إن ديننا الحنيف - دين الإسلام - هو دين الكمال والعفة والطهر،لأنه الدين الخاتم، بعث الله به النبي الخاتم للبشريةجمعاء، فكان لابد أن يكون فيه سبب استمرارها، وتتابع أجيالها، ولا يمكن أن يتم ذلكإلا بما يضمن لهذه البشرية قوتها، وتماسكها، ولا تكون هذه القوة وذلك التماسك،والفساد ينخر في عظام المجتمع،والانحلال يذيب لحمه وشحمه، وتاريخ الأمم أمامنايدعونا لندرس ونفهم ونعتبر،فكم من أمة كان يضرب بقوتها المثل هدتها معاول الفساد،وكم من دولة أو مملكة كانت تخشى الدول والممالك قوتها وبطشها، أسقطها الانحلال فإذاهي أثر بعد عين.
إن دين الإسلام هو دين الحق، ماترك خيراً إلا دل عليه، وأمر به، ولا شراً إلا حذر منه وحرمه، وهو –أي الإسلام- فيكل تشريعاته وتعاليمه، كان هدفه دائماً وغايته أبداً، إنشاء مجتمع معافى، سداتهالعفة، ولحمته الفضيلة، الحشمة شعاره، والعفة طابعه، مجتمع لا تهاج فيه الشهوات،ولا تثار فيه عوامل الفتنة، الفرد فيه طيب المخبر والمظهر، طاهر الداخل من أمراضالقلوب، عفيف الجوارح مما يشين، من فحش القول والعمل، ليس في مظهره أو قوله أوفعله، ما يثير الفتنة أو يشجع على الغواية، أو يدعو إلى الرذيلة.
ولا شك أن أسوأ مايبتلى به المجتمع من صنوف الفساد، وأنواع سوء الخلق والانحلال هو الزنا، لما فيه مناختلاط الأنساب، وسقوط المروءة، وضياع النخوة، وزوال الحياء، ومن تجرأ على الزنا لاشك يتجرأ على غيره، فتعم البلوى، وينتشر الفساد، ومن ثم يدب الضعف في جسم المجتمعكله.
ولأن الزنا عمل قبيح، وجريمةكبيرة وفاحشة خطيرة، فإن الإسلام حرمه، ومنع كل ما يقود إليه، ومن ذلك: الاختلاط،والسفور والتعري، وإظهار مفاتن المرأة، والخضوع بالقول، وكل ما يثيرالفتنة، ويهيج الغريزة.
وأنت أيتها الأخت المسلمة أولالمعنيين بذلك، لأن عفة المسلمة نابعة من دينها، ظاهرة في سلوكها، ومن هنا وجبعليها الانضباط في اللباس سترة واحتشاماً، فالله سبحانه وتعالى شرع الحجاب ليحفظهذه العفة ويحافظ عليها، ويصونها من أن تخدشها خائنة الأعين وأبصار أصحاب القلوبالمريضة وعبيد الشهوات، فقال سبحانه : (يا أيها النبي قللأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن فلايؤذين وكان الله غفورا رحيما) ( الأحزاب 59) والجلباب: كل ساتر من أعلىالرأس إلى أسفل القدم. وقال سبحانه: (يا نساء النبي لستن كأحدمن النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفاً * وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى).( الأحزاب 23) ، وما خوطببه نساء النبي صلى الله عليه وسلم مطالب به جميع نساء المؤمنين، فأحكام الحجاب فيكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، صريحة لا غبش فيها، بينة لا يكتنفهاغموض، ليست مقصورة على عصر دون عصر، ولا فئة دون فئة، فالحجاب وعدم التبرج (فرضعين) على كل نساء المؤمنين ، أمر به العليّ القدير من فوق سبع سماوات: (ولا تبرجنتبرج الجاهلية الأولى) فما هو جوابك لأمر ربك؟
صفة اللباسالشرعي للمسلمة :
1- يجب أن يكون لباس المرأة المسلمة ضافياً يسترجميع جسمها عن الرجال الذين ليسوا محارمها قال تعالى : (ولا يبدين زينتهن إلالبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنيإخوانهن أو بني أخواتهن) (النور 31)، ويشمل ستر الزينة ستر الوجه، وهناك أدلة كثيرةتؤكد وجوب ستر الوجه، منه حديث عائشة –رضي الله عنها- : (كانالركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله r محرمات فإذا حازوا بنا سدلت إحدانا جلبابهامن رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه) (رواه أحمد وأبو داود وابنماجة).
قال الشيخ ابن عثيمين: (قد دلت الأدلة من كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والنظرالصحيح والاعتبار والميزان، على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجالالأجانب، الذين ليسوا من محارمها، ولا يشك عاقل أنه إذا كان على المرأة أن تستررأسها، وتستر رجليها، وألا تضرب برجليها حتى يعلم ما تخفي من زينتها، وأن هذا واجب،فإن وجوب ستر الوجه أوجب وأعظم، وذلك أن الفتنة الحاصلة بكشف الوجه أعظم بكثير منالفتنة الحاصلة بظهور شعرة من رأسها أو ظفر من أظافر رجليها).
2- أن يكون ساتراً لما وراءه فلايكون شفافاً يرى من ورائه لون بشرتها، لأن الثوب الشفاف يزيد المرأة فتنة ولايسترها، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سيكون فيآخر أمتي نساء كاسيات عاريات، على رؤسهن كأسنمة البخت، ألعنوهن فأنهنملعونات ) (أخرجه مسلم برواية أبي هريرة) ، وزاد في حديث آخر: ( لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذاوكذا) (أخرجه الطبراني في المعجم الصغير عن حديث ابن عمر بسند صحيح) قال ابنعبد البر: (أراد النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف، الذي يصف ولا يسترفهن كاسيات بالاسم عاريات في الحقيقة).
3- ألا يكون زينة في نفسه فقولالله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن ) يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينة تلفت أنظارالرجال إليها.
4- ألا يشبه لباس الرجال..فقد لعنرسول الله r المرأة المتشبهة بالرجال، وورد في ذلك كثير من الأحاديث منها: عن أبيهريرة –رضي الله عنه – قال : ( لعن رسول الله صلى الله عليهوسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل) (أخرجه أبو داود،وابن ماجة، والحاكم ، وأحمد].
وقال صلى الله عليه وسلم : (ثلاثة لا يدخلون الجنة، ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة : العاقلوالديه، والمرأة المترجلة، المتشبهة بالرجال، والديوث) (أخرجه الحاكموالبيهقي وأحمد).
5- ألا يكون مبخراً مطيباً.. فالأحاديث التي تنهي النساء عن التطيب إذا خرجن من بيوتهن كثيرة، منها : قال رسولالله r : ( أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية) ( أخرجهالنسائي وأبو داود والترمذي).
6- ألا يكون ضيقاً يبين حجمأعضائها.. لأن الغرض من الثوب هو رفع الفتنة، ولا يكون ذلك بالثوب الضيق الذي يحددمعالم جسمها، ويبدي تقاطيع خلقها ومفاتنها،ومن ذلك هذه العباءة الجديدة (المحذقة) الملتصقة بالجسم (العباءة الفستان) التي تحدد كل صغير وكبير من معالم الجسم، وتدلعلى أن من تلبسها لا دين لها ولا حياء، وأن وليها عديم الغيرة، ميت الرجولة، ولابسةالثوب الضيق لا شك ينطبق عليها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن (الكاسياتالعاريات)، مثلما ينطبق على من تلبس الثوب الشفاف، فكلتاهما لابسة اسماً عارية فيالحقيقة ،فقد جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (صنفان من أهل النار لم أرهما: نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات،رؤوسهن مثل أسنمة البخت، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، ورجال معهم سياط كأذنابالبقر يضربون بها عباد الله).