قراءة فى مقال مهارة التخلص من الخجل " الرهاب الاجتماعي "
بدا كاتب المقال محمد الصغير فى مجلة شباب بمقدمة عن كون الخوف شعور عادى لدى البشر فقال:
"الخوف شعور طبيعي لدى الناس ، بل لدى جميع الكائنات الحية ، وكل إنسان يستجيب لهذا الشعور بطريقة مختلفة ، ولكن قد يزيد الخوف عن حده الطبيعي فيصبح عندئذ مرضا ، وهو ما يطلق عليه " الرهاب " ."
والخوف ليس شعورا طبيعيا عند الناس بدليل أن الطفل الرضيع لا يخاف فيقبل على مسك الأشياء والزحف نحوها لأنه يجهل ما ينتج عنها
الخوف سلوك مكتسب فالرضيع عندما يمسك بقطعة من النار أو بشىء ساخن يعرف معنى الألم وعندما يكرر فرد ما من الأفراد إخافته لا يخاف فى أول مرة ولكنه يفسر سلوك الفرد على انه إضرار به فيبكى والغريب أن هناك رضيع يضحك من سلوك معين ورضيع أخر يبكى من نفس السلوك
ولو كان الخوف شعورا عاديا ما كان النهى عنه فى كتاب الله ما فى الأقوال التالية :
"يا موسى اقبل ولا تخف إنى لا يخاف لدى المرسلون"
"ولا تخافى ولا تحزنى إنا رادوه إليك"
"لا تحزن إن الله معنا "
"ولا تحزن عليهم "
ويجب أن نفرق بين نوعين من الخوف :
الأول الخوف المحرم وهو الخوف من الناس ومن المخلوقات الأخرى
الثانى الخوف المباح وهو الخوف من عذاب لله
وفى النوعين قال تعالى :
"إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين"
والخوف لى نوعين أيضا :
الأول الخوف من
الثانى الخوف على
وفى كل من النوعين مباح ومحرم عند الله وموضوع المقال هو :
الخوف من وفى هذا قال الكاتب :
"قد يصاب الشخص بالرهاب من أشياء عديدة مثل الخوف من الأماكن المرتفعة ، أو الأماكن العامة أو الحيوانات والزواحف إلى حد لا يتناسب مع خطورة تلك الأشياء بحيث يتحول من إنسان طبيعي إلى شخص مريض لا يمكنه أداء وظائفه بشكل طبيعي ولا أن يحيا حياته مثل بقية الناس ، ولكن أشهر أنواع الرهاب التي تصيب الشباب هو الرهاب الاجتماعي أو ما يعرف بالخجل"
وما ذكره الكاتب هنا ناتج من التربية الخاطئة التى لا تعتمد منهج الله فى إعداد قوة المجتمع وهى المطلوبة فى قوله تعالى :
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
فالقوة البدنية والنفسية مطلوب تدريب الأطفال والشباب عليها وقد تناول الكاتب ما سماه الرهاب الاجتماعى فقال:
"تعريف الرهاب الاجتماعي:
هو خوف وارتباك وقلق يداهم الشخص عند قيامه بأداء عمل ما - قولاً أو فعلاً - أمام مرأى الآخرين أو مسامعهم ، يؤدي به مع الوقت إلى تفادي المواقف والمناسبات الاجتماعية"
عن تجربة أحد الزملاء كان يوجد عنده رهبة من التدخين أمام والده وبعد وفاته منذ أكثر من عشرين سنة ما زال الخوف يحدث له بعيدا عن الناس سمعا وبصرا حيث لا يدخن إلا فى دورة المياه ومن ثم فالرهبة ليس شرطا أن تكون الرهبة أمام الأخرين كما أنه ليس شرطا أن تؤدى لتفادى المواقف والمناسبات
ثم تناول ما سماه أعراض الرهاب فقال :
"أعراض الرهاب الاجتماعي:
تلعثم الكلام وجفاف الريق
مغص البطن
تسارع نبضات القلب واضطراب التنفس
ارتجاف الأطراف وشد العضلات
تشتت الأفكار وضعف التركيز"
عن تجربة فى أيام المراهقة بسن الثالثة عشر والرابعة عشر كان يصيبنى عرض أخر غير مذكور هنا وهو احمرار الوجه وسخونة الأذنين وعن تجربة أخرى مع إحدى بناتى فالعرض هو الصراخ وعن تجربة أخرى مع زوجتى فالعرض هو الاغماء ومن ثم لا يجب أن تكون الأعراض لها قائمة محددة إلا بذكر كل الأعراض التى يمكن أن تحدث
ثم يكمل الرجل ما قاله بسؤال ويجيب عليه:
لماذا تظهر الأعراض؟
"المصاب بالرهاب الاجتماعي يخاف من أن يخطئ أمام الآخرين فيتعرض للنقد أو السخرية أو الاستهزاء ، وهذا الخوف الشديد يؤدي إلى استثارةٍ قوية للجهاز العصبي غير الإرادي حيث يتم إفراز هرمون يسمى " ادرينالين " بكميات كبيرة تفوق المعتاد مما يؤدي إلى ظهور الأعراض البدنية على الإنسان الخجول في المواقف العصبية"
وما قاله عن كون الراهب يخاف من أن يخطئ أمام الآخرين ليس سليما تماما فالراهب إما يخاف من الخطأ وإما يخاف من أن يؤذى مشاعر الأخرين فمثلا البعض يستحى من قول الحق للأخرين خوفا على جرح مشاعرهم وقد ضرب الله مثلا بخوف النبى(ص) من قول الحق للناس الذى يأكلون فى بيته ويقعدون بعد الأكل ساعات وجلوسهم يؤذه وفى هذا قال تعالى :
" يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستئنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذى النبى فيستحى منكم والله لا يستحى من الحق"
وكون الأعراض التى تظهر على الخائف جسمية تخالف وجود أعراض غير جسمية كالصراخ
ثم ذكر الكاتب ما سماه أشهر المواقف التي تظهر فيها الأعراض فقال:
"التقدم للإمامة في الصلاة
إلقاء كلمة أمام الطابور الصباحي في المدرسة
التحدث أمام مجموعة من الناس لم يعتد الشخص عليهم
المقابلة الشخصية
الامتحانات الشفوية"
وهو كلام صحيح ثم ذكر الكاتب ما أسماه مضاعفات الرهاب فقال:
"جعل الشخص سلبياً ومعرضاً عن المشاركة في المواقف والمناسبات الاجتماعية
يمنعه من تطوير قدراته وتحسين مهاراته
يؤدي إلى ضياع حقوقه دون أن يبدي رأيه
يمنعه من إقامة علاقات اجتماعية طبيعية
يؤدي به إلى مصاعب حياتية ، وصراع نفسي داخلي
قد يؤدي إلى مضاعفات نفسية مثل الانطواء والاكتئاب"
وزيادة الرهاب لا تؤدى بالضرورة إلى السلبية والإعراض عن المشاركة الاجتماعية وتطوير القدرات وضياع الحقوق وغير ذلك مما قاله فالمسألة تختلف من فرد لأخر
ثم تعرض الكاتب لعلاج المشكلة فقال :
"علاج المشكلة:
أدرك هذا الأمر مبكراً قبل أن يستفحل ، ويصبح متأصلاً صعب العلاج
تدرج في مقابلة الآخرين والتحدث أمامهم بصوت مرتفع ، ويمكن أن تبدأ بمجموعة صغيرة ممن تعرفهم وتحضر كلمة قصيرة تحضيراً جيداً وتتدرب على إلقائها مسبقاً ثم تلقيها عليهم وتكرر ذلك ، ومع كل مرة تزيد من عد المستمعين لك حتى تزداد ثقتك بنفسك ويصبح الأمر شيئا طبيعياً بالنسبة لك
يمكنك الاستفادة من البرامج النفسية والسلوكية للتغلب على الخجل وهي تجرى تحت إشراف مختص في هذا الأمر ولها نتائج باهرة
عزز ثقتك بنفسك وبقدراتك
تعلم المهارات التي تمنعك من الوقوع في الحرج في المواقف الطارئة
مفتاح التغلب على الخجل الاجتماعي هو تحدي الأفكار الخاطئة التي تسيطر على الذهن عند التعرض للمواقف الاجتماعية فإذا تمكن الإنسان من تحدي تلك الأفكار والتغلب عليها فسوف يتصرف تلقائيا بصور طبيعية
تذكر دائما : لا يمكن لأحد أن يحظى بالتألق واللمعان في كل حين"
العلاج هنا قائم على الخائف نفسه والخائف وهو صغير قد لا يدرك مشكلته ومن ثم فالعلاج يبدأ فى الصغر من خلال ملاحظات الأسرة والمعلمين والجيران وكل من له علاقة بالخائف فهذا ينهى المشكلة مبكرا قبل أن يتعود عليها الراهب