بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين وآله وصحبه والتابعين
(تأخير التوبة ذنب تجب التوبة منه)
ذكر ابن القيم رحمه الله: في باب أحكام التوبة...
"من أحكام التوبة التي تشتد الحاجة إلى معرفتها ولا يليق بالعبد الجهل بها
أن المبادرة إلى التوبة من الذنب "فرض على الفور" ولا يجوز تأخيرها.فمتى أخرها "عصى " بالتأخير
(أي كان عاصيا بتأخيره للتوبة).
فإذا تاب من الذنب بقي عليه توبة أخرى وهي توبته من تأخير التوبة.
وقلّ أن تخطر هذه ببال التائب بل عنده أنه إذا تاب من الذنب لم يبق عليه شيء آخر.
وفي الحقيقة يكون قد بقي عليه التوبة من تأخير التوبة ولا ينجي من هذا إلا توبة عامة مما يعلم من ذنوبه ومما لا يعلم
فإن ما لا يعلمه العبد من ذنوبه أكثر مما يعلمه
ولا ينفعه في عدم المؤاخذة بها جهله إذا كان متمكنا من العلم (أي: في إمكانه أن يتعلم)
فإنه عاص بترك العلم والعمل، فالمعصية في حقه أشد
وفي صحيح ابن حبان: أن النبي عليه من الله أفضل الصلاة وأتم التسليم قال: "الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل. فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: فكيف الخلاص منه يا رسول الله؟ قال: أن تقول: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم"
فهذا طلب الإستغفار مما يعلمه الله أنه ذنب ولا يعلمه العبد.
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: أنه كان يدعو في صلاته: "اللهم اغفرلي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري ، وما أنت أعلم به مني. اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطأي وعمدي ، وكل ذلك عندي. اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت إلاهي لا إله إلا أنت"
وفي الحديث الآخر: "اللهم اغفر لي ذنبي كله ، دقه وجله، خطأه وعمده، سره وعلانيته، أوله وآخره"
فهذا التعميم وهذا الشمول لتأتي التوبة على ما علمه العبد من ذنوبه وما لم يعلمه.