عنوان هذه المقالة استعارة من القصة القرآنية عندما اتهم فرعون النبي موسى بالسحر فجمع له السحرة وعندما ألقو بعصيّهم أمامه اذا بها أفاعي تسعى وألقى موسى عصاته فالتهمت عصيهم فخر السحرة ساجدين . في المبادرة المصرية يراد للمقاومة الفلسطينية ان تلقي سلاحها وتخر راكعة لكي تصبح لقمة سائغة في فم الأفعى الإسرائيلية ، لكن العصى الفلسطينية اليوم ليست مثل عصا سحرة فرعون فهي سلاح مقاومة عادلة ، كما ان أفعى نتنياهو ليست كافعى موسى التى كان هدفها نشر الإيمان بالله ..أفعى نتنياهو شر شيطاني يهدف الى ازالة آخر معاقل الفعل المقاوم بوجه حصار يعتبر من الجرائم ضد الانسانية .
الاحتلال والحصار هما المشكلة . والقضية ليست صواريخ المقاومة انما جرائم اسرائيل . وبدل ان يصدر العرب مبادرات ترسل نتنياهو الى محكمة الجنايات الدولية يفعلون ما يعطي الجوائز لها وكأن اسرائيل حليف لهم لا خصم و عدو. ولقد مر من الوقت ومن التجارب ، منذ اتفاقية كامب ديفيد ما يكفي من الدروس لتستخلص السلطة الفلسطينية والعرب منها : ان الإسرائيليين يكذبون ويخادعون ويضللون عندما يتحدثون عن السلام ، وانهم يعملون بإصرار على جر الجميع الى البحث في القضايا الهامشية التي يختلقونها ، لاشغالهم والعالم ، عن القضية الرئيسية ومشكلة المشاكل وهي قضية استمرار الاحتلال وحصار غزة.
ومن اكبر اكاذيب اسرائيل الزعم بانها تريد السلام والانسحاب والاعتراف بالدولة الفلسطينية وان ما يمنعها هو لجوء الفلسطينين الى الصواريخ !!.
لفضح هذه الكذبة الكبرى انظروا للضفة الغربية التي هي اكبر درس وعبرة لغزة كي ترفض كل مبادرة تسعى الى نزع سلاحها ، فمنذ هجوم شارون الكاسح والشامل قبل 12 عاما على الضفة تم تجريد السلطة الفلسطينية من السلاح ومن السيادة على المناطق المتواجدة فيها ، وبعد تسلم ابو مازن مقاليد الرئاسة تخلى حتى عن الانتفاضة السلمية من اجل عيون (عملية السلام )، وأظهر الرجل وشعبه صبر أيوب ، وكلما وجهت اسرائيل له صفعة على الخد الأيمن أدار لها الخد الأيسر لعل وعسى تقتنع بانه صادق في (السلام) الذي يريده وهو دولة بدون سلاح وبنصف القدس الشرقية وبدون عودة لاجئين فعلية .
الذي حدث ان تحولت الضفة الى كانتونات محاصرة تلفها الجدران العازلة والحواجز والمستوطنات والطرق الالتفافية ، وعندما ذهب الفلسطينيون الى انتخابات حرة بما ،في ذلك حماس ، لإقامة كيان ديموقراطي ألقى الاحتلال بالوزراء والنواب في السجون ، ولم يُبق ِالا على من استمرأ إدارة الخد ، ليس لصفعة ثانية وإنما لتلطيش من الصفعات . لقد تحولت الضفة المنزوعة من السلاح ومن المقاومة والانتفاضة الى سجن كبير . تعتقل فيه من تشاء ليصل عدد المعتقلين بالالاف من الشباب ، الذين لم يحملوا سلاحا وإنما خرجوا في مسيرات احتجاج سلاحها الأقصى الحجارة ، وتمت استباحة البيوت وخلع الأشجار ، وأطلقت عجلة الاستيطان والتهويد بأقصى سرعة حتى ان الجميع في هذا العالم بات مقتنعا بان الاحتلال لم يترك أرضا تصلح لبناء دولة فلسطينية ، اما عن عملية السلام فحدث ولا حرج في وصفها فهي اكثر من مهزلة مضحكة انها عملية إذلال متواصلة للسلطة حتى درجة الشفقة عليها ، خاصة وان نتنياهو كان يعمد الى الإعلان عن بناء وحدات استيطانية جديدة في كل مرة تستأنف فيها مفاوضات عبثية.
اليوم يريدون لغزة ان تسير على طريق مصير الضفة لتتحول الى ساحة يدخلها الجيش الاسرائيلي وقتما يشاء ليعتقل ويقتل ويدمر ، ويشيّد الجدران العازلة ونقاط التفتيش بين الحي والآخر في الشريط الغزّاوي الضيق ، الذي هو بطبيعته مخيم كبير يضم اكثر من مليون لاجئ هم ضحايا احتلالات اسرائيل منذ عام 48 ، وان حدث هذا سيسعى نتنياهو الى ترحيل وتهجير كل من حمل السلاح وإجلاءهم عن غزة كما فعلت بمقاتلي المنظمة في لبنان إثر الوساطات العربية والأمريكية !.
الهدوء والسكينة وإلقاء السلاح بوجه الاحتلال والحصار سيكون رخصة لنتنياهو ووعصابة الأشرار في تل أبيب كي يتمادوا في مصادرة حرية الفلسطينيين وأرضهم وحقوقهم والامثولة هنا الوضع المأساوي في الضفة عندما ُنزعت مقاومتها وانتفاضاتها .
مرة اخرى المشكلة هي الاحتلال وهذاالحصار الظالم على قطاع غزة ، هي رفض اسرائيل منح الشعب الفلسطيني بعض حقه في وطن ودولة ، هي جرائمها وحروبها ، ومعتقلاتها الممتلئة بشباب فلسطين ، هي في تهويد القدس وزرع مئات المستوطنات في الضفة . ومتى حلت هذه المشكلة لن يكون للفلسطيني حاجة لمقاومة وانتفاضة وإطلاق صواريخ .
وملاحظة اخيرة : كفى السلطة في رام الله الجري خلف أكاذيب اسرائيل وعليها ان تقرأ وتستوعب الدروس التي كتبت بشلالات من دماء شعبها ومن مصادرة حرياته وأمواله وحقوقه ، لو كانت اسرائيل تسعى لاتفاق مع السلطة لفعلت ذلك قبل ان تنسحب من القطاع في عهد شارون ، ولتوقفت عن بناء الجدار العازل في الضفة . نتنياهو يسير على خطى شارون في (الحل الآحادي الجانب ) الذي بدأ بالانسحاب من القطاع بدون اتفاق مع السلطة ، ثم تواصل بالضفة في (حل أحادي الجانب ) عبر تهويد القدس وبناء الجدار العازل وزيادة الاستيطان وتكثيفه . اسرائيل لا تريد حلا معه كما يتوهم عباس ، ولا تريد حلا ينهي حصار غزة ترعاه مصر ، او الجامعة العربية الثكلى بانقساماتها وحروبها الداخلية ، اسرائيل تريد ازالة كل مقاومة تعترض هذا الحل الذي يقضي بخنق غزة بالحصار ، وسرقة الارض من تحت أقدام أهل الضفة بالاستيطان والتهويد لتصبح كل فلسطين وليس اسرائيل الحالية فقط هدفا لشعار ( دولة الشعب اليهودي الأبدية ).
المصدر:http://www.maqar.com/?id=61018&&head...8%D8%B3%D9%89-