لِكُلِّ شَيءٍ إذا مـا تـمَّ نُقصَـانُ== فلا يُغرُّ بطِيب العَيـشِ إنسـانُ
هيَ الأمورُ كمـا شاهدتُهـا دُولٌ== من سره زمنٌ ساءتـهُ أزمـانُ
وَهَذِهِ الدَّارُ لا تبقِي علـى أحـدٍ== ولا يدُومُ عَلَى حَالٍ لَهَـا شـانُ
أين المُلُوكُ ذوي التُيجانِ مِن يمنٍ == وأيـن منهـم أكاليـلٌ وتيجـانُ
وأين ما شـادهُ شـدادُ فـي إرمٍ== وأين ما ساسهُ في الفُرسِ ساسانُ
هذه مطلع مرثية أبو البقاء الرندي في الأندلس , وضياع غرناطة وأشبيلية ..بعد أن أضاعوها أهلها أكثر مما كان يرغب فيها الأعداء , حينما استشرت فيهم الليالي الحمراء , وشرب الخمر والآثام, والتهاون في الغزو الفكري واعتبروه من صغائر الأمور ...ثم تمادوا في ذلك , حتى غزى الغرب ثقافتهم الإسلامية ,وأدخل عليها العهر الغربي حتى ضاعت من بين أيدي المسلمين وهم ينظرون ...!!
.
.
.
لا أدري ماهو الرابط العجيب الذي جعلني أتذكر الأندلس , وأبحث عن مرثية أبو البقاء ...؟!
قد يكون ذلك الأدب المشّوه ( الأطرم والأبكم والأعمى) الذي تطل به علينا بعض الصحف يوميا وبعض من أسموا أنفسهم أدباء ....!!
وقد أكون مبالغاً في الربط بين الأمرين ...أو ( الأمرّين ) ...ولكن لا يمنحني الخيار إلا أن أكمل هذا الهذيان الذي أشغل هذا الصندوق الذي أحمله فوق أكتافي ....!!
فرغم حبنا لأشبيلية , وغرناطة إلا أن همنا الأكبر الآن ما يحدث في بلد الإسلام , وخوفنا أن يتمادى هؤلاء الشرذمة القليلون في انحرافهم عن الطريق القويم أكثر مما هم عليه الآن إن لم يجدوا من يوقفهم عند حدهم .
.
.
.
لا سيما أننا الآن نشاهد كظيظا من زحام المعدومين المجهولين من أهل الريّب والفتن المستغربين المسيرين بحمل الأقلام المتلاعبة بدين الله وشرعه , يختالون في ثياب الصحافة والإعلام , وقد شرحوا بالمنكر صدورهم , فانبسطت ألسنتهم بالسوء ..وجرت أقلامهم بالسوأى , وجميعها تلتئم على معنى واحد : التطرف الجنوني في مزاحمة الفطرة ومنابذة الشريعة ..وجرّ أذيال الرذائل على مجتمعنا النقي الطاهر ..
.
.
هذه الخطط الضالّة من أولئك البائسون ليست وليدة اليوم , فإنها جادة الذين مكروا السيئات من قبل في عدد من الأقطار الإسلامية , حتى آلت الحال إلى ماهي عليه الآن ..واقع شاع فيه الزنى , وشرّعت فيه أبواب بيوت الدعارة , ودور البغاء بأذون رسمية , وسنّت القوانين بإسقاط الحدود وأن لا تعزير عن رضا ...!!
.
.
فماذا يريد المأجورين الخبثاء ..؟
إنهم يريدون أن تصل الحال إلى ما وصلت إليه البلاد الأخرى من الحال الأخلاقية البائسة , والواقع المرّ الأثيم يريدون أن تسقط بلادنا كما سقطت الأندلس ..!!
.
.
فأمام هذا العدوان السافر على الفضيلة , والانتصار الفاجر للرذيلة , وأمام تجاوز حدود الله وانتهاك حرمات شرعه المطهر , يجب علينا أن نقف صفا واحداً محذرين من دخائل أعدائنا , من أولئك الأجراء المستغربين , وأتباعهم سذجة الفسّاق , أتباع كل ناعق , الذين يفّوقون سهامهم لاستلاب الفضيلة , ونشر الرذيلة ...!!!
.
.
يجب علينا العمل جاهدين ألا يدخل علينا الأعداء عن طريق هؤلاء المستغربين , قبل أن يفوت الأوان ونفقد (أندلس ) أخرى ..