إننا نعيش زمن قلب المفاهيم و خطف الأضواء و سرقة الأدوار و عدم معرفة قيمة الكلام و تبديل المواقف و تأجيج العواطف و تغييب العقل و المنطق و إعجاب كل ذي رأي برأيه و الإدعاء الباطل و كثرة التشكي و طغيان المادة و سيطرة الهوى و التعصب الأعمى و تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة .
ففي هذه الأجواء تكون الرؤية غير واضحة و بالتالي فالتسرع في اتخاذ المواقف غالبا
ما يخطأ .
و في الظلام يتم اللجوء إلى النور لرؤية الأشياء على حقيقتها و بقدر ما يكون هذا النور مضيئاً تكون الرؤية أوضح
فالحل الأمثل هو اللجوء إلى العلماء العاملين المعتدلين المتزنين التقاة الثقاة الذين تخلصوا من عبودية نفوسهم فاستنارت عقولهم و قلوبهم و بصائرهم وألهموا رشدهم في التفريق بين الحق و الباطل , ذوي الخبرة و الاختصاص و بعد النظر و فقه الواقع و يقدم اجتهاد الأغلبية على اجتهاد الآحاد.
و الثقة بهم و الأخذ بأقوالهم يكون هاما و ضروريا في الأمور الهامة و المصيرية للأمة و الأوطان و عندما يخشى من حصول تصدع في المجتمع
و خاصة في الاجتهادات التي تخالف رؤيتنا و أهوائنا فهم أحرص منا على ديننا و دنيانا
و من حفظ الله لهذا الدين فلا يخلوا جانب من جوانب الحياة (الاقتصاد و السياسة و التربية و الهندسة و الطب و الجيش و ....)
إلا و فيه أشخاص ثقاة عدول و هؤلاء الرجال هم حجة الله على الناس
و إذا صعب الوصول إليهم وأتمنى أن تقوم رابطة العالم الإسلامي بالبحث عن هؤلاء الرجال و من جميع التخصصات لتشكيل مرجعية للأمة منهم
فالنظر إلى الأفعال و النتائج و المنجزات على الأرض هي المرشد إلى صحة الإدعاء و صحة النهج و صحة الموقف
فكيف نثق بمن يرفع شعار الوحدة طوال حياته و لم يحقق جزء منها ؟؟؟
و كيف نثق بمن يرفع شعار العروبة طوال حياته و في الواقع هو ابعد ما يكون إليها ؟؟؟
و كيف نثق بمن يرفع شعار الحرية طوال حياته وفي الواقع هو ابعد ما يكون إليها ؟؟؟
و كيف نثق بمن يرفع شعار التحرير طوال حياته و لم يحرر لنا شيء ؟؟؟
و كيف نشك بمن يعلن على الملئ انتهاج الكتاب و السنة و بلده في تطور من حسن إلى أحسن و لا يدخرجهداً – قدر استطاعته- في دعم قضايا العرب و المسلمين وفي الواقع هو من أقرب الدول إلى العروبة و الإسلام و هذه السمة واضحة وضوح الشمس لا ينكرها إلا جاحد أو معاند
و الحكومات مثل الأفراد تخطأ و تصيب و تتأثر بالواقع و بمعطيات الحضارة الحديثة
فهل يوجد أحد يستطيع أن يدعي الكمال في هذا الزمن الصعب و انه يطبق الإسلام بكليته في بيته و مجتمعه ؟؟؟
و ديننا الإسلامي دين حياة
و هناك مهمة كلف الله الإنسان بها و هي عمارة الأرض و بالتالي فالمطلوب من المسلم التسديد و المقاربة و هو يقوم بعمارة الأرض و ليس تخريبها بحجة إقامة الدين
قال الله تعالى ( هو أنشاكم من الأرض و استعمركم فيها )
و ديننا صالح لكل زمان و مكان و يمكن استيعاب جميع المستجدات المعاصرة في الآتي :
- قوله تعالى )فاتقوا الله ما استطعتم (
- الضرورات تبيح المحظورات
- اختيار أخف الضررين
- تتغير بعض الأحكام بتغير الأزمان
- فقه الواقع
- و هناك أهل اختصاص للذين يفتون بالأمور المصيرية للأمة مثل الجهاد و غيره
- و هناك مقاصد سامية لديننا الإسلامي
- وهناك أولويات في تطبيق الأحكام الشرعية