الحشيش هو أكثر مادة مخُدرة تستخدم على مستوى العالم، حسب تقارير منظمة الصحة العالمية و الهيئات العالمية المنبثقة عن الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة المخدرات، فهو شائع الإنتشار بين قطاع كبير من الشباب، خاصةً المراهقين و أيضاً البالغين في أعمار مختلفة. وقد ظهر في الستينيات من القرن الماضي استخدام الحشيش كموضة بين صفوف الشباب المعارضين للرأسمالية في دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، حتى أصبح تدخين الحشيش يُعتبر نوعاً من الكفاح ضد الرأسمالية..! وقاد هذه الموجه فنانون كبار مثل فرق الغناء الهيبيه.
مادة الحشيش والتي تُزرع في مناطق معروفة في العالم، حيث يتم استخدام أوراق الحشيش المعروف باسم الماريجوانا، حيث يتم لف أوراق الماريجوانا وتدخينها، وهذه العادة مُنتشرة بين قطاع كبير من الشباب، حتى أنه في بعض الدول مثل هولندا مسموح بتدخين الماريجوانا في محلات خاصة بهذا المخدر. أما زهرة الحشيش أو ثمرة الحشيش فإنه يتم تصنيعها بطرق متقدمة لتُنتج مادة تشبه الطين اللين، وكذلك يُعصر الحشيش (ثمرة الحشيش) حيث يستخرج منه زيت الحشيش ويُستخدم في أغراضٍ كثيرة، ومن استخداماته علاج للشعر، ولكن سعر زيت الحشيش مرتفع.
الحشيش المُصنع والذي يُستخدم للتدخين هو أكثر أنواع الحشيش استخداماً حيث يتم خلطه مع التبغ و يتم تدخينه عن طريق لفه مع السجاير أو مع الأرجيلة . الحشيش ليس كما يظن الناس بأنه ليس له أضرار و أنه لا يُدمن عليه .. فهذا خطأ شائع حتى بين المتعلمين والمثقفين، حيث يرّوج البعض بأن الحشيش يُساعد على الإبداع ويوسع الخيال مما يدفع بعض الذين يكتبون و يُبدعون بتدخين الحشيش وهذه أيضاً شائعة غير صحيحة. الحشيش مادة مخدرة تؤثر على الدماغ بشكل كبير و تعاطي الحشيش لسنواتٍ طويلة يؤدي إلى ضمور في الدماغ و الإضرار بالوظائف العقلية للمدمن على الحشيش . و إضافة للأضرار الصحية للحشيش فإن له مضاراً اجتماعية لا تُحصى، فغالباً ما يجتمع الأشخاص الذين يتعاطون الحشيش في عزلة عن المجتمع لكي يتسنى لهم الاستمتاع بهذا المخدر الضار. و كذلك للحشيش اضرار مادية فهو مُكلف على من يتعاطاه نظراً لارتفاع سعره،والذين يتعاطون الحشيش يدفعون مبالغ كبيرة من دخولهم لشراء هذا المخدر. وللآسف الشديد بأن هذا المخدر انتشر بين الشباب الخليجي فتيان وفتيات.. فقد بدأ الملاحظون للتعاطي المخدرات في المجتمعات بأن الحشيش أصبح مادة سهلة الاستعمال و يتعاطاها الفتيات في الدول الخليجية بنسبة مُرتفعة.
المرضى النفسيون والعقليون يستخدمون المواد المخدرة بنسبة أكثر بكثير من الأشخاص العاديين، واستخدامهم لها لأمرين:
أولاً : أن مادة الحشيش (أو الحشيشة) قد تُرسب الاضطرابات العقلية للأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي لأن يُصابوا به الاضطرابات، خاصةً مرض الفصُام و مرض الاضطراب الوجداني ثنُائي القطب.
ثانياً: أن بعض المرضي النفسيين والعقليين يستخدمون مادة الحشيش للتخفيف من أعراض أمراضهم العقلية و النفسية ( حسب وجهة نظرهم الخاطئة) و بذلك يستخدم مرضى الفصام الحشيش حتى يُساعدهم في التخّلص من الأصوات التي يسمعونها (الهلاوس السمعية) و لكن الحقيقة هو أن الحشيش يُساعد على تفاقم هذه الأعراض ولكن المرضى نتيجة تأثير الحشيش على مراكز الدماغ يتخيلون بأن الأعراض قد خفت ولكن في واقع الأمر إن تأثير الحشيش على خلايا الدماغ و على المناطق التي يؤثر فيها تجعل المريض لا يعقل ما يحدث له تحت التأثير المخدر لمادة الحشيش.
مرضى الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، حسب الدراسات هم أكثر المرضى العقليين الذين يتعاطون الحشيش .وتقول الدراسات بأن تعاطي الحشيش مُنتشر بشكلٍ كبير بين مرضى الإضطراب الوجداني ثُنائي القطب.
الدكتور ستيفن سترواوسكي وزملاؤه من جامعة سنساتي، كلية الطب في أوهايو في الولايات المتحدة الأمريكية قاموا بدراسة تعاطي الحشيش بين مرضى الاضطراب الوجداني ثُنائي القطب.
وجد الباحثون بأن الشخص الذي كان يتعاطى الحشيش قبل إصابته بالمرض قد يتحسّن أكثر من الشخص الذي بدأ يتعاطى الحشيش بعد إصابته بالمرض. وبذلك أشاروا بأن الشخص الذي يتعاطى الحشيش بعد الإصابة بالمرض يُعاني من اضطرابات وأعراض المرض أكثر من الشخص الذي كان يتعاطى الحشيش قبل أن يُصاب بالمرض، وحتى الاستجابة للعلاج تُصبح أقل للمرضى الذين بدءوا بتعاطي الحشيش بعد أن أصيبوا بالاضطراب الوجداني ثنائي القطب.
وعندما قام الباحثون بدراسة الفروقات الديموغرافية بين المجوعتين (المجموعة التي أصيبت بالمرض قبل تعاطي الحشيش والمجموعة التي أصيبت بالمرض بعد تعاطي الحشيش) مثل العمر، الجنس، بداية المرض،و الوقت الذي استغرقه المريض حتى يُشفى من نوبة الإصابة بالمرض لم يجدوا فروقات ذات دلالة إحصائية، بمعنى أن العامل المشترك المؤثر الوحيد للتحسن هو تعاطي الحشيش.
قام الباحثون بدراسة 144مريضاً بالاضطراب الوجداني ثنُائي القطب، تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة و الخامسة والأربعون عاماً. كان جميع المرضى من الذين لم يُسبق لهم الدخول إلى أي مستشفى نفسي أو قسم نفسي و تلّقوا علاجات بسيطة فقط للمرض. بين المرضى الذي شاركوا في الدراسة كان هناك 69من مُستخدمي الحشيش . ثلاث وثلاثون مريضاً كان استخدامهم للحشيش قبل الإصابة بالاضطراب الوجداني ثُنائي القطب، بينما كان هناك 36مريضاً بدأوا في استخدام الحشيش بعد الإصابة بالمرض. البقية من المرضى المشاركين في البحث وعددهم 75مريضاً كانوا فقط مصابين بمرض الاضطراب الوجداني ثُنائي القطب.
استنتج الباحثون بأنه عكس ما يظن المرضى فإن تعاطي الحشيش يجعل الإضطراب الوجداني أكثر سوءً، ويجعل الشفاء أصعب حتى مع تناول العلاج.