[c]اسامة بن زيد حب رسول الله
اسمه اسامة بن زيد لقبه بين الصحابة (الحب بن الحب) ابوه زيد بن حارثة خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اثر الرسول على ابيه وامه واهله وظل اسمه زيد بن محمد حتى ابطل القرآن عادة التبنى ام اسامة هى أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضنته.
كان رسول الله يحب اسامة حبا كبيرا فلقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اسامة بن زيد: ان اسامة بن زيد لمن احب الناس الى وانى لارجو ان يكون من صالحكم فاستوصوا به خيرا كان اسامة رضى الله عنه مالكا لكل الصفات العظيمة التى تجعله قريبا من قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ابن مسلمين كريمين من اوائل المسلمين سبقا الى الاسلام ومن اكثرهم ولاء للرسول وقربا منه وهم من ابناء الاسلام الحنفاء الذين ولدوا فيه وتلقوا رضعاتهم الاولى من فطرته النقية دون ان يدركهم من غبار الجالية شيء. واسامة رضى الله عنه على حداثة سنة مؤمن صلب ومسلم قوى يحمل كل تبعات دينه في ولاء مكين وعزيمة قاهرة وهو مفرط في ذكائه مفرط في تواضعه ليس لتفانيه في سبيل الله ورسوله حدود ثم هو بعد هذا يمثل في الدين الجديد ضحايا الالوان الذى جاء الاسلام ليضع عنهم اوزار التفرقة فهذا الاسود الافطس يأخذ في قلب النبى صلى الله عليه وسلم وفي صفوف المسلمين مكانا عليا لان الدين الذي ارتضاه الله لعباده قد صحح معايير الآدمية والافضلية بين الناس فقال : (ان اكرمكم عند الله اتقاكم).
وهكذا رأينا رسول الله يدخل مكة يوم الفتح الاعظم وعن يمينه ويساره بلال واسامة رجلان تكسوهما البشرة السوداء الداكنة ولكن كلمة الله التى يحملانها في قلبيهما الكبيرين الطاهرين اسبغت عليهما كل الشرف وكل الرفعة.
وفي سن مبكرة لم تجاوز العشرين سنة امر الرسول صلى الله عليه وسلم اسامة بن زيد على جيش فيه ابو بكر وعمر وسرت همهمة بين نفر من المسلمين تعاظمهم الامر واستكثروا على الشاب اسامة بن زيد امارة جيش فيه شيوخ من الانصار وكبار المهاجرين وبلغ همسهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر وحمد الله واثنى عليه ثم قال: ان بعض الناس يطعنون في امارة اسامة بن زيد ولقد طعنوا في امارة ابيه من قبل وان كان ابوه لخليقا للامارة وان اسامة لخليق لها وانه لمن احب الناس الى بعد ابيه وانى لارجو ان يكون من صالحيكم فاستوصوا به خيرا وتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ان يتحرك الجيش الى غايته ولكنه قد ترك وصيته الحكيمة لاصحابه (انفذوا بعث اسامة انفذوا بعث اسامة) وهكذا قدس الخليفة ابو بكر هذه الوصية وعلى الرغم من الظروف الجديدة التي خلفتها وفاة الرسول فان الصديق اصر على انجاز وصيته وامره فتحرك جيش اسامة الى غايته بعد ان استأذنه الخليفة في ان يدع له عمر ليبقى الى جواره بالمدينة. وبينما كان امبراطور الروم (هرقل) يتلقى خبر وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم تلقى في نفس الوقت خبر الجيش الذي يغير على تخوم الشام بقيادة اسامة بن زيد فحيره ان يكون المسلمون من القوة بحيث لا يؤثر موت رسولهم في خططهم ومقدرتهم. وهكذا انكمش الروم ولم يعودوا يتخذون من حدود الشام نقط وثوب على مهد الاسلام في الجزيرة العربية وعاد الجيش بلا ضحايا وقال عنه المسلمون يومئذ: (ما رأينا جيشا اسلم من جيش اسامة) .
ولقد احترم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم حب رسول الله لاسامة فأكرموه بهذا الحب حتى بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمثلا ذات يوم جلس امير المؤمنين عمر بن الخطاب يقسم اموال بيت المال على المسلمين وجاء دور عبدالله بن عمر فاعطاه عمر نصيبه ثم جاء دور اسامة بن زيد فاعطاه عمر ضعف ما اعطى ولده عبدالله واذا كان عمر يعطى الناس وفق فضلهم وبلائهم في الاسلام فقد خشى عبدالله بن عمر ان يكون مكانه في الاسلام آخرا وهو الذى يرجو بطاعته وبجهاده وبزهده وبورعه ان يكون عند الله من السابقين.
هنالك سأل عبدالله اباه قائلا : لقد فضلت على اسامة وقد شهدت مع رسول الله ما لم يشهد ؟ فأجابه عمر : ان اسامة كان احب الى رسول الله منك وابوه كان احب الى رسول الله من ابيك وعاش اسامة بقية حياته مجاهدا في سبيل الله وفي العام الرابع والخمسين من الهجرة اشتاق اسامة للقاء الله وتململت روحه بين جوانحه تريد ان ترجع الى وطنها الاول وتفتحت ابواب الجنان لتستقبل روح واحد من الابرار المتقين. وان في حياة اسامة بن زيد لعبرة لكل شباب المسلمين ان يجتهدوا في طاعة الله وان يطلبوا محبة رسول الله باتباع سننه والتمسك بالاخلاق الكريمة .والحمد لله رب العالمين.
[/c]