وريقات باكيتا الخضراء
تاهت الأفكار، وبدونا كمن يشاهد كرة القدم لأول مرة ونحن نصغي إلى تحليلات (محللو الياقة والكرفتة) على ما قدمه منتخبنا أمام تونس.
ضرب واصل هجومه غير المبرر على باكيتا، رغم أن الأخير أثبت, وبالدليل القاطع, تمكنه من السير بدفة أخضرنا, على الأقل في النهائيات, سيرا في دروب العالميين وفق الممكن والمتاح.
أجمع لاعبو التشيك في تصريحاتهم التي أعقبت خسارتهم المريرة أمام غانا أنهم يتحملون المسؤولية. ولم تنعت الصحافة التشيكية مدربها كارل بروكنير أو توجهه (بدكتاتورية) الرأي المتفرد الصحيح بذات النعوت وذات التوجيه السلطوي الذي نمارسه نحن مع باكيتا.
تومسا روزكي نجم التشيك يعترف بأنهم كانوا كالبلهاء وهم يحاولون استخلاص الكرة من أقدام الغانيين، خصوصاً بعد تسجيل واجهة إفريقيا المشرقة هدفها الأول. بيتر، لاعب الوسط ، على النقيض، راض عن أدائه الشخصي، لكنه مستاء من النتيجة .. وفينا من ما زال يفكر في أن وسائل الإعلام الدولية المتخصصة تحركها ألوان أنديته التي أشك أنهم يعرفون نطق أحرفها.
باكيتا، وفيليب سكولاري مدرب البرتغال ، وفي ذلك تقريب ليس إلا ، دخلا بآمال متباينة. كان على باكيتا أن يمسح الصورة الهزيلة التي ظهر بها منتخبنا في 2002، وتفرغ سكولاري لمهمته الأم. كان على باكيتا أن يعالج مخرجات دورينا، وعيوب اللاعب السعودي المزمنة وسط احتراف ما زال يحبو. وكان على باكيتا أن يشرح للإعلام كل ما يدونه في وريقاته، وكان على سكولاري أن يطبق ما دون. وشتان بين مطالب الأول بالحديث عما يكتب، وعمن يطالب الثاني بتطبيق ما يكتب.
مدرب إيران إيفانكوفك تعامل مع إمكانات منتخبه، حسب المتاح والممكن مرة أخرى، وخسر التأهل والنقاط الثلاث أمام البرتغال. وباكيتا تعامل بذات العقلية، وخسر بهفوة دفاع، أكاد أجزم أنها لو لم تأت، لتبدلت قناعات وقناعات.
خسر الأزوري نقطة ثمينة أمام الأمريكيين، لكن نجوم الأزرق حملوا أنفسهم إلى حد كبير تلك الخسارة. اعترف ليبي الإيطالي أنهم اقترفوا ثمة أخطاء، من أهمها عصبيتهم الزائدة غير المبررة. دي روسي اقترف أخطاء (هولوجانية) أخرجت مدربه عن طوره. ونحن نسينا أخطاء لاعبينا في المحافظة على تقدمهم وتعاملهم الاحترافي مع النتيجة.
لطالما نبهنا منذ لقائنا الأول أمام أوزباكستان أن ثمة عيب شرعي يلازم لاعبي هذه الفترة، هو عدم مقدرتهم على المحافظة على التقدم.
تدخل باكيتا غير مرة، وكانت تدخلاته في محلها. أخرج نواف ونور اللذين ثبت أنهما ما زالا بعيدين عن مستوييها، رغم أن نور كان أكثر إيجابية وتحررا من زميله نواف. وحل معاذ وأمين حركة دون توقف.
ولإعطاء كل ذي حق حقه ، فلقد مرر ذاك المارد نور ، كرة ولا أروع للنهاز القناص ذي السهام. لدغة تعادلنا بها، واندملت من خلالها جراح الماضي. ثم جاء التغيير الأخير بدخول ابن الوطن سامي ابن تاريخ المجد السعودي.
دلف سامي وعاتقه محمل بهموم وأحمال لا قبل له بها, صراع داخلي في فؤاد ذاك الطفل الكبير. صراع الإخفاق والنجاح، ومعركة الأنا واللا أنا ، تماماً كبطل شكسبير في صراعه الداخلي الحارق. كثيرة ذكريات ذات النحيف في كؤوس العالم ، لكني أظن ذكرياته هذه المرة كانت الأجمل ... الأروع. ولأنه سامي ، فقط ... كان هو ... لا هم ... هو التاريخ ... وهم ....
كان هو يوم أن ضرب التاريخ بقدميه، وقال للجميع... بثغر سعودي أصيل ... هاهنا تبنى صروح الأرقام الذهبية. كان هو ... وكان رفيق دربه حسين.
كان سامي وعبد الغني، يجسدان روعة التلاقي لما أن تعانقا، وذابت قطرات عرقهما النقية في جسد وطني الأخضر.
عناق حار ذاك الذي رأيناه ، عناق الكبار... وللكبار عناق لا يعرف حرارته إلا هم. فرحة من مبروك على رفع علم بلاده شامخا. صورة فيها من العهد والوعد على رفع اسم بلادي عالياً، ولتذهب الأندية إلى ....
كان الهدف المونديالي الثالث لسامي ... والثاني لنا ... الأجمل .. والأفضل... والأغلى .
سجل ابن الوطن .... فسجد شكراً لله ... وسجدنا معه شكراً وعرفانا .. لكم كان طاهرا ذاك السجود ... سجود للمولى ... حمداً وشكراً ... ولكم كانت رسالة معبرة دعوية معبرة تغني عن آلاف الخطب الدعوية... ولكم تصفح أبرز الصحف والمجلات البرازيلية. صحف ومجلات سئلت وتساءلت ... لمن كان السجود؟ ولم؟
ورغم ذلك، ظل باكيتا .. رغم نجاح تغييراته، ظل مكبلاً بمطالبات الإفصاح عن وريقاته الصغيرة.
لا عليك باكيتا ... دوّن ما شئت ... وخبِّئ ما شئت ... وريقات ترعب خصومنا بها .. طالما أنها ورقيات تسهم في تحرير كتاب تاريخنا الكروي الناصع.
نـوافـذ
العزاء كل العزاء لابن هذا الوطن ابن الشلهوب على مصابه... لا حول ولا قوة إلا بالله... وإنا لله وإنا إليه راجعون.
يخطئ من يظن أن لاعبينا حرموا من جائزة أفضل لاعب.. هو شرف ما بعده شرف... وما أجمل أن تدع شيئا لله.
حسين عبد الغني .. كتيبة ولاء خضراء تسير على أرض المونديال.
خسرت غانا تعاطف الكثيرين لما أن رفعت علم إسرائيل بعيد فوزها على التشيك .. أتساءل: لماذا لم يرفعوا علم بلادهم !!
مالك معاذ... نجم يعرف كيف يرسم بداياته جيداً ... تواضع كبير وأخلاق جمة.
باكيتا يتمنى الجو الحار من أجل لاعبينا ... تصريح مضحك.
قالوا له أن جل لاعبي إيران محترفين في الخارج ، وفي ألمانيا وإيطاليا بالتحديد, فقال إن الدوري هناك ضعيف, بل أنت الضعيف يا ....
أكتب هذه السطور قبيل لقائنا أمام الكروات ... وأظنها خض...... !!!