إذاً أنت شخص لطيف وتحب وتحرص علي أن يصفك الناس هكذا
ومع ذلك إذا وأمعنت التفكير في سلوكياتك ( اللطيفة ) ستكتشف أنها في كثير من
الأحيان هي سلوكيات ( انهزامية ) كأن تقول نعم حينما كان ينبغي أن تقول لا,
أوتتظاهر بالهدوء عندما تكون غاضباً, أو تلجأ للكذب لأنك تخشى إيذاء مشاعر الآخرين,
وقد تتحمل أعباء فوق طاقاتك حتى لا تحرج شخصاً عزيزاً عليك.
أي أنك في سبيل الحفاظ على التعامل مع الآخرين بلطافة ترتكب العديد من الأخطاء
التي قد تؤثر بطريقة سلبية على عملك وعلاقاتك الاجتماعية.
ومن أكبر الأخطاء التي يقع فيها من يتسم بـ اللطافة هي النزعة إلى الكمال مما
يفرض ضغوطاً كبيرة عليه,ويتطلب مجهودا مضنيا منه لاثبات الذات,
والقيام بالمهام المختلفة على أكمل وجه, فضلاً عن الإرضاء الدائم للآخرين.
ويجب هنا توضيح أن محاولة الوصول للكمال في حد ذاتها ليست عيباً ولكنها
تصبح خطأ عندما تدفعك لوضع معايير غير واقعية لنفسك,أو تكبدك ما لا تتحمل
من مجهود أو وقت أو مال, أو عندما تصبح هاجساً لدرجة تعرقل أداءك لعملك.
وأول خطوة لتصحيح هذا الخطأ هو الإيمان( وليس مجرد ترديد العبارة ) بأنه لا
يوجد أحد كامل وتقبل نواحي القصور لديك, يأتي بعد ذلك إدراك أن الكمال ليس
هو الطريق الوحيد لحيازة قبول الآخرين.
وبجانب النزعة للكمال يلخص ديوك روبنسون في كتابه ( لا تكن لطيفاً أكثر من
اللازم ) أخطاء أخري يقع فيها الناس اللطفاء بشكل يومي منها:
القيام بالتزامات أكبر من طاقتك:
عادة دون أن نشعر يوقعنا اللطف في مأزق, إما أن نقول لا لشخص عزيز يطلب
منا شيئاً فنشعر بالأنانية والذنب, أو نحاول القيام بكل ما يطلب منا فنستنزف
طاقتنا.
عدم قول ما تريد:
وربما تلجأ لذلك لأنك تعتقد أنه غير مناسب اجتماعياً, أو لا تريد أن تظهر بمظهر
الضعيف, أو تخشى الرفض أو لا تريد أن تسبب حرجاً لمن تحب.وفي كل الأحوال
فإن عدم الإفصاح عن مشاعرك ومتطلباتك وكبت ما تريد في سبيل الآخرين
سيؤدي بك إلى المرض النفسي والعضوي كما قد تتبدد ملامح شخصيتك.
كبت غضبك:
المقصود هنا هو الإبقاء على هدوء الأعصاب في حين أن داخلك يغلي نتيجة
استغلال الآخرين لك أو إيذائهم لمشاعرك وهو ما يعتبر نوعاً من التزييف
والكذب على النفس وعلى الآخرين، والدعوة لعدم كبت غضبك لا تعني أبداً أن
تثور كالبركان, كل ما عليك أن تظهر للآخرين أن ذلك التصرف يضايقك حتى لا
يكررها.
التهرب من الحقيقة:
حرصاً على أن تكون لطيفاً دائماً فإنك كثيراً ما تتهرب من قول الحقيقة حتى لا
تحرج الآخرين ولكن ذلك لا يفيدك ولا يفيدهم، عليك قول الحقيقة بتواضع
وحساسية.
فعلى سبيل المثال: إذا سألتك زوجتك عن رأيك في صينية البطاطس التي لم
تعجبك, لا داعي لأن تكذب وتقول إنها كانت رائعة, ولا داعي أيضاً أن تكون فظاً
وتقول إنها كانت سيئة, بل يمكنك الإجابة بأنك عادة تحب البطاطس من يدها ولكن
طعمها هذه المرة كان مختلفا بعض الشيء. وهكذا تكون قد خرجت من المأزق
بأقل الخسائر.
الأشخاص اللطفاء غالباً ما يفعلون الأشياء التي يتوقعها الآخرون منهم،
ويحاولون إرضاء متطلباتهم، دون أن يؤذوا مشاعرهم، ودون أن يفقدوا
أعصابهم. وعندما يهاجمهم الآخرون بغير تعقل، يحافظون على لطفهم وهدوئهم.
غير أن هؤلاء الأشخاص اللطفاء كلّما أمعنوا في التصرف بهذه النوايا الحسنة،
ومساعدة الآخرين، وتحدثوا وتصرفوا بكل هذا المستوى الرائع من اللباقة،
ينتابهم شعور بعد ذلك بالإرهاق والإحباط وعدم الثقة بالنفس.
إن هذه السلوكيات التي يسلكها الأشخاص اللطفاء بنية حسنة، وبطريقة معتادة
لديهم، تؤثر بطريقة عكسية على علاقاتهم، وتنتزع البهجة من حياتهم.
بعد يوم تعترض هذه السلوكيات طريقنا، تصيبنا بالجنون، وتسرق وقتاً وطاقة
ثمينتين هما أثمن ما نملك، وتلخص هذه السلوكيات بتسعة أخطاء ذات نتائج
عكسية، وهي جديرة بالاهتمام لأننا بقليل من التفكير والجهد نستطيع التوقف عن
فعلها:
• أن نحرر أنفسنا من الالتزام بما يتوقعه الآخرون منا مما لسنا مقتنعين به.
• أن نقول: لا، عند الضرورة، وأن نقي أنفسنا من تحمُّل ما لا تطيق.
• أن نخبر الآخرين بما نريده منهم، وأن نتلقاه فعلاً.
• أن نعبر عن غضبنا بطريقة تداوي، وتصون علاقتنا.
• أن نستجيب بصورة فعالة حين يهاجمنا الناس أو ينتقدوننا بلا تعقل.
• أن نخبر أصدقاؤنا بالحقيقة حينما يخذلوننا.
• أن نهتم بالآخرين دون تحمل عبء محاولة إدارة حياتهم.
• أن نساعد أصدقاءنا وأحباءنا الذين يميلون لتدمير أنفسهم على أن يستعيدوا صحتهم النفسية.
• أن نشعر بأهليتنا، ونفعنا عند مواجهة الألم، والحزن.
ومن المعلوم أن النساء تعاني ضغوطاً اجتماعية أكبر مما يعانيه الرجال كي يكن
لطيفات، وأن معظم الناس يعتقدون أن الرجال لا يملكون المستوى نفسه من لطف
النساء، ولكن سواء كنت رجلاً لطيفاً، أو امرأة لطيفة فمن المحتمل أنّك تكرر
الوقوع في هذه الأخطاء التسعة مما يلحق بك الضرر.
إن التخلص من الأخطاء البسيطة السابقة لا يعني إطلاقا التوقف عن أن نكون
لطفاء, بل فقط تساعدنا على ترشيد المجهود الإضافي المبذول للحفاظ على
التعامل بلطف في كل الأوقات والذي كثيراً ما يأتي علي حساب أعصابنا وراحتنا
الخفجاوى 2010