النقل هو لتعويض نقص في أمر ما، هذا هو المبدأ الأساس. والنقص في كمية الدم داخل الجسم حالة تفرضها ظروف معينة تعصف بالجسم إما لضعف إنتاج الدم بالكامل أو أجزاء منه، أو لزيادة فقد كامل الدم أو أجزاء منه. من أجل هذا بدأت منذ عشرات السنين عملية نقل الدم وتطورت بشكل مضطرد بالتزأمن مع تطور باقي أفرع الطب، وتجاوز مصطلح نقل الدم اليوم مجرد أخذ الدم من شخص متبرع الى شخص محتاج ليشمل العناية بالمحافظة على الدم المأخوذ من المتبرعين وفحصه وفرز مكوناته وحفظ كل منها ونقل ما يحتاج إليه المريض بصفة محددة مما يشكو من نقصه وتصنيع مركبات تخثر الدم على هيئة مركزة تخدم مرضى يحتاجون كميات عالية منها بحجم صغير. وبرغم كل التطور الحاصل في بنوك الدم فإن أمرين مهمين لم يجد الباحثون لهما حلاً جذرياً وهما حفظ الدم لمدة طويلة والتأكد من سلامة الدم.
حينما يؤخذ الدم من المتبرع فإن أول الأمور التي تتم عليه هو فحصه للتأكد من سلامته ونظافته وخاصة من نقل عدوى الأمراض المعدية المختلفة وبشكل أدق الفيروسات، وهذه الخطوة هامة لسببين الأول التخلص منه مباشرة وبسرعة إن كان غير مناسب دون بذل أي مجهود في حفظه وتعريض المرضى لخطره أو لأي احتمال في استعماله بشكل خاطئ. والفحص بالأصل يشمل البحث عن فيروسات «أتش آي في» المسببة لمرض نقص المناعة المكتسب، وفيروسات أنواع التهاب الكبد الفيروسي «بي» و«سي» أو أمور معدية أخرى حسب كل منطقة مناطق العالم. وبرغم كل الجهد المبذول في هذا الجانب فإن أفضل الإحصائيات عن أفضل المراكز الطبية في العالم تتحدث عن احتمال انتقال مرض الإيدز بنسبة واحد لكل 4 ملايين وحدة دم منقولة، والتهاب الكبد الفيروسي «سي» بنسبة واحد لكل 3 ملايين وحدة منقولة، والتهاب الكبد الفيروسي «بي» واحد لكل 250 ألف وحدة دم منقولة، وبالرغم من هذه الإحصائيات الناصعة نسبياً إلا أن الواقع خلاف ذلك في مناطق عدة من العالم، والخوف برغم هذا التجاوز في التفاؤل بهذه الإحصائيات هو من الأمراض التي لم تعرف أسبابها بعد أو أن الفحص الروتيني لا يشملها كجنون البقر وغيرها مما نعلم أو نجهل أسبابه حتى اليوم. هذا الجانب لن يجد حلاً جذرياً مهما تقدم الطب وتقدمت وسائله والمعلومات عن الأمراض. بعد التأكد من السلامة النظرية بناء على الفحص الروتيني للدم تبدأ عمليات الفصل والحفظ، والتي برغم تقدمها إلا أن أفضل الإحصائيات أيضاً كالتي نشرت في بريطانيا حديثاً تشير الى أن 10% منه لا يتم استخدامه وتنتهي مدة صلاحيته قبل الاستفادة منه الأمر الذي يوجب التخلص منه. فصل مكونات الدم هي عملية تعتمد ببساطة على تقنية الطرد المركزي للحصول على خلايا الدم الحمراء بدرجة لا بأس بها من التركيز وكذلك سائل البلازما، خلايا الدم الحمراء تحفظ في الثلاجات عند ما يقارب 4 درجات مئوية لمدة يمكن أن تبلغ 35 يوما وبعدها لا يمكن استخدامها، والبلازما يستفاد منها من ناحيتين فهي تحتوى أمرين مهمين الصفائح الدموية ومركبات أو عوامل منع تجلط الدم، كي تستخدم البلازما في إعطاء صفائح دموية للمريض فإنها يحب أن تحرك بشكل مستمر طوال الليل والنهار وأن لا يتم تجميدها وتعيش الصفائح بهذه الطريقة مدة أقصاها خمسة أيام بعدها تتلف مكونات البلازما ويتحتم التخلص منها، أما إن أردنا التضحية بالصفائح في سبيل المحافظة على مركبات منع تجلط الدم التي يحتاجها الكثير من المرضى فإنه يلزم تجميد البلازما في أسرع وقت ذلك أن بعض عناصر تخثر الدم الهامة تتلف خلال ساعات في درجة الحرارة العادية، والمثلج من البلازما المحتوي على مركبات التخثر يمكن حفظه مدة شهور أو سنة مع ملاحظة نقص فاعليته بقدم عهده.
وبرغم إنقاذ عملية نقل الدم لأرواح الملايين خلال العقدين الماضيين وتمكينها الأطباء من إجراء عمليات كبيرة بأمان لتعويض الدم المفقود خلالها في السنوات القليلة الماضية إلا أن مستجدات فرضت إعادة طرح الصعوبات التي تواجهها بنوك الدم منها قلة التبرع أو مناسبة الدم المتبرع به للاستخدام خاصة بعد دخول عامل المكافأة المالية أو البيع من قبل طبقات تحتاج المال من مدمني المخدرات في العديد من دول العالم، كما أن تطابق خصائص وفصيلة الدم مع خصائص وفصيلة المريض المحتاج للدم أمر لم يجد بعد أي حل جذري، الحفظ المحدود الأمد برغم التقدم العلمي، احتمال نقل عدوى الأمراض الخطيرة، نقل الدم بلا مبرر طبي قوي ولازم إضافة الى عامل الاخطاء البشرية المحتمل بشكل دائم في أي من خطوات الفحص والحفظ والنقل. كل هذه الأمور وغيرها هي التي فرضت على الباحثين إيجاد وسائل بديلة للتغلب على صعوبة تأمين السيولة في بنوك الدم وضمان نظافة ما يحفظ في خزائنها.