[frame="14 98"]
تعريف الجراحة
الجراحة فرع في الطب يُعنى بعلاج المرض أَو التشوهات أُو الإصابات بإجراء العمليات. والطبيب الذي يقوم بإجراء العمليات يُسمَّى الجرَّاح. وكل طبيب له قدر من الخبرة على الجراحة، كما أنه مؤهلٌ لإجراء العمليات البسيطة. لكن الجراحين مدربون تدريبًا خاصًّا بحيث يكون لديهم الحكمة والمقدرة على إجراء العمليات المعقدة. ويلزم التدرب نحو 4إلى 7 سنين بعد التخرج في كلية الطب ليصبح الأَطباء مؤهلين للتخصص في الجراحة.
آلات الجراح
العملية الجراحية إجراء معقد، وتستلزم أُناسًا كثيرين، وأَدوية ومعدات، كما تستلزم مهارة فنية لمساعدة الجرّاح ولضمان أُقصى الأَمان والراحة للمريض. والفريق الجراحي المؤهل ضروريّ لإجراء العملية الناجحة والشفاء منها. وغالبًا ما يتكوَّن هذا الفريق من جرّاح، ومساعد واحد على الأقل، واختصاصي تخدير، وممرضة أو أَكثر.
التخدير
تشير كلمة التخدير إلى الطرق التي تسبب فقدان الإحساس، وبالذات فقدان الأَلم. وقبل استعمال المبنجات الحديثة، حاول الجرَّاحون تسكين الأَلم بإعطاء كميات كبيرة من المشروبات الكحولية، أَو باستعمال مركبات تحتوي على الأَفيون. ولكن التخلص من الأَلم كان غير كامل ويستمر لزمن قصير. ونتيجة لذلك، أَمكن للجراحين إجراء العمليات الصغرى فقط. وفي منتصف الأربعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، اُستعُمِل ثنائي إثيل الإثير والكلوروفورم، أول مرَّة، كمبنجات. ومنذ ذلك الحين، طوَّر الباحثون مبنجات كثيرةً أكثرَ أَمانًا. والمبنجات العامة تُستَعمَل لتنويم المريض. والتخدير العام يبدأ عادةً بحقن عقاقير مثل الثيوبنتون عن طريق الأوردة، وتتم المحافظة على النوم باستعمال غاز مثل الهالوثان الذي يَسْتَنْشِقُه المريض عن طريق قناع الوجه. أما المبنجات الموضعية، مثل البروكين أُو الليجنوكين، فإنها تؤثر فقط في المساحة القريبة من مكان الحقن. وهي تستعمل لمنع الدفُّعْات العصبية في مكان معيَّن بالجسم. ويستعمل اختصاصيو التخدير عقاقير كثيرة أخرى، مثل عقار الكورار، للمحافظة على سلامة المريض أَثناء الجراحة، وكذلك لمساعدة الجراح.وقد عرف الأَطباء الكُورار منذ قرون من هنود جنوب أَمريكا الذين استعملوه أَثناء الصيد لشل حركة الطيور والحيوانات الصغيرة الأُخرى.
المُطَهِّرات والتعقيم
كانت الالتهابات تمثل خطرًا عظيمًا في الجراحة. وعلى الرغم من أَنَّ الجراحة كانت ناجحة، إلا أن المرضى كانوا يتوَفَّون عادةَ إذا حدثت الالتهابات. وفي عام 1865م، أَدخل البريطاني جوزيف ليستر طرقًا لمنع حدوث الالتهابات. استعمل ليستر مطهرات مختلفة لقتل البكتيريا في غرفة العمليات أَثناء العملية. وكان ينثر حامض الكربوليك في أَنحاء الغرفة لقتل الجراثيم. وبعد ذلك، طورت طريقة الجراحة المعقمة. وبهذه الطريقة، يتم إبعاد كل الجراثيم التي تسبب الالتهابات عن طريق تنظيف وتعقيم كل المعدّات المستعملة في غرفة العمليات. ويتم تعقيم الآلات والأغطية تعقيمًا تامًّا قبل العملية. وعلى هذا، فإنه على حين أنَّ المطهرات تقتل الجراثيم الموجودة، يعمل التعقيم على إقصائها تمامًا.
الأدوات
يستعمل الجراح أدوات كثيرة في العملية الواحدة. و هناك ماسكات للإبر والشاش، وملاقط لقفل الأوعية الدموية، ومباعيد لإبعاد طيات الجلد، وأدوات أخرى كثيرة. وتشمل الأدوات الحادة المقصَّات والمشارط (السكاكين). ومنذ السبعينيات من القرن العشرين، استُعمل الليزر لعمل جروح دقيقة في أَنسجة الجسم حيث يصعب استعمال مشْرَط. وقد أدت الأجهزة الحديثة إلى تقدُّم في تطبيق الجراحة. وربما كان أَكثرها نفعًا جهاز الأَشعة السينية الذي نادرًا ما نفكر فيه على أنه “جهاز”. لكن هذا الجهاز، الذي يسمح للطبيب بالرؤية داخل الجسم البشري، أَداة قيمة للتشخيص. وبوساطته، يمكن للجراح اكتشاف العظام المكسورة وتشخيص أَمراض كثيرة للأًعضاء الداخلية. وهناك نوع خاص من أجهزة الأَشعة السينية تسمَّى مِفرَاس أو ماسح التصوير المقطعي بالحاسوب يُمكن الجراح من رؤية مقطع عرضي من جسم المريض.وهناك أجهزة أخرى تُستخدم لفحص تجاويف الجسم. فمثلاً يُستخدم منظار القصبة الهوائية للنظر داخل الرئتين، وكذلك لأَخذ قطع صغيرة من النسيج لفحصها وتشخيص داء المريض.
الخِياطات
غُرْزات تستعمل لربط الأوعية الدموية المقطوعة ولغلق جروح الجراحات حتى تلتئم الأنسجة تمامًا. والجراحة الحديثة تصبح غير ممكنة بدون الخياطة. وهناك بعض أنواع الخيوط، مثل القُصَّابة، يتم امتصاصها بوساطة الجسم. أمّا الأنواع الأُخرى، مثل النايلون والحرير، فتجب إزالتهما بعد بضعة أَيام. وبعض الخيوط مصنوعة من السلك الفولاذي الدقيق، وهي غير مهيجة ولا تستلزم إزالتها. يستعمل الجراح أحيانًا دبابيس معدنية لإمساك حواف الجلد معًا إلى أَن يتم الالتئام.
الجراحة الحديثة جهد جماعي. فالجراحون يجرون العملية ( على اليمين)، بينما تقدم لهم الممرضات ما يحتاجونه من أدوات. وعلى اليسار يستعمل جراحان مجهرًا لإِجراء جراحة دقيقة على العين.
التقنيات
الجراحة الحديثة تؤكد ضرورة التشخيص الكافي للمرض، وضرورة رعاية المريض رعاية تامَّة قبل وبعد العملية. وهكذا، لابد أن يعرف الجراح كيف يجري العملية، بل يجب عليه أَيضًا أَن يكون على دراية واسعة بكل من التشريح وعلم وظائف الأَعضاء والكيمياء وعلم الأمَراض. الطُرق الفنية الحديثة، تمكِّن الجراح من إجراء العمليات الجراحية على جميع أَجزاء الجسم البشري. فمثلاً، يمكن للجرّاح أَن يستأصل قطاعًا كبيرًا من الأمعاء المصابة ويَخِيط الأجزاء المِعوية المتبقية معًا. ويعمل الجسم بصورة طبيعية بعد العملية. ويمكن عن طريق العملية استئصال الكلية أو أي جزء رئيسي من المعدة. وقد تمكن الجراحون من إجراء العمليات على القلب بنجاح. وفي هذه الجراحات، يُمكن للطبيب أن يقوم بفتح القلب واستبدال أًحد صمامات القلب بآخر صناعي، وأن يخيط القلب مرّةً أُخرى. والجراحة الشاملة على الرئتين والضلوع غالبًا ما تكون جزءًا من علاج مرض السرطان. وأحيانًا تُستأصَل رئة مريض استئصالاً كاملاً. وجراح الأَعصاب يمكنه استئصال أورام الدماغ وعلاج بعض إصابات الرأس، كما يُمكنه قطع الأَعصاب لعلاج حالات الأَلم. وزراعة الأًعضاء بنقلها تُمكِّن الجراح من أَخذ العضو الصحيح من شخص واستعماله مكان العضو المريض في شخص آخر. ومن ناحية أخرى، فإن استبدال الكلية شائع. ولكنه من المهم أن تستطيع الأنسجة الجديدة أن تتعايش معًا، وإلا فسوف يلفظ جسم المريض العضو الجديد.والجراحة القَرِّية نوع من الجراحة يستفيد من البرد الشديد في الجراحة. وهي غالبًا ما تستلزم تجميد الأَنسجة. ويستعمل الجراحون أًحيانًا مسابير باردة على الدماغ لعلاج داء باركنسن. وتستعمل المَسابير الباردة أَيضًا لعلاج الشبكية المنفصلة، ولإزالة المياه البيضاء من العين، ولعلاج قرحة الاثني عشر. والجراحة المجهرية طريقة فنية يجري فيها الجرَّاح العملية الجراحية بوساطة مجهر أَو عدسة مكبرة. وباستعمال أجهزة دقيقة، يقوم الجراحون بإجراء العمليات على بعض تركيبات الجسم المتناهية في الصغر. فمثلاً، يستطيع الجراحون إعادة توصيل الأَوعية الدموية والأعصاب المتناهية الصغر باستعمال هذه البراعة الفنية. وقد أدت مثل هذه الجراحة إلى إعادة الاتصال الناجح للأَصابع المبتورة، والأَيدي، وحتى الأَذرع والساقين. ويستعمل الأَطباء الجراحة المجهرية أَيضًا في العمليات التي تُجْرَى على الأجزاء الدقيقة في العين والكُلْية والدماغ والنخاع الشوكي، وفي أَجزاء أخرى كثيرة من الجسم.
[/frame]