[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
قال الشاعر
نسي الطين ساعة أنه طين حقير فتاه تيها وعربد
وكسا الخز جسمه فتباهى وحوى المال كيسه فتمرد
يا أخي لا تمل بوجهك عني ما أنا فحمة ولا أنت فرقد
الناس تتفاوت في مكانتهم في المجتمع ونظرته لذواتهم ومدى تشرب هذه النظرة في أعماقهم
وهذه النظرة رسالة موجهة للمجتمع
فالمجتمع يكون هو الحكم في أن يقر هذه الفئة فيقبلها ويقرها أو ينفر منها ويعتزلها
فكما نحن نقر بأن من الناس من أتاه الله سعة في المال ومنهم من كان له
رزقا في علم، ومنهم من رفع به نسبه، ومنهم من كان له هيبة عند الخلق 0
فكل يتفاوت في تعامله مع الخلق بحسب ما أتاه الله من خلق وطبائع نفسية وردود فعل سلوكية مع الآخرين 0
وقدبين الله أساس التفاضل بين البشر :"إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ"
ويقول صلى الله عليه وسلم: " مَنْ بَطَّأ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِع بِهِ نَسَبُهُ" رواه مسلم
وروي انّه نشأ ببغداد غلامان أحدهما أبن حجام والآخر أبن مراق ، فبرعا في الأدب. فخرجا ليلة
.. فأخذهما العسس فأتوا بهما إلى صاحبهما. فلما مثلا بين يديه 0
قال لهما: ما أخرجكما جوف الليل؟ فقالا: القدر والقضاء. فقال من أنتما؟
فقال أبن المراق:
أنا أبن الذي لا تنزل الدهر قدره ... وإنَّ نزلت يوما فسوف تعود
ترى الناس أفواجا إلى ضـوء ناره ... فمنهــــم قيام حولها وقعـــــــــــود
وقال أبن الحجام:
أنا أبن من ذلت الرقاب له ... ما بين مخزومها وهاشمها
تأتيه طوعا إليـــــــــــــــه خاضعة ... يأخذ من مالهـــا ومن دمها
فقال في نفسه: الأول من أبناء الكرام، والثاني من أبناء الملوك، فقال لأعوانه: خلوا عنهما ،
فلما انصرفا ... أخبر بأمرهما، فاسترجعهما بالغد وقال لهما: ويحكما! خدعتماني.
فقالا: ما خدعناك إلاّ بما هو صفة والدينا. فلما تأمل كلامهما وجده صدقا 0
وقال: انطلقا! من لم ين منكما شريفا فلقد كان ظريفا.
فمن هنا نؤكد على قولنا أنت من تعطي صورة عن نفسك في أذهان الأخرين أما بقولك أو فعلك أو سلوكك
وحكي أن رجلا تكلم بين يدي المأمون فأحسن فقال ابن من أنت قال ابن الأدب يا أمير المؤمنين
قال نعم النسب انتسبت إليه ... ولهذا قيل المرء من حيث يثبت لا من حيث ينبت ومن حيث يوجد
لا من حيث يولد قال الشاعر :
كن ابن من شئت واكتسب أدبا...يغنيك محموده عن النسب
إنا الفتى من يقـــــــول هـــــــــأنذا ... ليس الفتى من يقول كان أبي
فلإشكالية التي نحن بصددها هي نظرة المرء لذاته أو (الجماعات ) لعنصرها فكم نتج من المشاحنات بين
المجموعات في بل حتى يقع التنافس في إبراز ضخامة الجماعة والعدة فيتم التجمع في مهرجان
كـ (مزايين الأبل ) ليس له غاية مفيدة أومنفعة ترد على المجتمع أو حتى الجماعة ذاتها سوى إبراز
الذات والتفاخر والإستعلاء على الغير والربح يكون لإصحابها وكذلك له من الخسائر نصييب
(فاليعذرني أصحاب هذه المهرجانات على أطروحتي ) فأنا لا أحب الخوض في مقالات تدعوا للإثارة والجدل
ولكن استوقفني خبر تم نشره في سبق نص الخبر الذي نشرته صحيفة ( سبق الإلكترونية ) يقول:
- علمت (سبق) بان قراراً سيصدر قريباً من جهات عليا فى الدولة بإلغاء ما يسمى حفل مزاين الإبل
والتى تقيمه القبائل فى المملكة كلا على حده في السنين القليلة الماضية .
ويهدف القرار إلى إيقاف حفلات المزاين للإبل والتي شهدت تجاوزات شرعية وقانونية فى إقامتها حيث البذخ
الفاحش في الجوائز ومراسيم الاحتفالات فضلاً عن النعرات القبلية والمنافسات التي تحدث بين أفراد
القبائل للحصول على المراكز الأولى فى تلك الاحتفالات .
يشار إلى أنه سيتم تبليغ إمارات المناطق بهذا القرار لتطبيقه بعد صدوره ومن المتوقع أن يتم استثناء
عدد من حفلات المزاين التى سبق وأن اعتمدت .
يذكر أن أحد أعضاء كبار هيئة العلماء فى المملكة قد نبه في وقت سابق إلى خطورة هذه الحفلات
"مزاين الابل " من حيث تجاوزاتها الشرعية الخطيرة على المجتمع . من نتائج كالتفاخر
والعودة لنعرة الجاهلية والتقليل من بعض القبائل والنظرة الفوقية للبعض
فالتفاخر بأي صورة كانت يدعوا إليها قوم كالأنساب والمكانة والتعالي على الغير محرم،
وهو من خصال الجاهلية المذمومة، وقد جاء الإسلام بإبطاله والنهي، عنه0
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ) [الحجرات:11].
وقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات:13].
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو سيد الأولين والآخرين كان يقول: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر" رواه الترمذي وابن ماجه.
ولا حرج أن يتعلم الرجل نسبه، بل يطلب منه ذلك شرعاً ليعرف أرحامه وأقرباءه ويصلهم،
وقد روى الترمذي وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأثر".
ولا ضير أن يعلم كل منا مكانته العلمية ويقيمه الناس على مقدار عطائه في خدمة المجتمع وانتفاع الأمة
منه ، دون كبر وتعالي على الناس فحقيقة من قدر العلم وعرفه حق المعرفة تجده متواضعا هينا لينا 0
وفذانكم الصحابةوالسلف رضوان الله عنهم خير مثال يقتدى به ، وما الشيخ ابن باز وابن عثيمين وابن جبرين عن الذكرببعيد0
ولا إشكال في أن بعتز الإنسان بإنتاجه وقدراته وما أتاه الله من مال ، ولكن يكون هذا الإعتزاز بأن بقدم
تلك القدرات والإمكانيات المالية والإنتاجية فيما يخدم به أمته ودينه فلا يكون حديث عهد على نعمه0
ولا زيادة بلاء على الأمة ونقمة فيكون كجهنم يقول هل من مزيد فيكون مفتحرا بالمال والشدة ومثاله كقارون كل عصر يذكر بالسوء أبد الدهر0
ولاعيب أن توحد الجماعة كلمتها ومواقفها فيما بينها وترفع عن المظلوم مظلمته، وتيسر عن المعسر عسرته
وتفك كرب المكروب وتقيل عثرته وتكون ماله و لسانه المستشفع به عند عتق الرقاب 0
ولكن ما يحزن القلب مفهوم بعض الجماعات قد يصل بها الإنحدار حتى تقتنع بأن تستطيع أن تكون
حائلا في إقامة حد من حدود الله وتكون سد في وجه الحق والعدل0
ولنا في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر0
وأختم مقالي هذا بهديه (فداه أبي وأمي ونفسي )
أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالوا ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه أسامة فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فاختطب فقال أيها الناس إنما أهلك الذين قبلكم أنهم
كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله
لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها وفي حديث بن رمح إنما هلك الذين من قبلكم
فإن أصبنا فمن الله منة وفضل وإن أخطأنا فمن الشيطان والنفس
وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم[/align]