اخر المواضيع

اضف اهداء

 

العودة   منتديات الرائدية > المنتديات العامة > المنتدى الإسلامي
 

إضافة رد
مشاهدة الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-12-2011, 07:55 PM   رقم المشاركة : 1
درة الخير
رائدي برونزي
 
الصورة الرمزية درة الخير
الملف الشخصي







 
الحالة
درة الخير غير متواجد حالياً

 


 

icon33.gif سبحان الله حتى المرض له فوائـــــــــــــــــــد

1ـمن فوائد المرض ، أنه تهذيب للنفس ، وتصفية لها من الشرالذي فيها { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْوَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } [ الشورى : 30 ] ، فإذا أصيب العبد فلا يقل : من أين هذا، ول من أين أتيت ؟ فما أصيب إلا بذنب ، وفي هذا تبشير وتحذير إذا علمنا أن مصائبالدنيا عقوبات لذنوبنا ، أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى اللهعليه وسلم قال : (( ما يصيب المؤمن من وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى حتى الشوكةيشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه )) وقال صلى الله عليه وسلم : (( ولا يزالالبلاء بالمؤمن في أهله وماله وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة )) ، فإذا كانللعبد ذنوب ولم يكن له ما يكفرها ابتلاه الله بالحزن أو المرض ، وفي هذا بشارة فإنمرارة ساعة وهي الدنيا أفضل من احتمال مرارة الأبد ، يقول بعض السلف : لولا مصائبالدنيا لوردنا القيامة مفاليس .

2ـومن فوائدالمرض : أن ما يعقبه من اللذة والمسرة في الآخرة أضعاف ما يحصل له من المرض ، فإنمرارة الدنيا حلاوة الآخرة والعكس بالعكس ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : (( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر )) وقال أيضاً : (( تحفة المؤمن الموت )) [ رواه ابنأبي الدنيا بسند حسن ] ، وإذا نزل بالعبد مرض أو مصيبة فحمد الله بني له بيت الحمدفي جنة الخلد ، فوق ما ينتظره من الثواب ، أخرج الترمذي عن جابر مرفوعاً : (( يودالناس يوم القيامة أن جلود كانت تقرض بالمقاريض في الدنيا لما يرون من ثواب أهلالبلاء)) .

3ـومن فوائد المرض : قرب الله منالمريض ، وهذا قرب خاص ، يقول الله : (( ابن آدم ، عبدي فلان مرض فلم تعده ، أما لوعدته لوجدتني عنده)) [ رواه مسلم عن أبي هريرة ] ، وأثر : (( أنا عند المنكسرةقلوبهم )) .

4ـومن فوائد المرض : أنه يعرف بهصبر العبد ، فكما قيل : لولا الامتحان لما ظهر فضل الصبر ، فإذا وجد الصبر وجد معهكل خير ، وإذا فات فقد معه كل خير ، فيمتحن الله صبر العبد وإيمانه به ، فإما أنيخرج ذهباً أو خبثاً ، كما قيل : سبكناه ونحسبه لجيناً فأبدى الكير عن خبث الحديد ( ومعنى اللجين الفضة ) ، والمقصود: أن حظه من المرض ما يحدث من الخير والشر ، فعنأنس مرفوعاً : (( إن عظم الجزاء من عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم ،فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط )) ، وفي رواية : (( ومن جزع فله الجزع ))[ رواه الترمذي ]، فإذا أحب الله عبداً أكثر غمه ، وإذا أبغض عبداً وسع عليه دنياهوخصوصاً إذا ضيع دينه ، فإذا صبر العبد إيماناً وثباتاً كتب في ديوان الصابرين ،وإن أحدث له الرضا كتب في ديوان الراضين ، وإن أحدث له الحمد والشكر كان جميع مايقضي الله له من القضاء خيراً له، أخرج مسلم من حديث صهيب قال : قال رسول الله صلىالله عليه وسلم : ((عجباً لأمر المؤمن ، إن أمره كله خير ، وليس ذلك لأحد إلاللمؤمن ، إن أصابه سراء فشكر الله فله أجر ، وإن أصابته ضاء فصبر فله أجر ، فكلقضاء الله للمسلم خير )) وفي رواية لأحمد (( فالمؤمن يؤجر في كل أمره )) فالمؤمنلابد وأن يرضى بقضاء الله وقدره في المصائب ، اللهم اجعلنا ممن إذا أعطي شكر ، وإذاأذنب استغفر ، وإذا ابتلي صبر ، ومن لم ينعم الله عليه بالصبر والشكر فهو بشر حال ،وكل واحدة من السراء والضراء في حقه تفضي إلى قبيح المآل ؛ إن أعطاه طغى وإن ابتلاهجزع وسخط .

5ـومن فوائد المرض وتمام نعمة اللهعلى عبده ، أن ينزل به من الضر والشدائد ما يلجئه إلى المخاوف حتى يلجئه إلىالتوحيد ، ويتعلق قلبه بربه فيدعوه مخلصاً له الدين ، فسبحان مستخرج الدعاء بالبلاء، ومستخرج الشكر بالعطاء ، يقول وهب بن منبه : ينزل البلاء ليستخرج به الدعاء { وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَامَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ } [ فصلت : 51 ] ، فيحدث العبد من التضرعوالتوكل وإخلاص الدعاء ما يزيد إيمانه ويقينه ، ويحصل له من الإنابة وحلاوة الإيمانوذوق طعمه ما هو أعظم من زوال المرض ، وما يحصل لأهل التوحيد المخلصين لله الدينالذين يصبرون على ما أصابهم فلا يذهبون إلى كاهن ولا ساحر ولا يدعون قبراً ، أوصالحاً فأعظم من أن يعبر عن كنهه مقال ، ولكل مؤمن نصيب ، فإذا نزل بهم مرض أو فقرأنزلوه بالله وحده ، فإذا سألوا سألوا الله وحده ، وإذا استعانوا استعانوا باللهوحده ، كما هو الحاصل مع نبي الله أيوب { وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّيمَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } [ الأنبياء : 83 ] .

وتأمل عظيم بلاء أيوب فقد فقد ماله كله وأهله ومرض جسده كله حتى ما بقيإلا لسانه وقلبه ، ومع عظيم هذا البلاء إلا أنه كان يمسي ويصبح وهو يحمد الله ،ويمسي ويصبح وهو راض عن الله ، لأنه يعلم أن الأمور كلها بيد الله ، فلم يشتك ألمهوسقمه لأحد ، ثم نادى ربه بكلمات صادقة { أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } فكشف الله ضره وأثنى عليه ، فقال : { إِنَّا وَجَدْنَاهُصَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } [ سورة ص : 44 ] ، وقد ورد في بعضالآثار : (( يا ابن آدم ، البلاء يجمع بيني وبينك ، والعافية تجمع بينك وبين نفسك )) .

6ـومن فوائد المرض : ظهور أنواع التعبد ،فإن لله على القلوب أنواعاً من العبودية ، كالخشية وتوابعها ، وهذه العبوديات لهاأسباب تهيجها ، فكم من بلية كانت سبباً لاستقامة العبد وفراره إلى الله وبعده عنالغي ، وكم من عبد لم يتوجه إلى الله إلا لما فقد صحته ، فبدأ بعد ذلك يسأل عن دينهوبدأ يصلي ، فكان هذا المرض في حقه نعمة { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَعَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌانْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ } [ الحج : 11] ، وذلك أنعلى العبد عبودية في الضراء كما أن عليه عبودية في السراء ، وله عبودية فيما يكره ،كما أن له عليه عبودية فيما يحب ، وأكثر الناس من يعطي العبودية فيما يحب ، والشأنفي إعطاء العبودية في المكاره ، وفيها تتفاوت مراتب العباد ، وبحسبها تكون منازلهمعند الله ، ومن كان من أهل الجنة فلا تزال هداياه من المكاره تأتيه حتى يخرج منالدنيا نقياً . يروى أنه لما أصيب عروة بن الزبير بالأكلة في رجله قال : (( اللهمكان لي بنون سبعة فأخذت واحداً وأبقيت ستة ، وكان لي أطراف أربعة فأخذت طرفاًوأبقيت ثلاثة، ولئن ابتليت لقد عافيت ، ولئن أخذت لقد أبقيت )) ، ثم نظر إلى رجلهفي الطست بعدما قطعت فقال : (( إن الله يعلم أني ما مشيت بك إلى معصية قط وأنا أعلم )) .

7ـومن فوائد المرض : أن الله يخرج به منالعبد الكبر والعجب والفخر ، فلو دامت للعبد جميع أحواله لتجاوز وطغى ونسي المبدأوالمنتهى ، ولكن الله سلط عليه الأمراض والأسقام والآفات وخروج الأذى منه والريحوالبلغم ، فيجوع كرهاً ويمرض كرهاً ، ولا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولاحياة ولا نشوراً ، أحياناً يريد أن يعرف الشيء فيجهله ، ويريد أن يتذكر الشيءفينساه ، وأحياناً يريد الشيء وفيه هلاكه ، ويكره الشيء وفيه حياته ، بل لا يأمن فيأي لحظة من ليل أو نهار أن يسلبه الله ما أعطاه من سمعه وبصره ، أو يختلس عقله ، أويسلب منه جميع ما يهواه من دنياه فلا يقدر على شيء من نفسه ، ولا شيء من غيره ،فأيشيء أذل منه لو عرف نفسه ؟ فكيف يليق به الكبر على الله وعلى خلقه وما أتى إلا منجهله؟

ومن هذه أحواله فمن أين له الكبر والبطر ؟ ولكن كما قيل : من أكفرالناس بنعم الله افقير الذي أغناه الله ، وهذه عادة الأخساء إذا رفع شمخ بأنفه ،ومن هنا سلط الله على العبد الأمراض والآفات ، فالمريض يكون مكسور القلب كائناً منكان ، فلا بد أن يكسره المرض ، فإذا كان مؤمناً وانكسر قلبه فالمريض حصل على هذهالفائدة وهي الانكسار والاتضاع في النفس وقرب الله منه ، وهذه هي أعظم فائدة .

يقول الله : (( أنا عند المنكسرة قلوبهم )) وهذا هو السر في استجابة دعوةالثلاثة : المظلوم ، والمسافر ، والصائم ، وذلك للكسرة التي في قلب كل واحد منهم ،فإن غربة المسافر وكسرته مما يجده العبد في نفسه ، وكذلك الصوم فإنه يكسر سورةالنفس ويذلها ، وكذا الأمر في المريض والمظلوم ، فإذا أراد الله بعبد خيراً سقاهدواء من الابتلاء يستفرغ به من الأمراض المهلكة للعبد حتى إذا هذبه رد عليه عافيته، فهذه الأمراض حمية له ، فسبحان من يرحم ببلائه ويبتلي بنعمائه .

8ـومن فوائد المرض : انتظار المريض لفرج ، وأفضل العباداتانتظار الفرج ، الأمر الذي يجعل العبد يتعلق قلبه بالله وحده ، وهذا ملموس وملاحظعلى أهل المرض أو المصائب ، وخصوصاً إذا يئس المريض من الشفاء من جهة المخلوقينوحصل له الإياس منهم وتعلق قلبه بالله وحده ، وقال : يا رب ، ما بقي لهذا المرض إلاأنت ، فإنه يحصل له الشفاء بإذن الله ، وهو من أعظم الأسباب التي تطلب بها الحوائج، وقد ذكر أن رجلاً أخبره الأطباء بأن علاجه أصبح مستحيلاً ، وأنه لا يوجد له علاج،وكان مريضاً بالسرطان ، فألهمه الله الدعاء في الأسحار ، فشفاه الله بعد حين ، وهذامن لطائف أسرار اقتران الفرج بالشدة إذا تناهت وحصل الإياس من الخلق ، عند ذلك يأتيالفرج ، فإن العبد إذا يئس من الخلق وتعلق بالله جاءه الفرج ، وهذه عبودية لا يمكنأن تحصل إلا بمثل هذه الشدة { حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواأَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا } [ يوسف : 110] .

9ـومن فوائد المرض: أنه علامة على إرادة الله بصاحبه الخير ،فعن أبي هريرة مرفوعاً : (( من يرد الله به خيراً يصب منه )) [ رواه البخاري] ،ومفهوم الحديث أن من لم يرد الله به خيراً لا يصيب منه ، حتى يوافي ربه يوم القيامة، ففي مسند أحمد عن أبي هريرة قال : (( مر برسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابيأعجبه صحته وجلده ، قال : فدعاه فقال له : متى أحسست بأم ملدم ؟ قال : وما أم ملدم؟ قال : الحمى ، قال : وأي شيء الحمى ؟ قال : سخنة تكون بين الجلد والعظام ، قال : ما بذلك لي عهد ، وفي رواية : ما وجدت هذا قط ، قال : فمتى أحسست بالصداع؟ قال : وأي شيء الصداع ؟ قال : ضربات تكون في الصدغين والرأس ، قال : مالي بذلك عهد ، وفيرواية : ما وجدت هذا قط ، قال : فلما قفا ـ أو ولى ـ الأعرابي قال : من سره أن ينظرإلى رجل من أهل النار فلينظر إليه )) [ وإسناده حسن ] فالكافر صحيح البدن مريضالقلب ، والمؤمن بالعكس .

10 ـومن فوائد المرض : أن العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة والتعرف على الله في الرخاء ، فإنهيحفظ له عمله الصالح إذا حبسه المرض ، وهذا كرم من الله وتفضل ، هذا فوق تكفيرالسيئات ، حتى ولو كان مغمى عليه ، أو فاقداً لعقله ، فإنه مادام في وثاق الله يكتبله عمله الصالح ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، وبالتالي تقل معاصيه ،وإن كان فاقداً للعقل لم تكتب عليه معصية ويكتب له عمله الصالح الذي كان يعمله فيحال صحته ، ففي مسند أحمد عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( مامن أحد من الناس يصاب بالبلاء في جسده إلا أمر الله عز وجل الملائكة الذين يحفظونه، فقال : اكتبوا لعبدي كل يوم وليلة ما كان يعمل من خير ما كان في وثاقي )) .

11ـومن فوائد المرض : أنه إذا كان للعبدمنزلة في الجنة ولم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده ، أخرج ابن حبان في صحيحه عنأبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الرجل ليكون له عندالله المنزلة فما يبلغها بعمل ، فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها )) يقولسلام بن مطيع : اللهم إن كنت بلغت أحداً من عبادك الصالحين درجة ببلاء فبلغنيهابالعافية .

12ـومن فوائد المرض : أن يعرفالعبد مقدار نعمة معافاته وصحته ، فإنه إذا تربى في العافية لا يعلم ما يقاسيهالمبتلى فلا يعرف مقدار النعمة ، فإذا ابتلي العبد كان أكثر همه وأمانيه وآمالهالعودة إلى حالته الأولى ، وأن يمتعه الله بعافيته ، فلولا المرض لما عرف قدر الصحة، ولولا الليل لما عرف قدر النهار ، ولولا هذه الأضداد لما عرفت كثير من النعم ،فكل مريض يجد من هو أشد مرضاً فيحمد الله ،وكل غني يجد من هو أغنى منه ، وكل فقيريجد من هو أفقر منه ، ثم كم نسبة صحة العبد إلى مرضه فوق ما فيه من الفوائدوالمنافع التي يجهلها العبد { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌلَكُمْ } [ البقرة :216] ، ولهذا روي أن آدم لما نشر الله له ذريته رأى الغنيوالفقير وحسن الصورة ، ورأى الصحيح على هئيته والمبتلى على هيئته ، ورأى الأنبياءعلى هيئتهم مثل السرج ، قال : يارب ألا سويت بين عبادك ؟ قال : إني أحب أن أشكر ،فإن العبد إذا رأى صاحب البلاء قال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك ، فيعافيهالله من ذلك البلاء بشرط الحمد ، والمبتلى إذا صبر حصل على أجر عظيم .

والغريب أن العبد إذا نظر في دنياه نظر إلى من هو فوقه ، لكنه إذا نظر فيدينه نظر إلى من هو أسفل منه ، فتجده يقول : نحن أفضل من غيرنا ، لكنه لا يقول ذلكفي دنياه ، ومن ذاق ألم الأمراض عرف بعد ذلك قيمة الصحة ، وكم نسبة مرضه إلى نسبةصحته ، روي أن الفضيل كانت له بنت صغيرة فمرض كفها فسألها يوماً : يا بنية ، كيفحال كفك ؟ فقالت : يا أبت بخير ، والله لئن كان الله تعالى ابتلى مني قليلاً فلقدعافى الله مني كثيراً ، ابتلى كفي وعافى سائر بدني ، فله الحمد على ذلك .

13ـومن فوائد المرض : أنه إحسان ورحمة من الربللعبد ، فما خلقه ربه إلا ليرحمه لا ليعذبه { مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْإِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ } [ النساء: 147] ، وكما قيل :
وربما كان مكروهالنفس إلى ××× حبوبها سبب ما مثله سبب

ولكن أكثر النفوس جاهلة بالله وحكمته، ومع هذا فربها يرحمها لجهلها وعجزها ونقصها ، وهذا ورد في بعض الآثار أن العبدإذا أصابته البلوى فيدعو ربه ويستبطئ الإجابة ، ويقول الناس : ألا ترحمه يارب ؟فيقول الله : (( كيف أرحمه من شيء به أرحمه؟ )) . فمثلاً الوالد عندما يجبر ابنهعلى شرب الدواء المر وهو يبكي وأمه تقول: ألا ترحمه ؟ مع أن فعل الوالد هو رحمة به، ولله المثل الأعلى ، فلا يتهم العبد ربه بابتلائه وليعلم أنه إحسان إليه .
لعــــــل عتبك محمود عواقبه ××× وربما صحت الأجساد بالعلل

14ـومن فوائد المرض : أنه يكون سبباً لصحة كثير من الأمراض ،فلولا تلك الآلام لما حصلت هذه العافية ، وهذا شأن أكبر الأمراض ، ألا وهو الحمىوهي المعروفة الآن بالملاريا ، ففيها منافع للأبدان لا يعلمها إلا الله ، حيث أنهاتذيب الفضلات وتتسبب في إنضاج بعض المواد الفاسدة وإخراجها من البدن ، ولا يمكن أنيصل إليه دواء غيرها، يقول بعض الفضلاء من الأطباء: إن كثيراً من الأمراض التينستبشر فيها الحمى ، كما يستبشر المريض بالعافية ، فتكون الحمى فيه أنفع من شربالدواء الكثير ، فمـــن الأمراض التي تتسبب الحمى في علاجها مرض الــــرمد والفالجواللقوة ـ وهو داء يكون في الوجه يعوج منه الشدق ـ وزيادة على الصحة فهي من أفضلالأمراض في تكفير الذنوب ، ففي مسلم عن جبران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلعلى أم السائب ، فقال : (( مالك ؟)) فقالت : الحمى ، لا بارك فيها ، فقال : (( لاتسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد )) وعند أحمد بسندصحيح ))حمى يوم كفارة سنة )) [ عن ابن عمرو ] وفي الأدب للبخاري عن أبي هريرة : (( ما من مرض يصيبني أحب إلى من الحمى )) لأنها تدخل في كل الأعضاء والمفاصل وعددها 360 مفصلاً ، وقيل إنها تؤثر في البدن تأثيراً لا يزول بالكلية إلا بعد سنة .

15ـومن فوائد الأمراض : تخويف العبد { وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَايَتَضَرَّعُونَ }[ المؤمنون : 76 ] ، { وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْيَرْجِعُونَ } [ الزخرف: 48 ] ، فما ابتلاه الله إلا ليخوفه لعله أن يرجع إلى ربه ،أخرج الإمام أبو داود عن عامر مرفوعاً : (( إن المؤمن إذا أصابه سقم ثم أعفاه منهكان كفارة لما مضى من ذنوبه وموعظة له فيما يستقبل ، وإن المنافق إذا مرض ثم أعفيكان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه فلم يدر لم عقلوه ولم أرسلوه)).

16ـومن فوائد المرض : أن الله يستخرج به الشكر ، فإن العبدإذا ابتلي بعد الصحة بالمرض وبعد القرب بالبعد اشتاقت نفسه إلى العافية ، وبالتاليتتعرض إلى نفحات الله بالدعاء فإنه لا يرد القدر إلا الدعاء بل ينبغي له أن يتوسلإلى الله ولا يتجلد تجلد الجاهل فيقول : يكفي من سؤالي علمه بحالي !! فإن الله أمرالعبد أن يسأله تكرماً وهو يغضب إذا لم تسأله ، فإذا منح الله العبد العافية وردهاعليه عرف قدر تلك النعمة ؛ فلهج بشكره شكر من عرف المرض وباشر وذاق آلامه لا شكر منعرف وصفه ولم يقاس ألمه ، فكما يقال : أعرف الناس بالآفات أكثرهم آفات ، فإذا نقلهربه من ضيق المرض والفقر والخوف إلى سعة الأمن والعافية والغنى فإنه يزداد سرورهوشكره ومحبته لربه بحسب معرفته وبما كان فيه ، وليس كحال من ولد في العافية والغنىفلا يشعر بغيره .

17ـومن فوائد المرض : معرفةالعبد ذله وحاجته وفقره إلى الله ، فأهل السموات والأرض محتاجون إليه سبحانه ، فهمفقراء إليه وهو غني عنهم ولولا أن سلط على العبد هذه الأمراض لنسي نفسه ، فجعله ربهيمرض ويحتاج ليكون تكرار أسباب الحاجة فيه سبب لخمود آثار الدعوى وهو ادعاءالربوبية ، فلو تركه بلا فاقة لتجرأ وادعى ، فإن النفس فيها مضاهاة للربوبية ،ولهذا سلط الله عليه ذل العبودية وهي أربع : ذل الحاجة ، وذل الطاعة ، وذل المحبة ـفالمحب ذليل لمن أحبه ـ وذل المعصية ، وعلى كل فإذا مرض العبد أحس بفقره وفاقته إلىالله كائناً من كان .

لعلك تقول : هذه الأخبار تدل على أن البلاء خير فيالدنيا من النعيم ، فهل نسأل الله البلاء ؟

فٌول لك : لا وجه لذلك ، بل إنالرسول صلى الله عليه وسلم قال دعائه لما أخرجه أهل الطائف : (( إن لم يكن بك غضبعلي فلا أبالي ، ولكن عافيتك أوسع لي )) ، وروى أن العباس لما طلب من الرسول صلىالله عليه وسلم أن يعلمه دعاء فقال له : (( سل الله العفو والعافية ، فإنه ما أعطىأحد أفضل من العافية بعد اليقين )) ، وقال الحسن : الخير الذي لا شر فيه العافية معالشكر ، فكم من منعم عليه غير شاكر ، وهذا أظهر من أن يحتاج إلى دليل ، فينبغي أننسأل الله تمام النعمة في الدنيا ودفع البلاء عنا ، لكن إذا ابتلي العبد ببلاءفينبغي له الصبر والرضا بقضاء الله عليه .

أخيراً أختمهذه الرسالة بأن المرض نعمة وليس بنقمة ، وأن في المرض لذائذ:

1ـمنها : لذة العطف الذي يحاط به المريض والحب الذي يغمره منأقاربه ومعارفه .

2ـومنها : اللذة الكبرى التييجدها المريض ساعة اللجوء إلى الله ، عندما يدعوه مخلصاً مضطراً .

3ـومنها : لذة الرضا عن الله عندما تمر لحظات الضيق علىالمريض وهو مقيد على السرير ، ويبلغ به المرض أقصاه فيفيء لحظتها إلى الله كما حصلفي نداء أيوب ، فلا يحكم على المريض أو البائس بمظهره ، فلعل وراء الجدار الخربقصراً عامراً ، ولعل وراء الباب الضخم كوخاً خرباً .

4ـومنها : لذة المساواة التامة ، فهي سنة الحياة ، فلا يفرقالمرض بين غني أو فقير ، فلو كان المرض سببه الفقر أو نقص الغذاء لكان المرض وقفاًعلى الفقراء ، ولكان الأغنياء في منجى منه ، لكنه لا يعرف حقيراً أو جليلاً ، الناسسواء .
نسأل الله من عظيم لطفه وكرمه وستره الجميل في الدنيا والآخرة ، ونعوذ بهمن زوال نعمته وتحول عافيته وفجأة نقمته وجميع سخطه .
:







التوقيع :
<

رد مع اقتباس
قديم 22-12-2011, 08:04 PM   رقم المشاركة : 2
دانة الكون
مديرة المنتدى

رونق المنتدى
 
الصورة الرمزية دانة الكون
الملف الشخصي






 
الحالة
دانة الكون غير متواجد حالياً

 


 

سبحان الله
جزاك الله خير
و جعله في ميزان حسناتك
و لا حرمك الله الاجر







التوقيع :










.
.

رد مع اقتباس
قديم 23-12-2011, 12:25 AM   رقم المشاركة : 3
الدووووخي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الدووووخي
الملف الشخصي







 
الحالة
الدووووخي غير متواجد حالياً

 


 

الله يجزآآك خير وبآآركــ الله فيــكــ ..







التوقيع :

رد مع اقتباس
قديم 24-12-2011, 01:53 AM   رقم المشاركة : 4
شمس الرائدية


▁▂▃▅▆▇☀【نبض المنتــدى】☀▇▆▅▃▂▁
 
الصورة الرمزية شمس الرائدية
الملف الشخصي







 
الحالة
شمس الرائدية غير متواجد حالياً

 


 

//
جزاكِ الله كل خير ..’’






التوقيع :
|[ .’ استَغفرّ الله العَظيمْ وَ أتوبً إليَه .’ ]|
|[ .’ استَغفرّ الله العَظيمْ وَ أتوبً إليَه .’ ]|
|[ .’ استَغفرّ الله العَظيمْ وَ أتوبً إليَه .’ ]|

رد مع اقتباس
قديم 25-12-2011, 11:37 PM   رقم المشاركة : 5
أبو الوليد
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية أبو الوليد
الملف الشخصي







 
الحالة
أبو الوليد غير متواجد حالياً

 


 

.






سلمت على موضوعك الطيب


و الله يعطيك العافية






::

وفقكم الباري

.. .. ومضـــــــــــــــــــــة .. ..

لآ إله إلا أنت .. .. سبحانكـ .. إني كنت من الظالمين .....!!






رد مع اقتباس
قديم 25-12-2011, 11:50 PM   رقم المشاركة : 6
الوافي وافي
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
الوافي وافي غير متواجد حالياً

 


 

جزاك الله خير
و جعله في ميزان حسناتك







رد مع اقتباس
 
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شيء لايصدق أبدا ........ سبحان الله ! سبحان الله! سهم المنايا :: منتدى المواضيع المكررة:: 1 14-12-2009 11:42 AM
الأرض الحمراء بالصين!!! سبحان الله إعجوووبه إلــــــــهيه بنت الغلا :: منتدى الصور والكاريكاتير:: 27 27-09-2008 11:42 PM
°•.♥.•°حتى المرض له فوائد سبحان الله °•.♥.•° دخــــٌيل المنتدى الإسلامي 19 02-06-2008 01:24 PM
الأرض الحمراء بالصين سبحان الله ســـــوار :: منتدى الصور والكاريكاتير:: 11 13-08-2007 02:45 AM
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ...(( شاهد الخط الفاصل بين الليل والنهار )) سمو الاخلاق :: منتدى الصور والكاريكاتير:: 18 06-11-2006 10:20 AM



الساعة الآن 01:46 AM.

كل ما يكتب فى  منتديات الرائدية  يعبر عن رأى صاحبه ،،ولا يعبر بالضرورة عن رأى المنتدى .
سفن ستارز لخدمات تصميم وتطوير واستضافة مواقع الأنترنت