رياح شرقية
يا خوفي من آخر المشوار!
محمد الشيخ
سأصدقكم القول: القلق يتلبسني، والخوف لا يكاد يبرحني حتى يعاودني، وهواجس الإخفاق تحلق فوق رأسي، وذلك في كل مرة أفكر فيها بمباريات "ثلاثي الوطن" الاتحاد والأهلي والهلال في إياب نصف نهائي دوري أبطال آسيا، والتي ستبدأ اليوم بمباراتي الاتحاد وغوانزو الصيني، والأهلي وسباهان الإيراني، وتنتهي يوم غد بمواجهة الهلال وأولسان الكوري.
كل ذلك يعتريني لأسباب لا تخفى على المتابع سواء للكرة السعودية بشكل عام، أو للأندية الثلاثة تحديداً، فمن الناحية الفنية ليس ثمة مستويات يمكن الرهان عليها، ولا أدل على ذلك مما نشاهده في منافساتنا المحلية، وقبل ذلك من مستويات منتخبنا الوطني، أما من الناحية النفسية فلنحدث في ذلك ولا حرج، فالإحباط سيد الموقف، إذ يفرض نفوذه على الوسط الرياضي بكل ساحاته، أما نتائجياً فلا مجال للأخذ والرد، ورصيد الكرة السعودية يشكو الإفلاس المدقع في بنك الانجازات منذ اعوام.
لست هنا بوارد تسريب قلقي، وبث مخاوفي، ونشر هواجسي للوسط الرياضي أبداً والله، ولكنني أقول ذلك صدقاً مع نفسي، ولقناعتي بأن أحداً في الوسط الرياضي بكافة مكوناته لا يكاد يختلف معي في شيء مما ذهبت إليه، حتى أنصار الأندية الثلاثة، إلا من أعماه تعصبه منهم، وإلا فواقعنا يشهد بذلك، ثم إن لغة الأرقام لا تكذب، بل إنها تعطي مؤشرات أكثر إقناعا من الأحاديث المجردة؛ حتى وإن كانت حمولتها مثقلة بالعبارات الإنشائية الموغلة في الإحباط، والمتشربة بالتشاؤم.
أكثر ما يزيد الصورة قتامة قبل مواجهة أنديتنا الثلاثة أن مباريات الذهاب لم تحمل ما يبشر بالحسم سلفاً؛ لا على صعيد النتائج، ولا على صعيد المستويات حتى الاتحاد الذي دك في جدة التحصينات الصينية برباعية قبل هدفين في مرماه جعلت الأمور تبدو مريبة قبل الرحلة إلى الصين؛ خصوصاً وأن الأهداف الأربعة لا تعكس في واقعها حضوراً اتحادياً مبهراً، ولا تعبر عن ضعف صيني، وتلك حقيقة لا ينبغي الهروب منها، أما الأهلي فالتعادل السلبي في الملعب الإيراني وإن كان جيداً إلى حد ما كونه جاء في ملعب الخصم، إلا أنه في حسابات الذهاب والإياب يصب في قناة الإيرانيين، إذ باتت الفرص لدى سباهان أوفر؛ إذ يكفي العلم أن أي تعادل إيجابي؛ فضلاً عن الفوز يمنحه العبور للنهائي، أما الهلال فلا شيء يعبر عن فشله في مهمة الذهاب من عودته مهزوماً وإن بهدف يتيم.
هذا هو الواقع الذي لا مناص من الاعتراف به؛ لكن في مقابله ينبغي أن اعترف أن كرة القدم ليست لعبة منضوية تحت لواء الواقع، ولا أسيرة لدى سلطة المنطق؛ إذ ليس بالضرورة أن الأفضل مستوى، بل وحتى الأفضل نتيجة يفوز دائماً؛ والشواهد في هذا الشأن أكثر من أن تحصى؛ ولذلك سأظل أطرد أشباح القلق، والخوف، والهواجس، وسأنقب عن التفاؤل رغم كل الخيبات التي ما برحت تصدمنا بين حين وآخر؛ على الأقل من باب "تفاءلوا بالخير تجدوه"؛ لكن في المقابل لن أقبل على نفسي الاختباء خلف أصابعي وألا أقول: يا خوفي من آخر المشوار!