في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد ( فجلس وجلسنا كأن على أكتافنا
خلق الصخر وعلى رؤوسنا الطير فأزم قليلا ، والإزمام السكوت فلما رفع قال
إن المؤمن إذا كان في قبل من الآخرة ودبر من الدنيا وحضره ملك الموت فجلس
عند رأسه ثم قال : اخرجي أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى رحمة الله ورضوانه
فتنسل نفسه كما تقطر القطرة من في السقاء فإذا خرجت نفسه ( صلى عليها ) كل من بين
السماء والأرض إلا الثقلين ثم يصعد به إلى السماء فتفتح له السماء ، ويشيعه مقربوها إلى
السماء الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة إلى العرض مقربو كل سماء
فإذا انتهى إلى العرش كتب كتابه في عليين
و يقول الرب عز وجل ردوا عبدي إلى مضجعه
فيأتيه منكر ونكير يثيران الأرض بأنيابهما ويفحصان الأرض بأشعارهما فيجلسانه
ثم ( يقال ) له يا هذا من ربك ؟ فيقول ربي الله فيقولان صدقت
ثم يقال له ما دينك ؟ فيقول ديني الإسلام فيقولان صدقت
ثم يقال له من نبيك ؟ فيقول : محمد رسول الله ، فيقولان صدقت
ثم يفسح له في قبره مد بصره ويأتيه رجل حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب
فيقول : جزاك الله خيرا فوالله ما علمت إن كنت لسريعا في طاعة الله بطيئا عن معصية الله
فيقول وأنت جزاك الله خيرا فمن أنت ؟
ثم يفتح له باب إلى الجنة فينظر إلى مقعده ومنزله منها حتى تقوم الساعة
وأن الكافر إذا كان في دبر من الدنيا وقبل من الآخرة وحضره الموت ونزلت عليه
من السماء الملائكة معهم كفن ( من النار وحنوط من النار ) قال فيجلسون منه مد بصره
وجاء ملك الموت ( فيجلس ) عند رأسه ، ثم قال
أخرجي أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى غضب الله وسخطه
فتفرق روحه في جسده كراهية أن تخرج لما ترى وتعاين فيستخرجها كما يستخرج السفود
من الصوف المبلول فإذا خرجت نفسه لعنه كل شيء بين السماء والأرض إلا الثقلين ثم
يصعد إلى السماء فتغلق دونه فيقول الرب عز وجل
ردوا عبدي إلى مضجعه فإني وعدتهم أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى
فترد روحه إلى مضجعه فيأتيه منكر ونكير ( يثيران في ) الأرض بأنيابهما ويفحصان
الأرض بأشعارهما أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف فيجلسانه ثم
يقولان يا هذا من ربك ؟ يقول لا أدري ،
فينادي من جانب القبر لا دريت
فيضربانه بمرزبة من حديد لو اجتمع عليها من بين الخافقين لم تقل ويضيق عليه القبر
حتى ( تختلف أضلاعه ) ويأتيه رجل قبيح الثياب منتن الريح
فيقول جزاك الله شرا فوالله ما علمت إن كنت لبطيئا عن طاعة الله سريعا ( في ) معصية الله
فيقول ومن أنت ؟ فيقول أنا عملك الخبيث
ثم يفتح له باب إلى النار فينظر إلى مقعده حتى تقوم الساعة