قصة واقعية عن الحب
سلام كيف الحال
اليوم التقيت به أنه ذلك القابع يجتر مآساةً خلفتها له أحلام دفع من أجلها ما معه من نقود,ومن كرامةٍ أيضاً..فالأخاديد والحفر التي على وجهه لم تنحتها عجلات الزمن كما يقال..فعمرهُ كما تقول بطاقة الهوية عشرون عاماً هي كل ما خرج بها من هذا الوطن! بحثاً عن لقمة عيش لأسرته التي تنتظر في القرية تنتظر معيلها أن يعود بما يكفل لهم حياة كريمة- بل الحزن الممض وكرابيج ضباط التحقيق وقبضاتهم هي من خلفت في وجهه تلك الأخاديد والكدمات التي تفصح بمرارةٍ عن قهر الرجال..الرجال الذين لم يصادفهم (حسن) إلا في هيئة غير هيئة الأنسانية .
شاب اسمه حسن عندما تراه لأول وهلة يخامرك إحساس عجيب وسؤال بحجم الكارثة يتخر النسيان ,ليطرح نفسه وبكل قوة لــــمــاذا؟..
الحكاية بدأت عندما كان حسن يدرس في قريته.وكان يسمع عن أناس جمعوا أموالاً طائلة من خلال عملهم في أحدى الدول المجاورة ,وعادوا بكنوزٍ لم يكونوا يجمعوها في بلادهم..أستهوت الفكرة عقله الصغير وقرر أن يهاجر مع بعض أقرانه خلسة عبر سماسرة التهريب ,حيث تم توزيعهم على شكل مجموعات صغيرة كي يتسنى لهم العبور دون ان يشعر بهم رجال حرس الحدود ,لم يكن حسن يعرف إلى أين سيذهب بالضبط وكيف سيعمل؟ وغيرها من الأسئلة التي كانت تدور في رأسه وهو على مشارف الحدود.
فهو لم يكن معه سوى مبلغ بسيط ..وقد دفعها للسمسار الذي سيتكفل بتمريره عبر الحدود,وكيس من الثياب البالية وحلم بعيش كريم سيستقيم له بعد أن يعود..فجأة يجد حسن نفسه مع نفرٍ لم يكن من بينهم ابن عمه الذي وزعه أحد المهربين مع مجموعة أخرى أجتازت الحدود قبلهم بيومٍ واحد ..,وما إن حل الليل حتى بدأت مجموعته بالمسير ,وبعد أن عبروا الحدود التفت إليه أعضاء مجموعته ليخبروه أن يسير لوحده حتى لايفضح أمرهم ..اخذ حسن يرجوهم أن يمشي معهم وهو يبكي ولكن لم تفلح جميع محاولاته في استجدائهم فقد تركوه وحيداً,وكلما حاول الأقتراب منهم رموه بالحجارةِ وهميغذون في المسير ,يستحثون الخطى حتى اختفوا عن ناظريه,أخذ حسن يمشي والدموع تقطر من عينيه الذابلتين حزناً وقهراً ,فالشوك والأحجار تدمي قدميه العاريتين إلا مما يسمى مجازاً بالحذاء..يوم كامل وليلة وهو يسير والجوع يقضم كل عضلة من عضلاتِ أمعائه ..فلا يجد سوى الحسرة زاداً لمصيره الغامض واللعنات والغضب على ظروف أجبرته على تجرع الهوان بكل مفرداته..غربة - جوع - وحدة قاتله -ووطن تنكر له - ومجتمع لم يرحم شظف عيشه..ظل حسن يسير على غير هدى ,وفجأة وجد نفسه أمام بوابة كبيرة ضخمة طرقها ظناً منه أنها بوابة لقرية ما,خاصة وأن السور المحيط بها يمتد على مساحة شاسعه من الأرض ,ولم يكن المسكين يعلم أن هذه البوابة ليست إلا باباً من أبواب كثيرة لإحدى معسكرات هذه الدولة التي تسلل إليها بطريقة غير شرعية.
قُبض على حسن وتم إتهامه بأكثر من خمس تهم ما بين:. تجسس وتهريب أسلحة ,ومخدرات وأطفال ,وبانخراطه في منظمات إرهابية..وو..إلى ما هنالك من تُهم تكفي واحدة منها لأعدامه خمسين مرة.
سُجن حسن في زنزانة أنفرادية لأكثر من شهرين تعرض فيها لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي من صعق بالكهرباء وتعليق إلى الحرمان من النوم لأيام وكل هذا وعيناه معصوبتان لايرى بهما إلا عند مواعيد الوجبات,وذنب حسن أنه لم يجد متسعاً من وطن يسمح لأحلامه بالمرور .فوطنه لم يكن متفرغاً ليمنحه وظيفة أكثر من بطاقة أنتماء عليها عبارة..مواطن!!! تُطل من جيبه كشتيمةٍ قاسية تحيل آدميته إلى جثة متكومة تحت أقدام الحاجة .
أفرج عن حسن بعدها ,ولكن بدون كيانه الذي تعفن أفرج عنه بعد تحريات لأكثر من شهرين أثبتت عد م صلته بأي تنظيم إرهابي أوجماعة مسلحة أو عصابة تهريب ,ليتم ترحيله إلى بلاده!!؟ مُشبعاً بتجربة أليمة تركت معالمها الواضحة على جسده .
..وعاد حسن لعله يرى في يوم من الأيام وطناً لم تنتهي صلاحيته بعد,وبلاداً تضم فقرائها كما تضم التربة الطاهرة أشجار اللوز وأزهار اليلك و..تصبحون على وطن