بدأ وقت الجد ، بدأ وقت الحزم ، بدأ أهم وقت في رمضان ، إنها العشر الأواخر من ذلك الشهر ، إنها أيام فاصلة وفيها ليلة فاضلة عظيمة هي ليلة القدر وقد تظن أنك لست بحاجة لتقرأ عن ليلة القدر ولكن في هذا الموضوع أنت ستعرف شيئا جديدا بإذن الله عن ليلة القدر فتعالى معي لتعرف الجديد وأتمنى ألا تكون ليلة القدر قد مرت عليك دون أن تغتنمها كما ينبغي .
ما هي ليلة القدر ؟ .
ليلة القدر هي ليلة خير من ألف شهر بمعنى أن العبادة فيها تعدل عند الله في الأجر عبادة ألف شهر أي ( ما يزيد عن 83 سنة ) فأي خير بعد ذلك ؟ وأي فرصة هذه ؟ .
ولتقرأ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول ( إِنَّ هذا الشَّهْرَ قد حَضَرَكُمْ وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ من أَلْفِ شَهْرٍ من حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ ) رواه ابن ماجة ، فهل تريد أخي أن تكون من المحرومين في هذه الليلة ؟ بالتأكيد لا تريد وبالتالي افعل ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولتكمل باقي الموضوع لتعرف ما كان يفعله .
ما هي علاماتها ؟ .
أعطى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم علامات لهذه اللية لنعرفها فقال ( ليلة القدر ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء ) صحيح الجامع الصغير للألباني ، ومعنى الحديث أنها ليلة طيبة معتدلة وتصبح الشمس ضعيفة الضوء ولونها أحمر .
وقال صلى الله عليه وسلم ( صبيحة ليلة القدر تطلع الشمس لا شعاع لها كأنها طست حتى ترتفع ) صحيح الجامع الصغير للألباني .
متى ليلة القدر ؟ .
يظن كثير من الناس أن ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان إلا أن هذا مجرد ظن واجتهاد وليس هناك من دليل يؤكد أنها ليلة السابع والعشرين والدليل على ذلك :-
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ في الْوِتْرِ من الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ من رَمَضَانَ ) رواه البخاري .
وقول صلى الله عليه وسلم ( تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ في السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ ) رواه مسلم .
وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه كان رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُجَاوِرُ في رَمَضَانَ الْعَشْرَ التي في وَسَطِ الشَّهْرِ فإذا كان حين يُمْسِي من عِشْرِينَ لَيْلَةً تَمْضِي وَيَسْتَقْبِلُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ رَجَعَ إلى مَسْكَنِهِ وَرَجَعَ من كان يُجَاوِرُ معه وَأَنَّهُ أَقَامَ في شَهْرٍ جَاوَرَ فيه اللَّيْلَةَ التي كان يَرْجِعُ فيها فَخَطَبَ الناس فَأَمَرَهُمْ ما شَاءَ الله ثُمَّ قال (كنت أُجَاوِرُ هذه الْعَشْرَ ثُمَّ قد بَدَا لي أَنْ أُجَاوِرَ هذه الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ فَمَنْ كان اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَثْبُتْ في مُعْتَكَفِهِ وقد أُرِيتُ هذه اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا فَابْتَغُوهَا في الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَابْتَغُوهَا في كل وِتْرٍ وقد رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ في مَاءٍ وَطِينٍ فَاسْتَهَلَّتْ السَّمَاءُ في تِلْكَ اللَّيْلَةِ) فَأَمْطَرَتْ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ في مُصَلَّى النبي صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ فَبَصُرَتْ عَيْنِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَظَرْتُ إليه انْصَرَفَ من الصُّبْحِ وَوَجْهُهُ مُمْتَلِئٌ طِينًا وَمَاءً . متفق عليه واللفظ للبخاري .
فمما سبق يتبين لنا أن ليلة القدر هي ليلة إحدى وعشرين ولكن هل هذه هي الراوية الوحيدة التي تصف ليلة القدر ؟ في الواقع لا وهناك أحاديث أخرى فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الْتَمِسُوهَا في الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ من رَمَضَانَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ في تَاسِعَةٍ تَبْقَى في سَابِعَةٍ تَبْقَى في خَامِسَةٍ تَبْقَى ) رواه البخاري ، ومعنى الحديث أن نلتمس هذه الليلة إما في ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمسة وعشرين .
وقال صلى الله عليه وسلم ( هِيَ في الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ هِيَ في تِسْعٍ يَمْضِينَ أو في سَبْعٍ يَبْقَيْنَ ) رواه البخاري ، والمعنى إما أن تكون ليلة تسع وعشرين أو ثلاث وعشرين .
وعن زِرَّ بن حُبَيْشٍ يقول سَأَلْتُ أُبَيَّ بن كَعْبٍ رضي الله عنه فقلت إِنَّ أَخَاكَ بن مَسْعُودٍ يقول من يَقُمْ الْحَوْلَ يُصِبْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فقال رَحِمَهُ الله أَرَادَ أَنْ لَا يَتَّكِلَ الناس أَمَا إنه قد عَلِمَ أنها في رَمَضَانَ وَأَنَّهَا في الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَأَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ ثُمَّ حَلَفَ لَا يَسْتَثْنِي أنها لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فقلت بِأَيِّ شَيْءٍ تَقُولُ ذلك يا أَبَا الْمُنْذِرِ قال بِالْعَلَامَةِ أو بِالْآيَةِ التي أخبرنا رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنها تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ لَا شُعَاعَ لها . رواه مسلم .
وعن بن عباس رضي الله عنه قال دعا عمر رضي الله عنه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألهم عن ليلة القدر فأجمعوا أنها في العشر الأواخر فقلت لعمر إني لأعلم وإني لأظن أي ليلة هي قال وأي ليلة هي قلت سابعة تمضي أو سابعة تبقى من العشر الأواخر قال ومن أين تعلم قال قلت خلق الله سبع سماوات وسبع أرضين وسبعة أيام وأن الدهر يدور في سبع وخلق الإنسان فيأكل ويسجد على سبعة أعضاء والطواف سبع والجبال سبع فقال عمر رضي الله عنه لقد فطنت لأمر ما فطنا له . رواه البيهقي وغيره . فمما سبق يتبين لنا إنها ربما تكون ليلة ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين ولكن أي ليلة تحديدا هي ؟ .
في الواقع لا إجابة واضحة ومحددة عن هذا السؤال وربما لا تعلم أن في ليلة القدر أكثر من أربعين قولا من أقوال العلماء وأذكر منها من قال أن ليلة القدر هي ليلة تنتقل بين الليالي الوتر من العشر الأواخر أي أنها تكون مرة ليلة إحدى وعشرين ثم مرة ليلة سبع وعشرين ثم ثلاث وعشرين وهكذا ويقول الشافعي رحمه " كان المصطفى يجيب على نحو ما يسأل يقال له نلتمسها في ليلة كذا فيقول التمسوها في ليلة كذا فعلى هذا تنوع إخبار كل فريق من العلم" وتنوع الأخبار وإخفاء هذه الليلة يهدف لأن يجتهد الناس في كل الليالي وإلا عكفوا على ليلة بذاتها وأهملوا الباقي .
ماذا نفعل في ليلة القدر ؟ .
عن عائشة رضي الله عنها قالت يا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إن عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ما أَقُولُ فيها قال (قُولِي اللهم إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي ) رواه الترمذي وغيره .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ . متفق عليه . والمعنى من شد مئزره أنه يترك كل شيء يمكن أن يصرفه عن عبادته وأحيا ليله بالقيام وأيقظ أهله ليقوموا الليل أيضا حتى لا يفوتهم الأجر العظيم .
وعن عَائِشَةُ رضي الله عنها قالت كان رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجْتَهِدُ في الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مالا يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ . رواه مسلم .
في هذه الأيام التي نحن فيها الآن اجتهد في العبادة والطاعة قدر ما تستطيع فهي عشرة أيام فقط وسرعان ما تنقضي فلا تضيعها من بين يديك أخي الكريم ولا تظن أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين فالله أعلم هي أي ليلة وليتقبل الله عز وجل عبادتنا فيها وليوفقنا فيها ... اللهم آمين .
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته