أتدري ما الدرهم؟
قال سَلَمُ بنُ أبي المُعافى: كان أبي شَديدَ البُخلِ. وكان إلى جَنبِ دَارِهِ مَزرَعَةٌ فيها قِثّاء. وقد حَدثَ وأنا صَبيٌّ أنْ جاءَني صِبيانٌ أقرانٌ لي، فَطَلَبتُ مِن أبي أنْ يَهَبَ لي دِرهماً أشتَري لَهم بِهِ قِثّاء. فقالَ لي: أتعرفُ حالَ الدِّرهَم؟ كانَ في حَجَرٍ في جَبَل، فَضُرِبَ بالمعاولِ حتّى استُخرج، ثُمَّ طُحِن، ثم أُدْخـِل القِدْرَ وصُبَّ عليه الماء، وجـُمِعَ بالزِّئبقِ، ثم صُفِّيَ مِن رَقّ، ثم أُدخلَ النار فسُبك، ثم أُخرج فضُرب، وكُتب في أحد شِقَّيه: لا إله إلا الله، وفي الآخر: محمدٌ رسولُ الله. ثم حـُمِلَ إلى أمير المؤمنين، فأَمرَ بإدخاله بيتَ مالِه ووكّل به من يحرُسُه... وأنت والله أقبحُ مِن قِرد، هَوَّنتَ الدِرهم وهو طابعُ اللهِ في أرضهِ. هوَ، ويحك، عُشرُ العشرةِ، والعشرةُ عُشر المائةِ، والمائةُ عُشر الألفِ، والألفُ عُشر دِيةِ المسلم.. ألا ترى كيف انتهى الدرهمُ الذي هوَّنتَه؟ وهـَل بيوتُ الأموالِ إلا درهمٌ على درهم؟