القول في تأويل قوله تعالى : ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ( 23 ) )
يقول تعالى ذكره : لا سائل يسأل رب العرش عن الذي يفعل بخلقه من تصريفهم فيما شاء من حياة وموت وإعزاز وإذلال ، وغير ذلك من حكمه فيهم; لأنهم خلقه وعبيده ، وجميعهم في ملكه وسلطانه ، والحكم حكمه ، والقضاء قضاؤه ، لا شيء فوقه يسأله عما يفعل فيقول له : لم فعلت ؟ ولم لم تفعل ؟ ( وهم يسألون ) يقول جل ثناؤه : وجميع من في السماوات والأرض من عباده مسئولون عن أفعالهم ، ومحاسبون على أعمالهم ، وهو الذي يسألهم عن ذلك ويحاسبهم عليه ، لأنه فوقهم ومالكهم ، وهم في سلطانه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد [ ص: 426 ] عن قتادة قوله ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ) يقول : لا يسأل عما يفعل بعباده ، وهم يسألون عن أعمالهم .
حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن ابن جريج قال : قوله ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ) قال : لا يسأل الخالق عن قضائه في خلقه ، وهو يسأل الخلق عن عملهم .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ) قال : لا يسأل الخالق عما يقضي في خلقه ، والخلق مسئولون عن أعمالهم .