خواطر تراودني للسعوديات
أكتب رسالتي هذه إلى أخواتي السعوديات اللاتي يلهـثن وراء موضوع قيادة المرأة للسيارة في السعودية، يلهثن وراء كسر حواجز مجتمع فاضل عاشت فيه المرأة مدلـلة يخدمها كل رجال العائلة، ويحسدها من حرم هذا الدلال.. هي مشاعر وتجارب أكتبها من وحي الواقع وأحاسيس امرأة عاشت التجربتين، لن أتطرق لحكم الشرع في هذا الموضوع لأن باعتقادي أن من نشأت في بلاد التوحيد وتشربت من هذا النبع الصافي لا تملك إلا التقدير والتبجيل والتسليم لعلمائها الذين لم يألوا جهدا في نشر هذا الدين العظيم وإرشاد الناس لما هو خير لهم في دينهم ودنياهم ، وبلغ خير هؤلاء العلماء الأفاضل الذين اتبعوا طريق الحبيب عليه الصلاة والسلام وانتهجوا طريق الحق إلى مشارق الأرض ومغاربها، وهم يقفون الآن بمثابة درع واق مضحين بأنفسهم وأموالهم وأوقاتهم وراحتهم لمواجهة موجة التغريب المسعورة ضد المملكة السعودية، أسأل الله أن يقوى شوكتهم ويعينهم على رد كيد كل من تسول له نفسه ويتجرأ لإخراج الملكة السعودية من بيتها.
أنا عربية ولدت في بيئة خليجية منفتحة تعلمت فيها قيادة السيارة في عمر صغير ولا أخفيكم بأنني تمتعت في وقتها حيث كنت في سن المراهقة وأحسست أني مسئولة عن بيت الأسرة الغني الذي إن دخلت من بوابته الرئيسية وجدت نفسك أمام معرض سيارات، لكل بنت سيارة، ولكل ابن سيارة، وللأب سيارة، وللأم سيارة وكانت عائلتنا كبيرة. فرض علينا البلد الذي نشأت فيه هذا الطابع لأنه كان مؤلوفاَ فيه، وفي جل البيوت الميسورة كان هذا الحال ، ميزانية ضخمة تصرف على السيارات، ولو كان لدي الوعي الإسلامي الذي أنا به الآن لجعلتها في فعل الخير، معرض سيارات في بيتنا آل بنا في النهاية إلى عدم الالتقاء العائلي الحميم على مائدة الطعام التي هي الآن بمثابة ذكرى جميلة عشت تجربتها حين كنت صغيرة نستمع فيها لحكايات الأب الحنون وتجاربه العظيمة في الحياة، حرمنا الالتقاء مع والدي بعد اقتناء السيارة واتساع المعرض لأن لكل فرد في العائلة يدخل البيت في وقت يختلف عن الآخر، كل واحد من أفراد عائلتنا غير مرتبط بالآخر فله وقته وله مشاغله وله حريته..
واستلمت أنا زمام القيادة وتبرعت لأكون السائق في كل أمر تحتاجه الأسرة لأنني الصغرى، ولأنني كنت متحمسة للقيادة، وأحسست أني أطير بسيارتي، وفرحتي بهذه التجربة جعلت عائلتي يتكلون علي في كل شيء، فصرت كما تقولون في السعودية " المعزب أي معزب الأسرة"، وذلك بإرسالي لقضاء حوائجهم، وما هي إلا أشهر حتى تعبت ومللت القيادة وصرت أهرب من المسؤولية وأخترع الحجج التي تعفيني من أي مشوار داخل المدينة، وخاصة بعد تعرضي لمشكلات تحتاج إلى رجل يخاف علي و يقف بجانبي؛ مثلمعاكسات الشباب، وتوقف السيارة في الشارع، ومسارعة الرجال الغرباء للمساعدة مما كان يزعجني؛ لأن أضطر لطلب المعونة منهم، وكان يزعجني انتظار طابور البنزين والزحامفي الشوارع، والذهاب إلى ورشة تصليح السيارة.. لقد قضيت فترة أحسست فيها أنني الرجل وأنني مهانة وأن هذا ضد فطرتي كامرأة.
وقدر الله تعالى لي بأن أنتقل إلى بلاد الحرمين فعشت فترة من الزمن تخلل حب المملكة إلى شغاف قلبي حتى استقر في سويدائه، ولا أملك إلا الدعاء لأهلها بالخير وبالحب وبأنيحفظ الله تعالى المملكة من كل سوء.. في هذا البلد بلد الخير والعطاء تعلمت الدين الصحيح، ونهلت من نبعه الصافي المتدفق المروي لكل ظمآن والدال لكل حيران، وهداني الله تعالى إلى الطريق المستقيم فذقت حلاوة إيمان ليس بعدها حلاوة، وكنت أقول لنفسي لو أن نساء الغرب ذاقوا هذه الطمأنينة والهدوء الذي تجده النساء السعوديات لحاربوهن عليه بالسيف، وفعلا قدر الله لي أن أدرس شريعة الله تعالى في المملكة ولإتقاني اللغة الإنجليزية والفرنسية قمت بالدعوة إلى دين الله تعالى ، ودعوت نساء فاضلات أمريكيات وغيرهن أسلمن وتركن وراءهن حياه الغرب الصاخبة، ودموعهن تسيل ندما على ما مضى من سنين العمر التي عشنها في بلاد لا تعرف للمرأة حرمة ولا رحمه ولا احتراما، ويعاملونها كمتاع، وقد ذكرن لي أن مساواة المرأة بالرجل وصلت إلى حد سيئ جدا لا يطاق، حتى غدت المرأة تعمل آلة ليلا ونهارا لتأمين لقمة العيش، ونست نفسها وحقها بأن تكون أماً وتتمتع بأطفال وبيت وتحلم بإنشاء جيل عظيم ، وذكرن لي مدى تسلط الرجال عليهن وابتزازهن إن كان أجنبيا، وإهانتهن المستمرة،إن كان زوجًا بالضرب إن لم تحضر له لقمة العيش التي هي مقسمه بالتساوي بينه وبينها، وما ذكرنه لي يبدو أنه صار ظاهرة حتى اطلعت على دراسة إحصائية بإحدى الجامعات الأمريكية تثبت ذلك، ونُشرت هذه الدراسة بعنوان ( أمريكا تصلي أم لا تصلي – لديفيد بارتون ) ، لذا فإني أنشر بعضاً منها لتحمدن الله تعالى أيها السعوديات على ما أنعم به عليكن من نعم تتمناها أي امرأة في العالم الغربي والشرقي:
أن80 % من النساء الأمريكيات يتعرضن للاغتصاب مرة واحدة على الأقل في حياتهن..!! عدد النساء اللاتي يغتصبن كل يوم يتجاوز ال 1900 فتاة ونتيجة لذلك فإن حوالي 30 % من الفتيات الأمريكيات يتعرضن للحمل أو الإجهاض أو الولادة في سن الرابعة عشر.
وجريمة ضرب النساء في الولايات المتحدة تُعد في أعلى معدلاتها في العالم.،وهذا وغيره كان نتيجة لإخراج المرأة من مملكتها وتحررها من قيام الرجل عليها.
دولة التحضر أمريكا تنادى بالحرية وتسعى جاهدة مع أبواقها لتحرير النساء السعوديات كما يزعمون، والله ما هي إلا تدمير للنساء السعوديات، وتدمير لحصن الأسرة المنيع وقلب للفطرة السليمه، وهذه خططهم مكشوفة لكل عاقل.
لقد تنقلت كثيرا في العالم وزرت بلادا كثيرة وأقمت في بلدان عديدة ، ورأيت الحريات المزعومة التي تسئ للمرأة وعفتها، وتذللها للرجل ليستمتع بها بالمجان، وحقيقة قدت السيارة في بلدان أجنبيه كثيرة، وتعرفت على نساء كثيرات كان أكثر شيء يجذبهن ويتمنينه العائلة والترابط الأسرى، يجذبهن صلة الأرحام، يجذبهن عاداتنا وتقاليدنا التي استوحيناها من الكتاب والسنة، وهذا بفضل الله ومنه موجود في المجتمع السعودي بامتياز، وكن من زار السعودية منهن يحسدن السعوديات ويقلن لي إن نساء المملكة تعلمن وبقين مكرمات معززات لا يتعبن ولا يرهقن لكثره العمل الداخلي والخارجي .
لقد عشت سنوات طويلة في المملكة العربية السعودية، تمتعت فيها بقراري معززة مكرمة في بيتي والزوج والأولاد يتولون المهام الخارجية وأنا مسئولة عن بيتي، شعور جميل وأنا في الكرسي الخلفي من السيارة مرتاحة هادئة، وهناك من أعصابه تتوتر بدلا عني من الزحمه والشوارع والمشاوير ، التى تحتاج الى أعصاب حديدية لا تتحملها المرأة. تذكرت تجربتي في تلك البلاد الخيرة وحمدت الله أن منً على فأصبحت الآن ملفعة بعباءة سوداء تغطيني من رأسي إلى أخمص قدمي أحسست بأنني في منتهى السعادة والعزة بلبسها، فو الله كانت بالنسبة لي أجمل من كل بيوت الأزياء الفرنسية وغيرها، كم أنت جميله وأنيقه يا عباءتي.. ياه لم أعد أتعرض للتعب والعناء و الإيذاء وحرق الأعصاب، وكنت أنقل تجربتي في المملكة إلى أخواتي في أنحاء العالم ، وعلمت منهن بأنهن أصبحن في الشوارع معظم وقتهن لتأمين احتياجات الأولاد لأن الزوج تعود أن يرمي ويتهرب من المسؤوليه، فهي التى تذهب بالأطفال إلى المدارس ، الطبيب ، اجتماع أولياء الأمور ، الزيارات ، والى الأسواق، وغير ذلك .
كم أنا سعيدة بهذا البلد الكريم المعطاء الذي كفل للنساء راحة ما بعدها راحة ودلالا ما بعده دلال، فخذي يا أختي في السعودية تجربة أخت لك عاشت في بلدان عدة عربية وأوربية بحكم عمل الأب ثم الزوج..أقول لك: لم أتذوق طعم الحياة السعيدة إلا في المملكه حفظها الله من كل سوء. ارفعي رأسك لأنك ترعرعت في بلاد الحرمين، وكفل لك المجتمع العزه فحافظي عليها، لقد رأيت في المملكة عادة أعجبني بقوة وهو احترام الناس للمرأة في الطابور عند المخبز أو غيره.. لا يمكن لرجل أن يقف خلف امرأة أبدا بل يقدمها الرجال عليهن لئلا تقف، بالله عليك أيتها المرأة السعودية أين أجد مثل هذه عطيها حقه في الطابور المروءة في العالم؟!لقد رأيت في السعودية من صادف امرأة في المصعد يخفض رأسه ولا يدخل معها، وينتظر مدة أطول؛ احتراما لخصوصيتها، ولئلا يحرجها، أين أجد مثل هذا التصرف النبيل؟ ما أعظم هؤلاء الرجال العظماء الذين حافظوا علينا وعلى مشاعرنا.
وجاء القدر الرباني الصعب خاطفا منى سعادتي وحبي الكبير للمملكة، بأن انتقلت إلى بلد عربي آخر منفتح بحكم عمل الزوج، وابتدأت المعاناة بقيادة السيارة وتأمين حاجات المنزل وتوصيل الأولاد بحكم انشغال الزوج، فأقضي يومي في توترات وقلق لا يعلمه إلا الله عز وجل، وأكتب هذه الخواطر وحالي لا يعلمه إلا الله تعالى من الإرهاق والتعب والتوتر.
حبيباتي السعوديات: أقسم بالذي خلقني بأن حبي للسعودية، وخوفي على نسائها جعلني أمسك قلمي وأنا ممزقة القلب الآن حين أرى من ينادى وبأعلى صوته لكي يخرج المرأة السعودية من مملكتها، لكي يحررها من حجابها لكي يعرضها للفتن والقلق والابتزاز والتوتر والمساومة والإهانة. ولا أملك لكن وللسعودية إلا الدعاء بأن يحفظ الله نساء المملكة وبناتها من كل فتنة وبلاء ودعوة باطلة، وكوني أختي السعودية حذرة من مخطط المفسدين، ولا تتنازلي عما أنت فيه من العفاف والطهر والحجاب فأقسم بالله تعالى إنك في القمة.
وأسألكن أخواتي بالدعاء لي أن يردني الله سالمة إلى المملكة العربية السعودية لأعيش فيها، وأدفن في ثراها، فو الله لقد أخذت عهدا على نفسي لئن أرجعني الله إليها لأقبلن ترابها وارضها الطيبة من محبتي لها وشوقي إليها وولهي الشديد عليها حتى قلقت في منامي، فهي البلاد التي تكفل العيش الكريم الراقي للمرأة.
أختكم بالله
ندى الفاروقي
1 رجب 1433 الموافق 23مايو 2012