استيقظفي السابعة صباحاً , أيقظ والدته...
لم تستيقظ , بكى ( ماما أبي فطور ) , صرخت في وجهه :
فطور الحين؟ أقول رح نام !...
هرب الطفل من أمه وقدأخافته بصوتها المرعب !
فتحالتلفاز... وجلس قليلاً...
ثم أسرع إلى المطبخ وقد غلبه الجوع...
أراد أن يص ل إلى الرف العلوي من الدولاب لكي يصلحالفطور !
سقط وأسقط معه بضعة! أكواب وصحون !
استيقظتوالدته وسارت بسرعة لترى...
اختبأ تحت طاولة الطعام
أمسكت بتلابيب قميصه و أشبعته ضرباً وهي تكرر :
ليش ما قلتِ لي إنك تبيفطور! ...
هرب من الخوفولم يأكل.
الساعة الثانية عشرة ظهراًأعدت الوالدة الإفطار !
أكل بشراهة... واتسختملابسه...
نظرت إليه وصرخت : أنت غبي ما تعرف تأكل , شف محمد ولد خالتك كبرك وأعقل منك؟
اغرورقت عيناه بالدموع وهرب إلى فناءالمنزل
ولم يكمل إفطاره
الساعة الثالثة ظهراً...
عاد والده من عمله...
فرِح الصغير واستبشر , وأخذ يحدثوالده
عن ابن الجيران وعن فيلمرآه في قناة كذا...
وعن مسلسلحدث فيه كذا وكذا...
كان الوالدمستلقياً على السرير...
قالالطفل بهدوء : بابا .. بابا وش فيك ما ترد عليّ؟!
حرّك رأس والده بيديه الصغيرتين
فإذا به ( في سابع نومة )
الخامسة عصراً...
اجتمعت صديقاتالوالدة في المنزل! ...
وقد تأنقالصغير ولبس أجمل ثيابه...
وعندما همّ بدخول غرفة الضيافة
سحبته والدته...
منيده بشدة وقالت : ما قلت لك يا.... لا تدخل... تبي تفشلني ! رح عند التلفزيون , ولاّرح العب مع عيال الجيران.
الثامنة مساءً...
عاد الصغير وقد اتسخت ثيابه الجديدة...
وعلا صوته بالبكاء...
رأته الأم ورفعت
صوتها : (الله لا يعطيك العافيةيا خبل) !
وش مسوي في ملابسك؟...أرادأن يشكو لها من أحمد ابن الجيران الذي ضربه وقال له كلام (قليل أدب) !
لكنها ضربته قبل أن يتحدث
التاسعة مساءً...
جاء الوالد , واجتمع م! ع عائلته للعشاء..
أراد الصغير أن يحدثه عن ابن الجيران...
لكنه كلما همّ بالكلام
قال له أبوه : أنا تعبان ماني فاضي لخرابيطك.
العاشرةمساءً...
نام الصغير أمامألعابه...
فأتت الوالدة لتحمله , وأمطرته بقبلاتها الحارة , ثم
تمتمت : أحبك يا أشقى طفل في العالم !
ضحك الأب وقال :
صح... فيه شقاوة مو طبيعية الله يعينا عليه.
والسؤال المهم :
هل هذه تربية؟وإلى متى ونحن نكررالأخطاء؟!
وحتى متىسنظل نربي أبناءنا بهذا الإهمال و التساهل ا؟!
ومتى سنستفيد من الدراسات النفسيةوالتربوية؟
قال ابنالقيم – رحمه الله -: "كم ممن أشقى ولده، وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهمالهوترك تأديبه وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه وأنه يرحمه وقد ظلمهففاته انتفاعه بوالده وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة".