"إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة فى الحياة الدنيا وكذلك نجزى المفترين"المعنى إن الذين عبدوا العجل سيصيبهم عقاب من خالقهم أى هوان فى المعيشة الأولى وهكذا نعاقب المجرمين،يبين الله لنا أن الله قال لموسى(ص)قل للقوم إن الذين اتخذوا العجل والمراد إن الذين عبدوا العجل سينالهم غضب من ربهم والمراد سيصيبهم سخط أى عذاب من إلههم مصداق لقوله بسورة المائدة"أن سخط الله عليهم"وذلة فى الحياة الدنيا أى خزى فى المعيشة الأولى مصداق لقوله بسورة المائدة"لهم فى الدنيا خزى"وكذلك نجزى المفترين أى بالغضب والذلة نعاقب الظالمين مصداق لقوله بسورة الأعراف"وكذلك نجزى الظالمين".
"والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وأمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم"المعنى والذين صنعوا الذنوب ثم أنابوا من بعدها أى صدقوا إن إلهك من بعد التوبة لعفو نافع،يبين الله لنا أن موسى(ص)قال للقوم:والذين عملوا السيئات أى والذين فعلوا الجرائم ثم تابوا أى عادوا للحق أى أمنوا أى أصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم والمراد إن إلهك من بعد التوبة وهى الإيمان أى الصلاح لعفو عنهم أى نافع لهم وهذا يعنى أنه سيغفر لمن تاب منهم عن عبادته للعجل.
"ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفى نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون"المعنى ولما ذهب عن موسى(ص) الغيظ أمسك الصحف وفى كتابتها نفع أى فائدة للذين لعذاب خالقهم يخافون،يبين الله لنا أن الغضب وهو الغيظ لما سكت أى ذهب عن موسى(ص)أخذ الألواح والمراد انحنى ومسك بصحف التوراة وفى نسختها والمراد فى كتابتها القول التالى :هدى أى رحمة للذين هم لربهم يرهبون والمراد التوراة نفع أى فائدة للذين هم لعذاب إلههم يخافون ومن ثم يطيعون التوراة وهذا يعنى أن الوحى يكون نافع لمن يخاف عذاب الله .
"واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم وإياى أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هى إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدى من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين"المعنى واصطفى موسى(ص) من شعبه سبعين ذكرا لموعدنا فلما أماتتهم الزلزلة قال إلهى لو أردت دمرتهم وأنا أتدمرنا بالذى طلب المجانين منا إن هى إلا امتحانك تعاقب به من تريد وترحم من تريد أنت ناصرنا فاعفو عنا أى انفعنا وأنت أحسن النافعين،يبين الله لنا أن موسى(ص)اختار من قومه والمراد اصطفى من شعبه سبعين رجلا أى ذكرا والسبب ميقات أى الموعد الذى حدده الله لهم بناء على طلب الشعب رؤية الله بقولهم كما فى سورة البقرة"وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة "فأخذتهم الرجفة أى "فأخذتكم الصاعقة"كما قال بسورة البقرة وهذا يعنى أن الله أهلك السبعين رجلا بالزلزلة فقال موسى (ص)له:رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياى والمراد إلهى لو أردت دمرتهم من قبل بسبب العجل وإياى بسبب طلبى الرؤية ،أتهلكنا بما فعل السفهاء والمراد أتدمرنا بالذى طلب المجانين ؟والغرض من القول إخبار الله بما يعلمه من قبل وهو أن السبعين رجلا لم يطلبوا الرؤية وإنما طلبها المجانين رغم ما أخبرهم موسى(ص)به من استحالة ذلك،وقال :إن هى إلا فتنتك أى إن هو إلا بلاؤك تضل به من تشاء وتهدى من تشاء أى "يعذب من يشاء ويرحم من يشاء"كما قال بسورة العنكبوت والمراد تعاقب بالسقوط فى البلاء من يسقط وترحم بالنجاح فى البلاء من يطيع حكمك ،وقال أنت ولينا أى إلهنا أى ناصرنا فاغفر لنا أى ارحمنا والمراد انفعنا أى أفدنا برحمتك وأنت خير الغافرين أى وأنت أحسن الراحمين أى النافعين لنا وهذا يعنى أنه يطلب من الله أن يتوب على القوم .
"واكتب لنا فى هذه الدنيا حسنة وفى الآخرة إنا هدنا إليك قال عذابى أصيب به من أشاء ورحمتى وسعت كل شىء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون"المعنى واجعل لنا فى هذه الأولى نفع وفى القيامة إنا أنبنا لك قال عقابى أمس به من أريد ونفعى شمل كل مخلوق فسأجعلها للذين يطيعون أى يتبعون الحق أى الذين هم بأحكامنا يصدقون ،يبين الله لنا أن موسى(ص) قال واكتب لنا فى هذه الدنيا حسنة وفى الآخرة والمراد واجعل لنا فى هذه المعيشة الأولى رحمة وفى القيامة رحمة وهذا يعنى أنه يطلب من الله حكم الدنيا والجنة فى القيامة ،وقال إنا هدنا إليك أى إنا أنبنا إليك كما قال بسورة الممتحنة"وإليك أنبنا" ومن هنا جاءت تسميتهم يهودا أى تائبين أى منيبين لله فقال الله فى وحيه لموسى(ص)عذابى أصيب به من أشاء والمراد عقابى أسلطه على من أريد وهو من كفر بى ورحمتى وسعت كل شى والمراد ورزقى شمل كل مخلوق فى الدنيا فسأكتبها للذين يتقون والمراد فسأخصصها فى القيامة للذين يطيعون حكمى وفسرهم بأنهم الذين يؤتون الزكاة أى يتبعون الطهارة وهى الحق وفسرهم بأنهم الذين هم بآيات الله يؤمنون والمراد الذين هم بأحكام الله يوقنون أى يصدقون مصداق لقوله بسورة السجدة"وكانوا بآياتنا يوقنون".
"الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذين يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت عليهم فالذين أمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى أنزل معه أولئك هم المفلحون"المعنى الذين يطيعون المبعوث المصطفى المكى الذين يلقونه مذكورا فى التوراة والإنجيل يطالبهم بالعدل ويزجرهم عن الظلم أى يحلل لهم المنافع ويمنع عنهم المفاسد ويرفع عنهم ثقلهم أى القيود التى فرضت عليهم فالذين صدقوا به وأطاعوه أى اتبعوه أى أطاعوا الوحى الذى أوحى له أولئك هم الفائزون،يبين الله لنا أن الله قال لموسى(ص)أن المكتوب لهم رحمة الله هم الذين يتبعون الرسول النبى الأمى والمراد الذين يطيعون حكم المبعوث المختار المكى وسماه أمى نسبة لأم القرى وهى مكة الذين يجدونه مكتوبا عندهم والمراد الذين يلقونه مذكورا لديهم فى التوراة والإنجيل وهذا يعنى أن محمد(ص)مذكور بالتوراة والإنجيل ذكرا واضحا لا لبس فيه وهو يأمرهم بالمعروف والمراد يطالبهم بالعدل مصداق لقوله بسورة النحل"ومن يأمر بالعدل"وفسر الله هذا فى آيتنا بأنه يحل لهم الطيبات والمراد يبيح لهم الأعمال الحسنات وينهاهم عن المنكر أى يزجرهم عن الظلم وهو السوء وهو الفساد مصداق لقوله بسورة الأعراف"وينهون عن السوء"وقوله بسورة هود"ينهون عن الفساد"وفسر هذا فى آيتنا بأنه يحرم عليهم الخبائث والمراد يمنع عليهم السيئات وهى الأعمال المنكرة وقال ويضع عنهم إصرهم وفسره بأنه الأغلال التى كانت عليهم والمراد أنه يحرم على القوم ثقلهم وهو الأحكام التى كانت تقيدهم فلا يقدرون على طاعتها ،ويبين له أن الذين أمنوا به أى صدقوا بحكمه وعزروه أى أطاعوا حكمه وفسرهم بأنهم نصروه أى اتبعوا حكمه وفسرهم بأنهم اتبعوا النور الذى أنزل معه والمراد أطاعوا الحق الذى أوحى إليه مصداق لقوله بسورة محمد"وإن الذين أمنوا اتبعوا الحق من ربهم"أولئك هم المفلحون أى الفائزون برحمة الله مصداق لقوله بسورة التوبة"وأولئك هم الفائزون".
"قل يا أيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعا الذى له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيى ويميت فأمنوا بالله ورسوله النبى الأمى الذى يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون"المعنى قل يا أيها الخلق إنى مبعوث الله لكم كلكم الذى له حكم السموات والأرض لا رب إلا هو يخلق ويهلك فصدقوا بحكم الله ونبيه المختار المكى الذى يصدق بالله وحكمه وأطيعوه لعلكم ترحمون،يبين الله لنا أنه قال لموسى(ص)قل للناس يا أيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعا والمراد إنى مبعوث الله لكم كلكم وهذا يعنى أنه مبعوث للخلق كلهم وليس لبنى إسرائيل بدليل دعوته قوم فرعون وإيمان بعضهم مثل السحرة ،وقال: الله الذى له ملك أى ميراث وهو حكم السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الجاثية"له ميراث السموات والأرض "لا إله إلا هو والمراد لا رب سوى الله يحيى أى يخلق المخلوقات ويميت أى ويتوفى المخلوقات مصداق لقوله بسورة النحل"والله خلقكم ثم يتوفاكم"فأمنوا بالله ورسوله النبى الأمى والمراد فصدقوا بحكم الله ونبيه(ص)المختار المكى الذى يؤمن بالله وكلماته والمراد الذى يصدق بحكم الله أى رسالات الله عبر العصور واتبعوه أى وأطيعوه لعلكم تهتدون أى "لعلكم ترحمون "مصداق لقوله بسورة الأنعام وهذا يعنى أن موسى يطلب من المؤمنين برسالته أن يؤمنوا بمحمد(ص)ويطيعوه ويوصوا أولادهم بالإيمان به وطاعته إن بعث فى عصرهم .
"ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون "المعنى ومن شعب موسى(ص)جماعة يحكمون بالعدل أى به يتعاملون،يبين الله لنا أن من قوم أى شعب موسى (ص) أمة يهدون بالحق أى يحكمون بالعدل وهو التوراة مصداق لقوله بسورة المائدة "إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار "وفسر هذا بأنهم به يعدلون أى بالحق يتعاملون فى حياتهم .
"وقطعناهم اثنتى عشرة أسباطا أمما وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن أنفسهم يظلمون"المعنى وقسمناهم اثنتى عشر قسما طوائف وألقينا لموسى(ص)حين طلب الشرب شعبه أن ضع عصاك على الجبل فخرجت منه اثنا عشر نهرا قد عرف كل قسم نهرهم ورفعنا عليهم السحاب وأعطينا لهم المن أى السلوى اطعموا من نافعات الذى أعطيناكم وما أضرونا ولكن كانوا أنفسهم يضرون ،يبين الله لنا أنه قطع أى قسم بنى إسرائيل أسباطا أمما والمراد أقساما طوائف والمراد أنه قسمهم على أساس أولاد يعقوب(ص)الإثنا عشر ،ويبين لنا أنه أوحى أى ألقى لموسى(ص)إذ استسقاه قومه والمراد حين طلب الشرب شعبه:أن اضرب بعصاك الحجر والمراد أصب بعصاك الجبل فلما وضع العصا على الجبل انبجست أى انفجرت مصداق لقوله بسورة البقرة"فانفجرت اثنتا عشرة عينا " والمراد خرج من الجبل اثنا عشر نهرا قد علم كل أناس مشربهم والمراد قد عرفت كل طائفة نهرهم ،ويبين لنا أنه ظلل على القوم الغمام والمراد وضع فوق بنى إسرائيل السحاب حتى لا يتعرضوا لأشعة الشمس الحارقة فى الصحراء،ويبين لنا أنه أنزل عليهم المن وهو السلوى والمراد وخلق لهم طعام يسمى المن وهو نفسه السلوى لقولهم بسورة البقرة"لن نصبر على طعام واحد"ويقال أنه طير والله أعلم ويطلب الله منهم أن يأكلوا من طيبات ما رزقناهم والمراد أن يطعموا من منافع الذى أعطاهم وهو المشرب والمن أى السلوى ويبين لنا أنهم ما ظلموا الله أى ما أضروا الله بكفرهم مصداق لقوله بسورة آل عمران"إنهم لن يضروا الله شيئا"ولكن كانوا أنفسهم يظلمون والمراد ولكن كانوا أنفسهم يضرون بإدخالها النار.
"وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطيئاتكم سنزيد المحسنين "المعنى وقد قيل لهم ادخلوا هذه البلدة وانتفعوا بها حيث أردتم وقولوا غفرانك أى افتحوا البلد طائعين نمحو لكم ذنوبكم سنعطى المصلحين،يبين الله لنا أنه قال لبنى إسرائيل :اسكنوا هذه القرية أى "ادخلوا هذه القرية"كما قال بسورة البقرة والمراد أقيموا فى الأرض المقدسة وكلوا منها حيث شئتم والمراد انتفعوا منها حيث أردتم وهذا يعنى أن يقيموا بالبلدة وينتفعوا بكل ما فيها وقال وقولوا حطة أى غفرانك وهذا يعنى أنه يطلب منهم أن يستغفروه لذنوبهم وقال ادخلوا الباب سجدا والمراد افتحوا البلد طائعين وهذا يعنى أنه يطلب منهم الهجوم على الأرض المقدسة متبعين أوامره والسبب أن يغفر لهم خطاياهم أى يترك عقابهم على ذنوبهم مصداق لقوله بسورة آل عمران"يغفر لكم ذنوبكم "ويبين لهم أنه سيزيد المحسنين أى سيعطى المصلحين عطاء مستمر.
"فبدل الذين ظلموا قولا غير الذى قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا يظلمون"المعنى فقال الذين كفروا كلاما سوى الذى أمروا به فبعثنا عليهم عذابا من السحاب بالذى كانوا يكفرون،يبين الله لنا أن الذين ظلموا أى كفروا بحكم الله بدلوا قولا غير الذى قيل لهم والمراد قالوا كلاما غير الذى طالبهم الله به وهو حطة فقالوا كما عند البعض والله أعلم بصحتها حبة فى حنطة فكانت النتيجة أرسلنا عليهم رجز من السماء والمراد بعثنا عليهم عقاب من السحاب أهلكهم بما كانوا يظلمون أى "بما كانوا يفسقون"كما قال بسورة البقرة والمراد أن السبب فى هلاكهم الظلم أى الفسق أى الكفر.
"وسئلهم عن القرية التى كانت حاضرة البحر إذ يعدون فى السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون"المعنى واستفهم منهم عن البلدة التى كانت مطلة على الماء إذ يخالفون فى السبت حين تجيئهم حيتانهم يوم راحتهم قصدا ويوم لا يستريحون لا تجيئهم هكذا نختبرهم بالذى كانوا يكفرون،يطلب الله من نبيه(ص)أن يسأل والمراد أن يستفهم من بنى إسرائيل عن القرية التى كانت حاضرة البحر والمراد عن البلدة التى كانت مطلة على شاطىء البحر إذ يعدون فى سبتهم والمراد حين يعصون أمر الراحة فى يوم السبت بصيدهم للحيتان إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا والمراد وقت تجيئهم يوم راحتهم عمدا وهذا يعنى أن الله كان يأمر السمك بالذهاب لساحل القرية يوم السبت فقط ويوم لا يسبتون لا تأتيهم والمراد ويوم لا يستريحون لا تجيئهم وهذا يعنى أن فى أيام العمل وهو الصيد كانت تمتنع عن المجىء ومن ثم كان الناس سيموتون بسبب قلة عقلهم فلم يبحثوا عن عمل أخر غير الصيد يقتاتون منه وهكذا نبلوهم أى نختبرهم أى نمتحنهم لنرى هل سيعصون حكم الله أى يطيعونه ويبحثون عن مصدر أخر للرزق والسبب فى هذا البلاء ما كانوا يفسقون أى يظلمون أى ما كانوا يكفرون.
"وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يهتدون"المعنى وقد قالت جماعة منهم لم تنصحون جماعة الله مفنيهم أى معاقبهم عقابا عظيما قالوا براءة لربكم ولعلهم يطيعون،يبين الله لنبيه(ص)أن أمة أى جماعة من أهل القرية قالت لجماعة أخرى:لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا والمراد لماذا تنصحون ناسا الله معذبهم أى معاقبهم عقابا كبيرا ،وهذا يعنى أنهم يقولون لهم أن نصيحتهم لن تنفعهم ولن تنقذهم من الهلاك أى العذاب الدنيوى فقالت الجماعة الواعظة:معذرة إلى ربكم أى براءة من ذنب عدم النهى عن المنكر والمراد عمل لأمر الله بالوعظ ولعلهم يتقون أى يطيعون الوعظ،فهم يعظون المعتدين استجابة لأمر الله بالنهى عن المنكر ومن أجل احتمال أنهم قد يطيعون أمر الله.
"فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون "المعنى فلما تركوا طاعة ما وعظوا به أنقذنا الذين يبتعدون عن المنكر وعاقبنا الذين اعتدوا بعقاب شديد بالذى كانوا يكفرون،يبين الله لنبيه(ص)أن المعتدين لما نسوا ما ذكروا به والمراد لما تركوا طاعة الذى أمروا به من ترك الصيد فى السبت أنجى الله الذين ينهون عن السوء والمراد أنقذ الله الذين يبتعدون عن الكفر وهو مخالفة الله وأخذ الذين ظلموا بعذاب بئيس والمراد وعاقب الذين كفروا أى اعتدوا بعقاب شديد والسبب ما كانوا يفسقون أى يظلمون مصداق لقوله بسورة الأعراف"بما كانوا يظلمون" أى يعتدون.
"فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم "المعنى فلما فعلوا الذى زجروا عنه قلنا لهم أصبحوا قردة باقين وحين حكم إلهك ليرسلن عليهم من يذيقهم أشد العقاب إن إلهك لشديد العذاب وإنه لعفو نافع ،يبين الله لنبيه(ص)أن المعتدين لما عتوا عن ما نهوا عنه والمراد لما خرجوا عن الذى زجروا عنه وهذا يعنى أنهم فعلوا ما أمروا بالبعد عنه فقال الله لهم :كونوا قردة خاسئين أى أصبحوا قردة باقين وهذا يعنى أنه حول أجسامهم لأجسام قردة طوال فترة حياتهم ،ويبين له أن تأذن ربه ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة والمراد إنه قد حكم إلهه ليرسلن لهم حتى يوم البعث من يسومهم سوء العذاب والمراد من يذيقهم أشد العقاب وهذا يعنى أنهم بعد حياتهم فى الدنيا يدخلون نار البرزخ فتعاقبهم الملائكة ،ويبين الله له أنه سريع العقاب أى "شديد العذاب"كما قال بسورة البقرة والمراد أنه عظيم العذاب لمن يكفر به وأنه غفور رحيم أى عفو نافع لمن يؤمن به ويطيعه.
"وقطعناهم فى الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم غير ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون "المعنى وقسمناهم فى البلاد طوائفا منهم المسلمون ومنهم الكافرون واختبرناهم بالمنافع والأضرار لعلهم يتوبون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه قطع اليهود فى الأرض أمما والمراد أنه وزع اليهود فى بلاد الأرض فرقا منهم الصالحون وهم المسلمون ومنهم غير ذلك وهم القاسطون أى الكافرون كما قال فى تقسيم الجن بسورة الجن"وإنا منا المسلمون ومنا القاسطون" وبلاهم بالحسنات والسيئات والمراد اختبرهم بالخير وهو المنافع والشر وهو الأضرار مصداق لقوله بسورة الأنبياء"ونبلوكم بالشر والخير فتنة"والسبب لعلهم يرجعون أى يتوبون أى يعودون للحق أى يتضرعون مصداق لقوله بسورة الأنعام"لعلهم يتضرعون".
"فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون"المعنى فأتى من بعد وفاتهم نسل أخذوا الميثاق يأكلون متاع هذا القريب ويقولون سيعفو عنا وإن يجيئهم متاع شبهه يأكلوه ألم يفرض عليهم عهد التوراة أن لا يزعموا على الله سوى العدل وعلموا ما فيه وجنة القيامة أفضل للذين يطيعون حكم الله أفلا تفهمون؟،يبين الله لنبيه(ص)أن بعد ذلك الجيل من بنى إسرائيل خلف من بعدهم خلف والمراد جاء من بعد وفاتهم جيل ورثوا الكتاب أى علموا الوحى من توراة وغيرها من كتب رسلهم وهى عهد الله وهم يأخذون عرض هذا الأدنى والمراد يأكلون متاع هذه الدنيا بالباطل ويقولون سيغفر لنا أى سيعفو عنا وهذا يعنى أنهم من كذبهم يكررون نفس الفعل باستمرار ويحسبون أن الله سيعفو عنهم كل مرة وإن يأتهم عرض مثله والمراد وإن يجيئهم متاع مثله أى شبهه من متاع الدنيا يأخذوه أى يأكلوه بالباطل ،ويسأل الله ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق والمراد ألم يفرض عليهم عهد التوراة ألا ينسبوا إلى الله سوى الصدق؟والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن القوم نسبوا إلى الله الكذب وهو هنا غفران الذنوب لهم مع إصرارهم على فعلها ويبين الله لنا أنهم درسوا ما فيه أى علموا الذى فى عهد التوراة ومع هذا فعلوا الباطل الذى حرمه ويبين لنا أن الدار الآخرة وهى أجر القيامة ممثل فى الجنة هو نصيب الذين يتقون أى يتبعون الحق وفى هذا قال بسورة يوسف"ولأجر الآخرة خير للذين أمنوا وكانوا يتقون"ويسأل أفلا يعقلون أى"أفلا يبصرون"كما قال بسورة السجدة والغرض من السؤال إخبارهم أن الواجب عليهم فهم العهد ومن ثم طاعته وليس عصيانه.
"والذين يمسكون الكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين"المعنى والذين يطيعون الوحى أى اتبعوا الدين إنا لا نخسر ثواب المحسنين،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين يمسكون الكتاب أى يتلون أى يطيعون الوحى مصداق لقوله بسورة البقرة"الذين أتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته"وفسرهم بأنهم أقاموا الصلاة أى اتبعوا الدين مصداق لقوله بسورة الشورى"أن أقيموا الدين"هؤلاء لا يضيع الله أجرهم والمراد لا يخسر ثواب المصلحين وهم المحسنين مصداق لقوله بسورة التوبة "إنا لا نضيع أجر المحسنين".
"وإذ نتقنا الجبل أعلاهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما أتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون"المعنى وقد رفعنا الجبل أعلاهم كأنه غمامة واعتقدوا أنه ساقط عليهم اتبعوا الذى أوحينا لكم بعزم أى أطيعوا الذى فيه لعلكم ترحمون،يبين الله لنبيه(ص)أنه نتق الجبل أعلاهم والمراد رفع جبل الطور فوق رءوسهم كأنه ظلة أى سحابة وفى هذا قال بسورة البقرة"وإذ رفعنا فوقكم الطور"فظنوا أنهم واقع بهم أى فاعتقدوا أنه ساقط عليهم والمراد اعتقدوا أنه مهلكهم فقال الله لهم خذوا ما أتيناكم بقوة أى أطيعوا الذى أوحينا لكم بنية خالصة وفسر هذا بقوله واذكروا ما فيه والمراد اتبعوا الأحكام التى فيه لعلكم تتقون أى تفلحون مصداق لقوله بسورة الأنفال"لعلكم تفلحون"والمراد لعلكم ترحمون بدخول الجنة.
"وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون"المعنى وقد أخرج إلهك من أولاد آدم(ص)من أنفسهم مواثيقهم وأقرهم على أنفسهم ألست بإلهكم قالوا بلى أقررنا كى لا تقولوا يوم البعث إنا كنا بهذا جاهلين أو تقولوا إنما كفر آباؤنا من قبل وكنا نسل من بعد وفاتهم أفتعذبنا بما صنع الكافرون وهكذا نبين الأحكام ولعلهم يتوبون،يبين الله لنبيه(ص)أنه أخذ من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم والمراد أنه فرض على أولاد آدم(ص)على أنفسهم ميثاقهم وهذا يعنى أن الله واثق كل إنسان على ذرية أى ميثاق هو عبادة الله وحده وقد أخذ الميثاق من ظهر أى نفس كل إنسان عن طريق إبلاغه الوحى الإلهى فى عصره عن طريق رسله وكتبه وفى هذا قال بسورة المائدة "واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذى واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا"وأشهد الله الناس على أنفسهم والمراد وأقر الله الناس لما سألهم ألست بربكم أى ألست بإلهكم فأجابوا بلى شهدنا أى أقررنا أنك إلهنا والسبب فى أخذ الميثاق على الناس هو ألا يقولوا يوم القيامة أى البعث: إنا كنا عن هذا غافلين أى جاهلين والمراد لم يخبرنا أحد بوجوب عبادة الله وحتى لا يقولوا إنما أشرك أى كفر آباؤنا وكنا ذرية أى نسل من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون والمراد هل تعذبنا بالذى عمل الكافرون؟وهذا يعنى أنه سد على الكفار منافذ الحجة وهى وصول الوحى والإعتذار بالغير ويبين أنه بهذا يفصل الآيات أى يبين الأحكام للكل والسبب لعلهم يرجعون أى يعودون للحق والخطاب للنبى(ص).
"واتل عليهم نبأ الذى أتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين"المعنى وأبلغ لهم قصة الذى أعطيناه أحكامنا فخرج عليها أى أضلته الشهوة فكان من الكافرين،يطلب الله من نبيه(ص)أن يتلو نبأ والمراد أن يقص قصة الذى أتيناه آياتنا أى الذى أعطيناه أحكامنا فانسلخ منها أى كفر بها مصداق لقوله بسورة مريم"الذى كفر بآياتنا"والمراد عصى الأحكام وفسره الله بأنه اتبعه الشيطان أى أضلته الشهوة مصداق لقوله بسورة النساء"الذين يتبعون الشهوات"فكان من الغاوين أى الكافرين مصداق لقوله بسورة ص"وكان من الكافرين" والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون"المعنى ولو أردنا لرحمناه بها ولكنه تمسك بمتاع الدنيا أى أطاع شهوته فشبهه كشبه الكلب إن تهجم عليه ينهج وإن تدعه ينهج ذلك شبه الذين كفروا بأحكامنا فأبلغ الأحكام لعلهم يفقهون،يبين الله لنبيه(ص)أنه لو شاء لرفع الرجل بها والمراد لو أراد لرحم الرجل بطاعته لحكم الله ولكنه أخلد إلى الأرض أى تمسك بمتاع الدنيا وفسر هذا بأنه اتبع هواه أى أطاع شهوته مصداق لقوله بسورة النساء"الذين يتبعون الشهوات"فمثله كمثل الكلب والمراد شبهه كشبه الكلب إن تحمل عليه يلهث والمراد إن تضربه يتنفس بصوت والكافر لو ضربه الله بالأذى لا يترك كفره كالكلب لا يترك اللهاث عند ضربه وإن تتركه يلهث والمراد وإن تدعه سليما ينهج أى يتنفس بصوت والكافر لو تركه الله بلا أذى فى خيره لتمسك بكفره كتمسك الكلب بلهاثه ،ويبين لنا أن ذلك مثل الذين كذبوا بآياتنا أى شبه الذين كفروا بأحكام الله ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقصص القصص والمراد أن يبلغ الأحكام للناس والسبب لعلهم يتفكرون أى يفهمون فيطيعون الوحى.
"ساء مثلا القوم الذين كفروا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون"المعنى قبح جزاء الناس الذين كذبوا بأحكامنا أى أنفسهم كانوا يبخسون،يبين الله لنبيه(ص)أن مثل وهو جزاء القوم الذين كفروا بآياتنا والمراد الناس الذين كذبوا بأحكام الله ساء أى قبح وهو النار وفسر هذا بأنهم أنفسهم كانوا يظلمون أى يهلكون مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن يهلكون إلا أنفسهم"والمراد يبخسون أنفسهم حقها وهو الجنة .والخطاب للنبى(ص)
"من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون"المعنى من يثيب الله فهو المرحوم ومن يعاقب فأولئك هم المعذبون،يبين الله لنبيه(ص)أن من يهد الله فهو المهتد والمراد أن من يثيب الله يكون هو المرحوم أى داخل الجنة وأما من يضلل أى يعاقب فهم الخاسرون أى المعذبون فى النار والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولقد ذرأنا لجهنم كثير من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم أذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون"المعنى ولقد بعثنا للنار كثير من الجن والناس لهم عقول لا يفهمون بها أى لهم نفوس لا يعقلون بها أى لهم قلوب لا يفقهون بها أولئك شبه الأنعام أى هم أكفر وأولئك هم الكافرون،يبين الله لنبيه(ص)أنه ذرأ لجهنم كثير من الجن والإنس والمراد أنه ساق لدخول النار كثير من الجن والناس مصداق لقوله بسورة الزمر"وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا"والسبب أن لهم قلوب وفسرها بأنها أعين وفسرها بأنها أذان والمراد عقول لا يفقهون بها وفسرها بأنهم لا يبصرون بها وفسرها بأنهم لا يسمعون بها والمراد أنهم لا يفهمون بعقولهم حكم الله فيطيعونه وشبههم الله بالأنعام والمراد يشبههم فى التمتع و الأكل مصداق لقوله بسورة محمد"والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام"ويبين له أنهم أضل أى أكفر من الأنعام لأن الأنعام مسلمة فهى تعمل ما تعمله ضمن أحكام الله التى ألزمها بها ويبين أنهم الغافلون أى الكافرون بحكم الله .
"ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون فى أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون"المعنى ولله الأحكام العادلة فأطيعوه فيها واتركوا الذين يعصون أحكامه سيعاقبون بالذى كانوا يكفرون،يبين الله لنا أن له الأسماء الحسنى وهى الأحكام العادلة مصداق لقوله بسورة الأنعام"ومن أحسن من الله حكما"ويطلب الله منا أن ندعوه بها أى نطيعه فى هذا الأحكام ويطلب منا أن نذر الذين يلحدون فى أسمائه والمراد أن نترك طاعة الذين يعصون أحكامه لأنهم سيجزون ما كانوا يعملون أى سيعاقبون على ما كانوا يكسبون مصداق لقوله بسورة يونس"هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون"وما يكسبون هو الكفر والخطاب للمؤمنين.
"وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون"المعنى ومن أنشأنا طائفة يحكمون بالعدل أى به يعملون ،يبين الله لنا أن ممن خلق أى أبدع من الناس أمة يهدون بالحق والمراد طائفة يعملون بالعدل وفسر هذا بأنهم به يعدلون أى بالعدل يعملون .
" والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملى لهم إن كيدى متين"المعنى والذين كفروا بأحكامنا سنضلهم من حيث لا يشعرون أى أكيد لهم إن مكرى عظيم،يبين الله لنا أن الذين كذبوا أى "إن الذين كفروا بآيات الله"مصداق لقوله بسورة آل عمران والمراد إن الذين كفروا بأحكام الله سيستدرجهم من حيث لا يعلمون والمراد سيضلهم من"حيث لا يشعرون"كما قال بسورة النحل وهذا يعنى أنه يعطيهم الخيرات ليس خيرا لأنفسهم وإنما ليزدادوا إثما وفى هذا قال بسورة آل عمران"ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملى لهم خيرا لأنفسهم إنما نملى ليزدادوا إثما"وفسر هذا بأنه يملى لهم أى يخدعهم ويبين أن كيده متين والمراد إن مكره ناجح لا يخيب والخطاب وماقبله للنبى(ص).
"أفلم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين"المعنى هل لم يفهموا أن ما بصديقهم من جنون إن هو إلا مبلغ أمين،يسأل الله الناس أفلم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة والمراد هل لم يعلموا أن ليس بأخيهم من سفه؟والغرض من السؤال هو إخبار الكفار أن محمد (ص)ليس سفيها وهو نذير مبين أى مبلغ مخلص والمراد موصل أمين للوحى والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"أو لم ينظروا فى ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شىء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأى حديث بعده يؤمنون"المعنى هل لم يفكروا فى خلق السموات والأرض والذى خلق الله من مخلوق ؟وأن عسى أن يكون موعدهم قد دنا فبأى حكم بعده يصدقون،يسأل الله أو لم ينظروا أى يفكروا فى ملكوت أى خلق السموات والأرض وما خلق أى والذى أنشأ الله من مخلوق ؟والغرض من السؤال هو أن يفكر الناس فى خلق السموات والأرض وما خلق الله فيهما من مخلوقات حتى يصلوا إلى وجود خالق واحد لهم يستحق العبادة وحده ويبين لنا أن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم والمراد أن عسى أن يكون قد حان موعد وفاتهم فبأى حديث بعده يؤمنون والمراد فبأى حكم بعد حكم الله يصدقون؟والغرض من السؤال أن الإيمان بحكم الله واجب وأن الكفار يصدقون به عند وفاتهم حيث لا ينفعهم الإيمان.
"من يضلل الله فلا هادى له ويذرهم فى طغيانهم يعمهون"المعنى من يعاقب الله فلا منقذ له ويتركهم فى كفرهم يسيرون،يبين الله لنا أن من يضلل الله فلا هادى له والمراد أن من يبعد الله عن طريق الجنة وهو طاعة الله فلا منقذ له من النار ويبين لنا أنه يذرهم فى طغيانهم وهو خوضهم أى كفرهم يعمهون أى يلعبون مصداق لقوله بسورة الأنعام"ثم ذرهم فى خوضهم يلعبون"والمراد أن الله يترك الكفار فى كفرهم يستمرون حتى الوفاة فيموتون على كفرهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربى لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت فى السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفى عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون"المعنى يستفهمون منك عن القيامة متى موعدها قل إنما معرفة موعدها لدى إلهى لا يكشفها إلا حينها إلا هو غابت عن خلق السموات والأرض لا تجيئكم إلا فجأة يستفهمون منك كأنك عليم بها قل إنما معرفتها لدى الله ولكن معظم الخلق لا يفهمون،يبين الله لنبيه(ص) أن الكفار يسألونه عن الساعة والمراد يستفهمون منه عن موعد القيامة أيان مرساها أى متى وعد حدوثها مصداق لقوله بسورة الأنبياء"متى هذا الوعد "ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم إنما علمها عند ربى والمراد إنما معرفة موعد حدوثها خاص بإلهى لا يجليها إلا لوقتها إلا هو والمراد لا يكشفها إلا حينها إلا هو وهذا يعنى أنه لا يظهر موعد حدوث القيامة إلا ساعة حدوثها،ثقلت فى السموات والأرض والمراد غابت عن خلق السموات والأرض وهذا يعنى أن موعد حدوث القيامة خفى عن كل المخلوقات فى السموات والأرض ،لا تأتيكم إلا بغتة والمراد لا تجيئكم إلا فجأة وهذا يعنى أنها تحدث دون مقدمات تبين حدوثها لأن مقدماتها هى أحداثها ،يسألونك كأنك حفى عنها والمراد يستفهمون منك كأنك خبير بها وهذا يعنى أن الكفار يعتقدون أن محمد(ص)يعلم موعد الساعة جيدا وهو يخفيها عنهم ويطلب منه أن يقول إنما علمها أى معرفة موعد حدوث القيامة عند أى لدى الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون والمراد ولكن معظم الخلق لا يؤمنون مصداق لقوله بسورة غافر"ولكن أكثر الناس لا يؤمنون" .
"قل لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسنى السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون"المعنى قل لا أقدر لنفسى على خير ولا شر إلا ما أراد الله ولو كنت أعرف المجهول لاستزدت من النفع وما أصابنى الضرر إن أنا إلا مبلغ أى مخبر لناس يصدقون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للكفار لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا والمراد لا أحدث لذاتى خيرا أو شرا إلا ما شاء أى أراد الله وهذا يعنى أن أى عمل يعمله الإنسان سواء نافع أو ضار لا يحدث إلا إذا أراد الله أن يحدث مصداق لقوله بسورة الإنسان"وما تشاءون إلا أن يشاء الله"وقال ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء والمراد لو كنت أعرف المجهول وهو هنا المستقبل لاستزدت من النفع وما أصابنى الضرر وهذا يعنى أن محمد(ص)لا يعرف الغيب والمراد به فى سؤال الكفار موعد الساعة التى هى جزء من الغيب لأن عارف الغيب سيجلب لنفسه النفع ويمنع عن نفسه الشر عن طريق التخلص من الشر بالهروب منه أو بغيره من الأساليب ويقول إن أنا إلا نذير أى بشير والمراد مبلغ أى مخبر للوحى لقوم يؤمنون والمراد لناس يصدقون فيطيعون حكم الله والخطاب للنبى (ص)ومنه للكفار.
"هو الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن أتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين "المعنى هو الذى أنشاكم من إنسان واحد وخلق منه امرأته ليرتاح معها فلما جامعها حبلت حبلا هينا فلما كبرت نادوا الله خالقهما لئن أعطيتنا نافعا لنصبحن من الصالحين،يبين الله لنا أنه هو الذى خلقنا من نفس واحدة والمراد أبدع الناس من إنسان واحد هو آدم(ص)وجعل منها زوجها والمراد وخلق من جسم آدم (ص)امرأته والسبب ليسكن إليها والمراد ليستلذ معها،ويبين لنا أن أحد الناس لما تغشى زوجه أى لما نكاها أى جامعها حملت حملا خفيفا والمراد حبلت حبلا هينا والمراد أنه جزء صغير جدا فى رحمها وهو الثلاثة شهور الأولى حيث يكون الجنين جسما يتكون لا نفس أى لا روح فيه فمرت به والمراد فقضت مدة الحمل الخفيف بسلام فلما أثقلت أى كبرت أى دخلت فى مرحلة وضع النفس فى الجسم وهذا يعنى أن الحمل ينقسم لقسمين الحمل الخفيف وهو ثلاثة شهور والحمل الثقيل وهو الشهور الستة،ودعوا الله ربهما والمراد نادوا الله خالقهما :لئن أتيتنا صالحا والمراد لئن أعطيتنا طفلا سليما لنكونن من الشاكرين أى الصالحين مصداق لقوله بسورة التوبة"ولنكونن من الصالحين" وهذا يعنى أنهما اشترطا على الله أن يكون الولد صالحا والخطاب وما بعده للناس وما بعده.
"فلما أتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما أتاهما فتعالى الله عما يشركون" المعنى فلما أعطاهما سليما خلقا له أندادا فى الذى أعطاهما فتنزه الله عن الذى يعبدون،يبين الله لنا أن الرجل وزوجته لما أتاهما صالحا والمراد لما وهبهما الله طفلا سليما جعلا له شركاء فيما أتاهما والمراد خلقا لله أنداد فى الذى وهبهما وهذا يعنى أنهما سميا الولد باسم من أسماء الشرك وهو عبد كذا مثل عبد النبى أو عبد ود ويبين لنا أنه تعالى عما يشركون والمراد أنه أفضل من الذى يعبدون أى يصفون وهم الآلهة المزعومة مصداق لقوله بسورة الأنعام"سبحانه وتعالى عما يصفون".
"أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون" المعنى أيعبدون الذى لا يبدع مخلوقا وهم يبدعون ولا يقدمون لهم نفعا ولا أنفسهم ينفعون،يسأل الله أيشركون ما لا يخلق شيئا والمراد أيدعون الذى لا ينشىء مخلوقا وهم ينشؤن ولا يستطيعون لهم نصرا أى لا يقدمون لهم خيرا ولا أنفسهم ينصرون أى ينفعون ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الكفار يعبدون آلهة لا تقدر على خلق شىء وهم فى نفس الوقت مخلوقون خلقهم الله وهم لا يقدرون على نصر عابديهم ولا يقدرون على نفع أنفسهم .
"وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون" المعنى وإن تبلغوا لهم الحق لا يطيعوكم سيان عندكم أأبلغتموهم أم أنتم ساكتون،يبين الله لنا أننا إن ندعو الكفار للهدى لا يتبعونا والمراد إن نبلغ الكفار حكم الله لا يطيعونا أى لا يسمعونا مصداق لقوله بسورة الأعراف"وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا" ،ويبين لنا أن سواء علينا أدعوناهم أم نحن صامتون والمراد أن سيان عندهم أأنذرناهم أى أأبلغناهم بالوحى أم نحن ساكتون أى غير منذرون أى غير مبلغون للوحى مصداق لقوله بسورة البقرة"سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون"،وهذا يعنى أن إبلاغهم الوحى يتساوى بعدم إبلاغهم الوحى فى النتيجة وهى كفرهم،والمراد أن يتوقف المسلمون عن تكرار دعوة الناس إلى الوحى والخطاب للمؤمنين.
"إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فإدعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين"المعنى إن الذين تعبدون من غير الله خلق أشباهكم فنادوهم فليطيعوكم إن كنتم مؤمنين،يبين الله على لسان المؤمنين للكفار أن الذين يدعون من دون الله وهم الذين يعبدون من غير الله هم عباد أمثالكم أى خلق من خلق الله أشباهنا وهذا يعنى أن كل الآلهة المزعومة ليست سوى مخلوقات لله ويطلب منهم أن يدعوهم أى ينادونهم فليستجيبوا لكم والمراد فليحققوا مطلبهم إن كانوا صادقين أى عادلين فى قولهم والخطاب للكفار من المؤمنين .
"ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم أذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون"المعنى هل لهم بأس يتحركون به أى هل لهم قوة يعملون بها أم هل لهم أنفس يعلمون بها أى هل لهم قلوب يخبرون بها قل اعبدوا آلهتكم ثم امكروا بى ولا تترقبون ،يسأل الله ألهم أرجل يمشون بها والمراد هل لهم قوة يعملون بها وفسر هذا بقوله أم لهم أيد يبطشون بها أى هل لهم قوة يحكمون بها والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الشركاء ليس لهم قوة يحركون بها هذا الكون ويسأل أم لهم أعين يبصرون أى هل لهم نفوس يعلمون بها وفسر هذا بقوله أم لهم أذان يسمعون بها أى هل لهم قلوب يعلمون بها والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الشركاء جهلة لا يعلمون بكل شىء فى الكون ،ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم ادعوا شركاءكم أى نادوا آلهتكم المزعومة ثم كيدون أى امكروا بى فلا تنظرون أى تترقبون والمراد اطلبوا من آلهتكم إنزال العقاب بى ودبروا لى المؤامرات ثم نفذوها ولا تنتظروا وقتا بعد تدبيرها والخطاب للنبى(ص) وما بعده ومنه للكفار.
"إن ولى الله الذى نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين"المعنى إن إلهى الله الذى أوحى القرآن وهو ينصر المؤمنين،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول إن ولى أى إلهى أى ناصرى هو الله الذى أى نزل الكتاب وهو الذى أوحى الحكم ممثلا فى القرآن وهو يتولى الصالحين أى ينصر المؤمنين مصداق لقوله بسورة غافر "إنا لننصر رسلنا والذين أمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد".
"والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون "المعنى والذين تعبدون من غيره لا يقدرون على إنقاذكم ولا أنفسهم ينقذون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار والذين تدعون أى "ويعبدون من دون الله " كما قال بسورة النحل لا يستطيعون نصركم أى لا يقدرون على منع عذاب الله عنكم مصداق لقوله بسورة الأنبياء"أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا"وهذا يعنى أنهم لا يقدرون على إنقاذ القوم من عقاب الله ولا أنفسهم ينصرون والمراد لا تقدر الآلهة المزعومة على إنقاذ أنفسهم من عقاب الله والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للكفار.
"وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون"المعنى وإن تناديهم لطاعة الحق لا يطيعوا أى تعلمهم يستمعون لك وهم لا يفقهون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إن يدعو الكفار إلى الهدى والمراد إن يطالب الكفار بطاعة حكم الحق لا يسمعوا أى لا يتبعوا حكم الله مصداق لقوله بنفس السورة"وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم"وفسر هذا بقوله وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون والمراد وتعرف أنهم يستمعون لقولك وهم لا يفهمون فلا يتبعون سبيل الرشد مصداق لقوله بسورة الأعراف"وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا".
"خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين"المعنى اعمل الرحمة أى افعل المعروف أى ابتعد عن طاعة الكافرين،يطلب الله من رسوله (ص)بقوله:خذ العفو أى اعمل بالكتاب وهو الرحمة مصداق لقوله بسورة مريم"خذ الكتاب بقوة"وفسر هذا بقوله أمر بالعرف والمراد افعل الصلاة وهى الدين مصداق لقوله بسورة طه"وأمر أهلك بالصلاة"وفسر هذا بقوله أعرض من الجاهلين أى "وأعرض عن المشركين"كما قال بسورة الحجر والمراد أن يبتعد عن طاعة أديان الكافرين والخطاب للنبى (ص).
"وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم"المعنى وإما يصيبك من الشهوات وسواس فاحتمى بالله إنه خبير محيط،يطلب الله من نبيه(ص)أنه إن نزغه من الشيطان نزغ والمراد إن أصابه من الشهوات وسواس أى إن تمكن من إضلاله الهوى إضلالا فالواجب عليه أن يستعذ بالله أى يحتمى بطاعة حكم الله والمراد أن يذكر حكم الله إذا نسى مصداق لقوله بسورة الكهف"واذكر ربك إذا نسيت"ويبين له أنه سميع عليم أى خبير محيط بكل أمر والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم فى الغى ثم لا يقصرون"المعنى إن الذين أطاعوا إذا تمكن منهم وسواس من الهوى علموا فإذا هم تائبون وأصحابهم يزيدونهم فى الضلال ثم لا يألون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين اتقوا أى أطاعوا حكم الله إذا مسهم طائف من الشيطان أى إذا أصابهم وسواس من الشهوات والمراد إذا فعلوا ظلما بسبب تمكن وسواس الشهوات منهم تذكروا أى علموا الحق فإذا هم مبصرون أى مستغفرون مصداق لقوله بسورة آل عمران"الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم"وهذا يعنى أنهم يتوبون فيعودون لطاعة الحق ويبين الله له أن إخوانهم وهم أصحاب المسلمين من الكفار يمدونهم فى الغى والمراد يزيدونهم أى يوحون لهم عمل الكفر وهم لا يقصرون أى لا يألون جهدا فى إضلالهم عن الحق .
"وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلى من ربى هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون"المعنى وإذا لم تجيئهم بحكم قالوا لولا اخترته قل إنما أطيع الذى يلقى إلى من إلهى هذه أحكام من إلهكم أى رحمة أى نفع لناس يصدقون،يبين الله لنبيه (ص)إنه إن لم يأت الكفار بآية والمراد إن لم يخبر الكفار بحكم يريدونه قالوا لولا اجتبيتها والمراد هلا طلبت هذا الحكم وهذا يعنى أنهم يريدون منه أن يطلب من الله أن ينزل حكم لا يريده الله ومن ثم طالبه الله أن يقول لهم إنما أتبع ما يوحى إلى من ربى والمراد إنما أطيع الذى يلقى لى من خالقى وهذا يعنى أنه لا يختار الأحكام وإنما الله هو الذى يختارها وهو يتبع قول الله وقال هذا بصائر من ربكم أى هذه أحكام من خالقكم أى هدى أى رحمة والمراد نفع لقوم يؤمنون أى لناس يصدقون وهذا يعنى أن الوحى يفيد من يوقن به .
"وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون"المعنى وإذا تلى الوحى عليكم فاتبعوا أى فأطيعوه لعلكم تفلحون يطلب الله من المؤمنين إذا قرىء القرآن أى إذا أبلغ لهم الوحى أن يستمعوا له أى ينصتوا له والمراد أن يطيعوا ما فيه من أحكام والسبب فى تفسير الإستماع أى الإنصات بالطاعة هو أن الكفار يستمعون للقرآن مصداق لقوله بسورة الإسراء"نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك"والسبب فى طاعة القرآن لعلهم يرحمون أى يفلحون أى يدخلون الجنة والخطاب للمؤمنين .
"واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين"المعنى وردد اسم إلهك فى ذاتك تذللا ورهبة ودون الإعلان من الكلام بالنهارات والليالى ولا تصبح من الكافرين،يطلب الله من نبيه (ص)أن يذكر ربه أى يردد اسم خالقه تضرعا أى تذللا أى رهبة ودون الإعلان من الكلام بالنهارات والليالى وهذا يعنى أن يردد النبى(ص)الألفاظ الممجدة لله بطريقتين الأولى فى النفس أى فى القلب وهو ما يسمى السر والثانية وهى دون الجهر من القول أى غير الإعلان من الحديث وهو ما يسمى الصوت الخفيض وهذا الذكر يكون تذللا أى خوفا من عذاب الله وهو يتم فى وقتين الغدو وهو النهارات والآصال وهو الليالى ويطلب منه ألا يكون من الغافلين أى الكافرين والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون"المعنى إن الذين لدى إلهك لا يستعظمون على طاعته أى يطيعون أى له يطيعون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين عند الرب وهم الذين لدى كرسى العرش وحوله لا يستكبرون على عبادته والمراد لا يستعظمون على طاعته وفسر هذا بأنهم يسبحون له وفسر هذا بأن له يسجدون أى له يطيعون الحكم بالليل والنهار مصداقا لقوله بسورة الأنبياء"يسبحون الليل والنهار لا يفترون"