واثق والذبابة
في يوم من الأيام كنت جالساً كعادتي في البيت وتحديداً في غرفة واسعة هي بيتي الشخصي تقريباً لأن مساحتها تمثل أكثر من ثلاثة أرباع البيت فأحس وأنا في هذه الدار وكأنني في بيت داخل البيت ومن أهم قوانيني خصوصاً عندما تطل أختي علي من غرفتها وهي بالمناسبة أقرب جيراني أن أحافظ على حد أدنى من التعقيد في علاقتي مع البشر خصوصاً الأقارب وعلى إعتبار إحكام قبضتي على غرفتي العملاقة وحريتي المطلقة في التصرف بها فإنني أشعر برغبة في أن أثبت للناس بإستمرار إني الآمر الناهي المتحكم في الجو المحيط أو غالباً لنفسي ( لأن بصراحة علاقتي مع الجميع سيئة في أحسن الأحوال) فتلقاني ساعة أرفع المكيف وساعة أطفيه وأقول لنفسي "هاه !!! قبل شوي برد ؟؟" وإذا فطست من الحر أشغله وأقول أييييوه علشان ماتشتكي من البرد قبل غيرك (طبعاً كلامي موجه لي) وفي يوم من الأيام وأنا جالس في غرفتي المميزه أستمتع بالبراد والكابتشينو والعصير وأتفرج على برنامجي المفضل (101 فضيحة للمشاهير) وهات ياتسجيل بأسماء اللي تعرض فضايحهم وأقول لنفسي "ما أدري ليش مايطلعون الأسماء كاملة مع إنا بلعنا تغطية الوجيه من باب الستر".وبينما أنا في الرواق (يعني رايق وليس ممر) المنقطع النظير وإلا ذبابة لونها أسود مخططة برمادي غامق وبكل وقاحه تقتحم علي رواقي ( برضه جايه من رايق وليس الجدار الخلفي للخيمة) وتحاول توصل للتلفزيون. طبعا بتقولون وشلون عرفت ؟ لأنها وقفت على الجدار وقامت تلفت !!! أكيد ناويه على الشاشة هذي حركات الذباب . وأقوم بلحظة وإلا أنا واقف على رجولي طبعاً لأني كنت منسدح! وإلا وشلون مروق بدون ما أنسدح ؟؟ وبحركة خطافية توي متعلمها من دعاية لفلم كاراتيه وأخطف الجريدة من الطاولة اللي قدامي وأبرمها على شكل عجرائي (من عجراء ) وأطمر بحركة وحدة, لكن وأنا بالجو تذكرت ( زي بسام مع كبتن ماجد بالضبط) إني لو ضربتها رايحه تنفقس (زي البيضة للإخوان غير العرب ) وتخرب منظر الجدار الناصع الصفار وتصير كأنها حبة خال وأنا ما أداني شي يخرب تصميماتي الداخلية . طب وألا أنا صافق الجدار اللي نقزت بإتجاهه يوم إني نويت الذبابة وبعد محاولات قدرت إني أوقف مرة ثانية على رجليني ولاحظت بعد ما صفا نظري إن الذبابة ما تحركت من مكانها بالرغم من الزلزال اللي سويته أو بالأصح سوته خشتي (يعني مقدمة الوجه : الخشم والبراطم وما جاورها) بالجدار . فإنقهرت زيادة لأني حسيت إنها تضحك علي ليش ؟! ماأدري خصوصا إنها مستمرة تمسح وجهها بأطرافها الأمامية. فقررت إني لازم أستخدم معها ترسانتي من الأسلحة الكيميائية وبما إنها لن تترك أثر خصوصاً على تصميماتي الداخلية فهي الحل الأمثل مع ضعفها من ناحية شفاء الغليل لكن وجدت نفسي أجري على رؤوس أصابعي إلي مخزن المستحضرات الفتاكة وبحركة سريعة فتحت الدولاب بيد وخطفت العلبة الرشاشة (حجم كبير طبعاً) باليد الأخرى وفي لحظة كنت واقف أمام نفس المكان اللي كنت فيه لحظة ما خطرت علي فكرة الحرب الكيميائية بس هالمرة أنا (الكل في الكل) وبكل هدوء أخذت وقتي أخز الضحية ( مثل أي مهاجم ما يخز الحارس قبل ما يسدد الكرة) واللي خلاني أفقد سيطرتي إنها عادت الكرة بتمسيح وجهها بأطرافها وقبل ما أنوي وجدت نفسي أعصر العلبة من كل مكان ممكن يزيد من خروج الرذاذ وبتركيز على الذبابة اللعينة , بلمحة بصر طارت كالبرق لكن على مين يا ماما !!؟؟ عيني ماترى إلا هي والغرفة محكمة الإغلاق ولياقتي في قمتها والمبيد من أقوى الأنواع (شكله محظور دولياً) . ومن زاوية لزاوية ومن أعلى إلى أسفل إلى أن بدأ صوت الرش يتقطع وأنا أحس بنشوة الإنتصار وشوي ألم بلساني لأني طول القت عاض عليه وماهي إلا لحظات وإذا بكميات كبيرة من الماء تنسكب من أعلى على وجهي وإذا بإثنين من أبناء الجيران (بيض الله وجيههم) يتعاونون على سحبي خارج المنزل وأحدهم يقول" فتح فتح ياخالة أكيد إنه صار يتنفس زين" .
طبعاً بعد ما إستوعبت إني كنت مغمى علي حاولت أطمن الوالدة إني بخير وأقولها إن اللي جاني مجرد إرهاق بس المشكلة صوتي مارضى يطلع والحريم يحبن تكبير الأمور وأصرت على الشباب يأخذوني للطبيب . وطبعاً بالمستشفى على طول سدحوني وهات ياتحاليل وأشعة للصدر والراس ( حركات أطباء ) وبعدها أصر الطبيب إنه ينومني يومين يقول عندك حساسية ماأدري عندك ربو!! , المهم طلعت بعد يومين وأمي فرحانه لأني أتكلم (صحيح صوتي فيه رجفه كأني أتكلم وأنا راكب دتسن على مطناج بالبر) بس أقدر أصارخ زين . لأن يوم جيت البيت أختي إبتسمت إبتسامة خبيثة وهي تقول الحمد لله على السلامة وصرخت عليها صرخة من النوع اللي ما بعدها إلا أبكي وهربت زي الصاروخ . أما بالنسبة للذباب فأكتشفت إنه مفيد وإنه من الخطأ قتله بدون ما يؤذي وعلى قولة اللي كان منوم بجنبي (هي عمرها كم يوم يعني إتركها خمس أو ست أيام تموت لحالها بدون ما تضيع وقتك عليها ) .
والسلام ختام