المماطلون وأحكام القضاء
سعيد السريحي
ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث لأولئك الذين يماطلون في إعطاء الناس حقوقهم حتى يلجئوهم إلى المحاكم ويكبدوهم عناء متابعة مواعيد جلساتها وتكلفة أجور مكاتب المحاماة التي تتولى تكييف القضايا والترافع عنهم في مجالس القضاء؟
إن أسوأ ما يمكن أن يتعرض له أولئك المماطلون هو أن يلزمهم القضاء بدفع ما عليهم من حقوق، وهذا يعني أنهم سيدفعون آجلا ما كان ينبغي عليهم دفعه عاجلا، إضافة إلى استفادتهم من فترة المماطلة في توظيف مستحقات أصحاب الحقوق واستثمارها لجني مزيد من الأرباح منها، هذا إذا لم يزهد أصحاب الحقوق في الحصول على حقوقهم؛ خشية من طول إجراءات التقاضي وتباعد مواعيد الجلسات والافتقار لبعض الوثائق والعجز عن دفع أجور المحاماة والترافع، وعندها سيتحقق لأولئك المماطلين ما يشتهونه من أكل أموال الناس بالباطل وسلبهم حقوقهم التي عجزوا عن استردادها منهم.
وإذا لم يكن لنا أن نعترض على أحكام القضاء أو نتشكك في عدالة أحكامه، فإن لنا أن نرى في الحكم لأصحاب الحقوق بحقوقهم فقط التي يذهب بعضها أو أكثرها لمن أوكلوهم من المحامين، إضافة إلى تكبدهم عناء المطالبة والمطاردة لتلك الحقوق، شيئا من عدم الإنصاف لهم، وقد كان الأجدر بالعدل والأقرب للإنصاف أن يحكم لهم بحقوقهم كاملة، ويعوضوا عما تحملوه من مشاق ومكابدة، وأن يتم تحميل المماطلين تكلفة أجور المحاماة، إذ لولا مماطلتهم ما اضطر أصحاب الحقوق إلى اللجوء إليهم، وبذلك يستخلص أصحاب الحقوق حقوقهم، ويدفع المماطلون ثمن مماطلتهم، ويكون في ذلك درس لمن يفكر في أكل حقوق الناس بالباطل.