في وقتنا الحاضر أصبحَ الشيء الغير طبيعي طبيعياً لدينا فمثلا عندنا من الأمور الغير طبيعية أن ترى شخصا يبدأ عمله من الساعة الثامنة تماما ولا يخرج حتى ينتهي عمله في الساعة الثانية تماما فهذا الشخص قد أتعب نفسه ولقد انتهج نهج غير طبيعي وكان من المفروض أن (الطبيعي في وقتنا) يأتي لبدأ العمل في الساعة الثامنة والنصف أو التاسعة وإذا مضى ساعة أو ساعتين يتعذر ويخرج لمدة ساعة أو أكثر ثم يعود للعمل ويتوقف للصلاة لمدة ساعة ثم يعود لعمله ويخرج قبل نهاية الدوام بساعة فهذا الأمر أصبح طبيعياً ولوعملنا استفتاء بهذه الظاهرة عند أغلب مدراء الموظفين مع اختلاف الوظائف لوجدنا إجابات من المدراء تؤكد بأن هذه ظاهرة طبيعية في العمل لديه وللأسف قد تجد صاحب هذه الظاهرة( هو الذي يُكرمُ ويرشح لمنصب مرموق وتأتي إليه الترقيات أكثر من غيره وحصل على هذا لأنه أجاد امتداح مديره أي كما يقال –عرف من أين تؤكل الكتف – وقام بالأمور الطبيعية في عصرنا)
ومن الطبيعي أيضاً أن تجد مديرك يتأخر عن العمل ويخرج قبل نهاية العمل بساعة أو أكثر وأن يكلفك بعمله وأن يغيب دون حسيب له ولا رقيب ويكرم جلسائه من الموظفين الغير مؤدين للعمل بالإجازات والترقيات و...
ومن غير الطبيعي أن تجد مديرك يأتي مع بداية العمل ولا يخرجْ حتى يخرجَ جميع الموظفين
وأن يقومَ هو بعمله دون الاتكال على موظفيه وأن يحسمَ عدد الأيام التي غابها ويكرم الموظفون المؤدون للعمل سواء قابلهم أم لم يقابلهم المهم عنده تأدية عملهم على أكمل وجه
ومن الظواهر الطبيعية أيضاً بأن يقطعَ السائق الإشارة عندما تكون باللون الأصفر وتتحول للون الأحمر
والغير طبيعي بأن يقف إذا تحولت الإشارة من الأصفر إلى الأحمر ويصبح هو شخص متخلف ورجعي إذا
قام بذلك
بل للأسف وصل بنا الحال إلى أن أصبحَ عندنا من الطبيعي أن تجد شخصاً لم يصلي الفجر إلا بعد شروق
الشمس في منزله ومن غير الطبيعي أن تجدَ شخصاً صلى الفجر في المسجد
وحتى التعليم عندنا أصبح الآن من الطبيعي غياب الطلاب في الأسبوعين اللذين يسبقا الاختبار والإجازة
ومن غير الطبيعي حضور الطلاب في هذين الأسبوعين
ولو جلستُ أخي القارئ أعددُ الأمور التي أصبحت طبيعية في عصرنا مع كونها غير طبيعية
لضمرت عيناك ولتعبت يدي من تعدادها
وأخيراً فلقد شاعت لدينا هذه الأمور وغيرها وأصبح تقبله أمراً طبيعياً إذا
من الطبيعي أن أترك هذا المقال دون أن أضع نهاية له ومن غير الطبيعي أن أضع......