قال تعالى:{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا }(النساء145)
~
وقودهآ :
قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَة } (التحريم 6)
فالناس هم الوقود وهم المعذبون.. فسبحان الخالق القادر.
يقول ابن رجب الحنبلي –رحمه الله-:" وأكثر المفسرين على أن المراد بالحجارة
حجارة الكبريت توقد بها النار ويقال: إن فيها خمسة أنواع من العذاب ليس في غيرها:
[ سرعة الإيقاد وكثرة الدخان, وشدة الالتصاق بالأبدان, وقوة حرها إذا حميت ]
فالنار هذه حالها, وهذا شكلها, والكفار والفجار من الناس وقودها,
~
سلـآسلهآ و أغلـآلهآ :
وأهل النار في عذاب دائم, فقد جعل الله في أعناقهم الأغلال
يسحبون منها, فتزيدهم عذاباً على عذاب
قال تعالى:{ إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ } [غافر 71],
وقال سبحانه:{ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ }[الحاقة 32]
قيدهم الله بها إذلالاً لهم لا خشية هربهم كما يقيد السجين في الدنيا.
~
شدة حرهـآ :
حر الدنيآ يتقى , قد مد الله لعباده الظل يقيهم الحر, ورزقهم الماء يرويهم من العطش,
وأوجد لهم الهواء والريح الكريمة
أما في جهنم فإن هذه الثلاثة تنقلب عذاباً على أهلها
فالهواء سموم,والظل يحموم والماء حميم.
قال تعالى:{ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ *فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ *
وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ *لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ } [الواقعة 41-44]
من شدة حر جهنم تلفح الوجوه فتتركها عظاماً لا لحم فيها,
{ لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ } [الأنبياء39]
~
سعة جهنم :
قال تعالى:{ وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُور} [الفرقان 13]
فالضيق يشمل ظواهرهم وبواطنهم, فهم ملقون في أضيق الأماكن,
وقد كانوا في الدنيا ينحتون من الجبال القصور فرحين !
قال تعالى:{ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}
قال أبو عبدة:" أي لفي حبس وضيق شديد" [فتح القدير].
وجهنم مع ما يحصل لأهلها من الضيق, فهي واسعة ضخمة
يدل على ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: كنا
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , إذ سمع وجبة (أي سقطة)
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" تدرون ما هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم.
قال: هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفاً, فهو يهوى في النار إلى الآن" [مسلم]
~
ألوان العذاب في جهنم:
أما عذاب جهنم فإنه ألوان وأشكال متعددة. بحسب تنوع دركاتها
وإجرام أهلها وما قدموه من السيئات والآثام في الدنيا :
منهم :
فراشهم نار ولحافهم نار وقد أحيطوا بالنيران من كل مكان وكبلوا بالسلاسل
والأغلال وسقوا ماء فقطع أمعاءهم ,
ومنهم :
قال صلى الله عليه وسلم :" إن منهم من تأخذه النار إلى كعبيه,
ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه, ومنهم من تأخذه إلى حجزته,
ومنهم من تأخذه إلى ترقوته" وفي رواية إلى "عنقه" [مسلم].
ومنهم :
من احتقر ذنباً صغيرا فلربما كان مصرعك في احتقاره
وقد تقدم أن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة رجل على
أخمص قدميه جمرتان يغلي منها دماغه" [مسلم]
ومنهم :
من يصب الحميم فوق رأسه
وحينما يصب فوقهم ذلك الحميم الشديد الحرارة,
تنقطع جلودهم وتذوب, وتتمزق أحشاء بطونهم وتصهر,
فلا صبر ولا هروب, ولا مخرج ولا نجاة
ومنهم :
ومنهم من تندلق أمعاءه فيطحن فيها, وذلك الذي يعظ بما لا يتعظ وينصح الناس وينسى نفسه.
فقد ثبت في الصحيحين أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" يجاء بالرجل يوم القيامة,
فيلقى في النار, فتندلق أقتابه في النار, فيطحن فيها كما يطحن الحمار برحاه,
فيجتمع أهل النار عليه, فيقولون: أي فلان, ما شأنك, أليس كنت تأمرنا بالمعروف
وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه, وأنهاكم
عن المنكر وآتيه" [البخاري ومسلم]
وغيرهآ من اصنآف العذآب كثير
فيـآرب ارحمنآ واجرنآ من عذاب جهنم
~
خزنة النآر وأهلها
خزنتها :
خزنتها: قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ
عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون }(التحريم6)
وقد ذكر الله جل وعلا عدتهم فتنة للمنافقين والكفار فقال سبحانه
:{ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ* لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ* لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَر* عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} (المدثر26-30) و
قد افتتن المنافقون بذلك فظنوا أنهم قادرون على هذا العدد القليل
, فأعقب الله جل وعلا الآية بقوله:
{وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُو} (المدثر31)
~
هيئة أهل النآر :
قال صلى الله عليه وسلم :" ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع" [مسلم]
جسد الواحد منهم مثل عدد من جبال الدنيا الكبيرة العالية,
ولا تسل عن ضروسهم ورؤوسهم وجلودهم فهي من العظمة
ما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه, وما ذاك إلا ليذوقوا العذاب في أعلى
صوره وأنكى شدائده
~
لبـآسهم :
النار طعام وشراب وفراش ففيها أيضاً اللباس,
وليس اللباس لوقايتهم من الحر وإنما هو زيادة في العذاب وتنوع في النكال
فهي لباس مقطعة تزيد لابسها عذاباً ونكالاً وألماً.
قال تعالى:{وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ* سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} (إبراهيم: 49,50)
والقطران هو النحاس المذاب
~
طعام أهل النار وشرابهم:
قال تعالى:{ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ*لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ} (الغاشية 6-7)
والضريع نوع من الشوك المر النتن
قال تعالى:{ إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً وَجَحِيم*وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيم} (المزمل 12-13)
والغصة هي التي يعلق بها الطعام في الحلق فلا يسهل عليه
دخوله إلى الجوف ولا يسهل خروجه عنه للتخلص منه.
قال تعالى:{ وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ}(الحاقة 36)
والغسلين هو الصديد
أما شراب أهل النار فإنه الحميم الشديد الحرارة,
يشربونه من شدة العطش وهم يعملون حرارته وحميمه فيقطع أمعاءهم وأحشاءهم.
قال تعالى:
{ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقآ } (الكهف 28-29)
~
فاللهم عفوك ورحمتك,
فما أشقى هذه الحياة, وما أتعس أهلها. فراشهم من نار ولحافهم من نار وفاكهتهم من نار
وطعمهم من نار, وشرابهم الحميم وظلهم اليحموم.
ولا غياث ولا كريم كلما استغاثوا لأجيبوا:
{قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ }
فيا من تعصى الله تصور نفسك وأنت في هذه الحال, وقد رميت لهذا المآل وقذف بك في جهنم,
أتراك تفديك أموالك, أم تراك ينجيك جاهك وأولادك, فتب إلى الله, فقد قرب الحساب !!
قال تعالى:{ ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً } (الطلاق 5)
فيا عبد الله استعن بالله ولا تعجز,
وسر على درب قافلة النجاة,
استمسك بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ,
والصحابة من بعده ولازم التوبة والاستغفار فإنها حلية الصالحين
ومنار الأنبياء والمرسلين
قال تعالى مخاطباً عباده المؤمنين:
{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور 31)