الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد :
فإن العلماء هم ورثة الأنبياء وأشد الناس بلاء بعدهم ومع ما يتحملونه من مسؤوليات عظيمة وجسيمة تجد كثيرا من شباب عصرنا – بل حتى بعض طلبة العلم ومنهم من يشار إليه – تجاسروا على أمر عظيم وخطير يعصف بالأمة يمنة ويسرة بل يمزقها أشلاء ألا وهو : عدم تقدير العـلـمـاء الأكابـر !
ولعل الباعث على ذلك : إعجاب المرء بنفسه والاستبدادية في الرأي مما ولد عنه هذا الداء العضال بل وزعزعة الثقة فيهم بل وضرب بعضهم ببعض !!
ولعلنا نورد لإخواننا مذكرين وناصحين بعض الأحاديث في هذا الصدد مع ذكر شيء من فوائدها :
1- عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه )
2- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا )
3-عن أنس رضي الله عنه قال :قال صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا )
4-عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( البركة مع أكابركم )
ونستفيد من هذه الأحاديث ما يلي :
1- على المرء أن يلزم غرز العلماء الأكابر وخاصة في قضايا النوازل والجرح والتعديل ونحوها التي يكثر فيها القيل والقال لأن رأيهم أحكم وأسلم .
2- على المرء أن لا يخالف العلماء الأكابر ما لم يخالفوا نصا تقديرا واحتراما لهم وعملا بالنصوص واقتداء بمن سلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم .
3- على المرء أن لا يفتي أو يحكم في قضية أو خصومة وأساطين العلم في بلده ومن حوله وصدق من قال : لا يفتى ومالك في المدينة .
4- على المرء أن لا يعجب برأيه ويطير به بل الواجب عليه أن يعرض ماراه على أكابر العلماء في زمانه فإن وافقوه فالحمد لله وإن نهوه وحذروه وزجروه عن هذا الرأي فليمتثل وهذا عين الأدب وخلاف ذلك مكمن العطب وسوء الأدب .
5- على المرء أن يعرف فضل العلماء الأكابر فلا يهون من شأنهم ويقلل من قدرهم وعلمهم ويزهد الناس فيهم أو يؤلبهم عليه فهذا من عمل السفهاء الجبناء الذين لم يعرفوا حقيقة العلم وثمرته والفائدة منه .
6- على المرء أن يحترم نظرة العلماء الأكابر في أي أمر ويقدرها وإن لم يدرك غورها وبعدها لصغر سنه وقصر باعه وضيق إدراكه .
7- على المرء إذا سمع من أحد العلماء الأكابر نقدا لطائفة أو منهج أو شخص أو مقالة أن يجعلها في سويداء قلبه وعمدته وتاج رأسه وإلا ليسكت ولا يخوضن في أمر ليس هو من أهله وقديما قالوا : من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب .
وبعد عرض هذه الفوائد أقول : لا يشك أحد أوتي علما وفهما أن الشيخ ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله - من جملة هؤلاء العلماء الأكابر وإن ما قام به بعض الإخوان في اليمن وغيرها من الكتابة في الأحداث الراهنة خلاف منهج الحق لأمور :
1- الشيخ ربيع أكبر سنا وأعلم منهم وأعرف بمناهج الأحزاب الحادثة منهم ولا يشك في ذلك أو ينقضه إلا متوتر موتور .
2- الشيخ ربيع على عقيدة سلفية وصلاح واستقامة وشهد له بذلك إمام السلفيين عبد العزيز بن باز رحمه الله حيث قال :
وإخواننا المشايخ المعروفون في المدينة ليس عندنا فيهم شك هم أهل العقيدة الطيبة ومن أهل السنة والجماعة مثل الشيخ / محمد أمان بن علي الجامي ومثل الشيخ / ربيع بن هادي ومثل الشيخ صالح بن سعد السحيمي ومثل الشيخ فالح بن نافع ومثل الشيخ محمد بن هادي كلهم معروفون لدينا بالاستقامة والعلم والعقيدة الطيبة نسأل الله لهم المزيد من كل خير والتوفيق لما يرضيه ولكن دعاة الباطل أهل الصيد في الماء العكر هم الذين يشوشون على الناس ويتكلمون في هذه الأشياء ويقولون المراد كذا وهذا ليس بجيد الواجب حمل الكلام على أحسن المحامل) 0
وقال بذلك الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله فقال : والشيخ ربيع من علماء السنة ومن أهل الخير وعقيدته سليمة ومنهجه قويم لكن لما كان يتكلم على بعض الرموز عند الناس من المتأخرين وصموه بهذه العيوب 0
3- الشيخ ربيع إمام في الجرح والتعديل بشهادة إمام ومحدث العصر الشيخ العلامة محمد ناصر الدين رحمه الله حيث قال : وباختصار إن حامل راية الجرح والتعديل اليوم في العصر وبحق هو أخونا الدكتور ربيع والذين يردون عليه لا يردون بعلم أبدا والعلم معه وإن كنت أقول دائما انه لو يتلطف في أسلوبه يكون انفع للجمهور من الناس سواء كانوا معه أو عليه أما من حيث العلم فليس هناك مجال لنقد الرجل إطلاقا إلا ما أشرت إليه آنفا من شيء من الشدة في الأسلوب أما انه لا يوازن فهذا كلام هزيل جدا لا يقوله إلا أحد رجلين إما جاهل فينبغي أن يتعلم وإما رجل مغرض فهذا لا سبيل عليه إلا أن ندعو الله له أن يهديه سواء الصراط .
وشهد له بذلك أيضا فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله حيث سئل عن كتب الشيخ ربيع فأجاب رحمه الله :
الظاهر أن هذا السؤال لا يحتاج لقولي وكما سئل الإمام أحمد عن إسحاق بن راهويه – رحمهم الله جميعا - فقال : مثلي يسأل عن إسحاق ! بل إسحاق يسأل عني وأنا تكلمت في أول كلامي عن الذي أعلمه عن الشيخ ربيع وفقه الله ومازال ما ذكرته في نفسي حتى الآن ومجيئه إلى هنا وكلمته التي بلغني عنها ما بلغني لا شك أنه مما يزيد الإنسان محبة له ودعاء له .
وشهد له بذلك أيضا محدث اليمن الشيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله فقال : والشيخ ربيع ابن هادي المدخلي، فهو آية من آيات الله في معرفة الحزبيين
وقال : فالشيخ ربيع بن هادي حفظه الله بأرض الحرمين ونجد يكشف الحزبيين ويبين ما هم عليه.
وقال : من ابصر الناس بالجماعات وبدخن الجماعات في هذا العصر الأخ الشيخ ربيع بن هادي حفظه الله من قال له ربيع بن هادي إنه حزبي فسينكشف لكم بعد أيام أنه حزبي ستذكرون ذلك فقط الشخص يكون في بدء أمره متسترا ما يحب أن ينكشف أمره لكن إذا قوي وأصبح له اتباع ولا يضره الكلام فيه اظهر ما عنده فأنا أنصحكم بقراءة كتبه والاستفادة منها حفظه الله تعالى .
4- ما كتبه الشيخ ربيع المدخلي – حفظه الله- من كتب ومقالات لم يلحظ عليه العلماء خطأ وخروجا عن منهج أهل الحق وتقديماتهم لكتبه لأكبر دليل على ذلك .
قال الشيخ الألباني رحمه الله : فأريد أن أقول إن الذي رأيته في كتابات الشيخ الدكتور ربيع أنها مفيدة ولا أذكر أني رأيت له خطأ وخروجا عن المنهج الذي نحن نلتقي معه ويلتقي معنا فيه
وكلمات هؤلاء العلماء الأكابر يجب على طلبة العلم عموما- وخصوصا من طلب العلم عندهم - الوقوف عندها تقديرا وتبجيلا لمقامهم وعملا بوصيتهم واحتراما لمن قيلت فيه ولولا احترامهم وتقديرهم ومعرفتهم به وثقتهم فيه لما قالوا ذلك ولعلها وصية من هؤلاء العلماء الأماجد الأكابر للأمة وشبابها وطلابهم بالأخص بالالتفاف حول الشيخ ربيع والأخذ عنه والاستفادة منه وعدم الصدور إلا عن رأيه والأحداث السابقة والراهنة تؤكد ما أقول فعلى من يكتب في قضية والشيخ ربيع طرف فيها أو يجمع أسماء لتأييد فلان وعلان أن يكسروا أقلامهم ويكفوا عن ذلك إن كانوا لكلمات العلماء مقدرين ومحترمين وليأتوا لإمامهم بشهادة علمائهم فيعرفوا منه الحقيقة ليدركوا الأمر قبل تفاقمه ولن تزيد كتابتهم إلا فرقة وشتاتا فهل أنتم عائدون ؟
ولكن قبل ذلك وبه يتحقق العود والعود أحمد : أين احترام الكبير ؟ بل أين تقدير العالم ومعرفة حقه وشرفه ؟ بل أين العمل بوصية العلماء فيمن تأخذون عنهم وتستفيدون منهم ؟
إن ما حدث في هذه الأيام لهو عقوق للعلماء وجناية في حقهم وسوء ظن بهم ولن يكفر ذلك إلا بالنهوض والوقوف يدا واحدة في وجه المخطئ نصحا للامة وشفقة ورحمة بشبابها ولن يكون ذلك إلا بالعود لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بفهم سلفنا الصالح ومع أكابر عصرنا ممن ساروا على هذا النهج العظيم مقدرين لهم جهودهم شاكرين لهم صنيعهم مستفيدين من علومهم وتجاربهم آخذين بآرائهم مسترشدين ومستنيرين لا متكبرين أو متعالين أو مؤلبين أو منقلبين عليهم أو مزهدين فيهم فالله الله في العود لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه سلفنا الصالح رضوان الله عليهم والله الله في تقدير العلماء الأكابر واحترامهم فإن ذلك من الإيمان ومن لا إيمان له فلا أمانة عنده وفي هذا كفاية لمن أراد النجاة والهداية .