الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر، وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولو كره من أشرك به وكفر، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر، الشافع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب ومعشر، وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدا البدر وأنور، وسلم تسليما.
أحبتي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أسأل الله جل وعلا أن تكونوا جميعاً بخير وعافية.
من نعم الله تبارك وتعالى عليَّ أنني ولدت وعشت في محافظة عنيزة وهي كسائر مدن ومحافظات هذه البلاد المباركة حرسها الله تعالى ووفق ولاة أمرها لكل خير.
ولكني أحسب أنه كان ما يميز هذه المدينة عن غيرها من المدن هو وجود علم من أعلام المسلمين فيها.
وهو صاحب الفضيلة الشيخ العالم المحقق, الفقيه المفسّر, الورع الزاهد العلاّمة محمد بن صالح العثيمين
- رحمه الله-
وإني والله كلما تذكرت هذا العالم الربّاني لم أتمالك نفسي.
وأحمد الله جل وعلا أن عيناي قد تكحلت برؤية هذا الشيخ.
وأرى أن من واجب المحبين للشيخ والمقصرين أمثالي هو نشر علم الشيخ بين الناس.
ولعل هذا الموضوع هو محاولة متواضعة مني بذلك.
وسيكون (((متجدداً بإذن الله تعالى)))
وإن كان لي من جهداً يذكر في هذا الموضوع, فهو الاختيار والكتابة فقط, أسأل الله جل وعلا أن يكون خالصاً لوجهه الكريم.
علما بأن منهجي في هذا الموضوع هو:
النقل من الكتاب مباشرة مع الإشارة إلى رقم الجزء والصفحة
حتى يكون النقل سليماً(كما هو منهج الشيخ) وحتى لا ننسب للشيخ ما ليس من كلامه.
وقد اقتصرت على كلام الشيخ - رحمه الله - دون أن أكتب تخريج الآيات والأحاديث حتى لا يطول المقام ومن أراد تخريجها فليرجع للأصل مشكوراً.
وسأحاول أن أختار في هذا الموضوع من كلام الشيخ رحمه الله ما يناسب حالنا نحن الطلبة.
فما كان في هذا الموضوع من خير وصواب فمن الله وحده لا شريك له فله الفضل والمنة.
وما كان فيه من خطأ أو زلة أو نسيان فمن نفسي والشيطان واستغفر الله على ذلك.
وفي الختام
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم, باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب, أن يرحم شيخنا ابن عثيمين رحمة واسعة وأن يجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء وأن يجمعنا به في الفردوس الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم, من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
(((الاختيار الأول)))
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
( تعريف العلم )
العلم لغة:
نقيض الجهل, وهو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً.
اصطلاحاً:
قال بعض أهل العلم, هو المعرفة, وهو ضد الجهل.
وقال آخرون من أهل العلم: هو أوضح من أن يعرف.
والذي يعنينا هو العلم الشرعي, والمراد به:(علم ما أنزل الله على رسوله من البينات والهدى).
فالعلم الذي فيه الثناء والمدح هو علم الوحي, علم ما أنزل الله فقط, قال النبي صلى الله عليه وسلم:(من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) و قال النبي صلى الله عليه وسم:(إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم, فمن أخذه أخذ بحظ وافر).
ومن المعلوم أن الذي ورثه الأنبياء هو علم شريعة الله-عز وجل- وليس غيره فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام ما ورثوا للناس علم الصناعات وما يتعلق بها, بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة وجد الناس يؤبرون النخل- أي يلقحونه – فقال لهم لما رأى من تعبهم كلاماً أنه لا حاجة إلى هذا, ففعلوا وتركوا التلقيح, ولكن النخل فسد ثم قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:(أنتم أعلم بأمر دنياكم).
ولو كان هذا العلم هو الذي عليه الثناء لكان الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم الناس به؛ لأن أكثر من يثني عليه بالعلم والعمل هو النبي صلى الله عليه وسلم, إذن فالعلم الشرعي هو الذي يكون فيه الثناء ويكون الحمد لفاعله, ولكني مع ذلك لا أنكر أن يكون للعلوم الأخرى فائدة, ولكنها فائدة ذات حدين إن أعانت على طاعة الله, وعلى نصر دين الله, وانتفع بها عباد الله فيكون ذلك خيراً ومصلحة, وقد يكون تعلمها واجبا في بعض الأحيان إذا كان ذلك داخلا في قوله تعالى:(وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ).
وقد ذكر كثير من أهل العلم أن تعلم الصناعات فرض كفاية, وذلك لأن الناس لا بد لهم من أوانٍ يطبخون بها, ويشربون بها, وغير ذلك من الأمور التي ينتفعون بها, فإذا لم يوجد من يقوم بهذه المصانع صار تعلمها فرض كفاية, وهذا محل جدل بين أهل العلم.
وعلى كل حال أود أن أقول: أن العلم الذي هو محل الثناء هو العلم الشرعي الذي هو فقه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما عدا ذلك فإما أن يكون وسيلة إلى خير, أو وسيلة إلى شر, فيكون حكمه بحسب ما يكون وسيلة إليه.
( فضائل العلم )
لقد مدح الله - سبحانه وتعالى- العلم وأهله، وحثَ عباده على العلم والتزود منه وكذلك السنة المطهرة.
فالعلم: من أفضل الأعمال الصالحة، وهو من أفضل وأجل عبادات التطوع؛ لأنه نوع من الجهاد في سبيل الله، فإن دين الله – عز وجل – إنما قام بأمرين :
أحدهما: العلم والبرهان.
والثاني: القتال والسنان.
فلا بد من هذين الأمرين، ولا يمكن أن يقوم دين الله ويظهر إلا بهما جميعاً ، والأول منهما مقدم على الثاني، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغير على قوم حتى تبلغهم الدعوة إلى الله - عز وجل – فيكون العلم قد سبق القتال.
قال تعالي: ( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ) فالاستفهام هنا لابد فيه من مقابل أمَّن هو قائم قانت آناء الليل والنهار أي كمن ليس كذلك، والطرف الثاني المفضل عليه محذوف للعلم به، فهل يستوي من هو قانت آناء الليل ساجداً أو قائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه، هل يستوي هو ومن هو مستكبر عن طاعة الله ؟
الجواب: لا يستوي فهذا الذي هو قانت يرجو ثواب الله ويحذر الآخرة هل فعلُهُ ذلك عن علم أو عن جهل ؟
الجواب : عن علم، ولذلك قال:( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) لا يستوي الذي يعلم والذي لا يعلم، كما لا يستوي الحي والميت، والسميع والأصم، والبصير والأعمى.
العلم نور يهتدي به الإنسان، ويخرج به من الظلمات إلى النور.
العلم يرفع الله به من يشاء من خلقه: ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )ولهذا نجد أن أهل العلم محل الثناء، كلما ذُكروا أثنى الناس عليهم، وهذا رفع لهم في الدنيا، أما في الآخرة فإنهم يرتفعون درجات بحسب ما قاموا به من الدعوة إلى الله والعمل بما علموا .
إن العابد حقًا هو الذي يعبد ربه على بصيرة ويتبين له الحق، وهذه سبيل النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ). فالإنسان الذي يتطهر وهو يعلم أنه على طريق شرعي، هل هو كالذي يتطهر من أجل أنه رأى أباه أو أمه يتطهر؟
أيهما أبلغ في تحقيق العبادة ؟ رجل يتطهر لأنه علم أن الله أمر بالطهارة وأنها هي طهارة النبي صلى الله عليه وسلم فيتطهر امتثالاً لأمر الله واتباعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أم رجل آخر يتطهر لأن هذا هو المعتاد عنده ؟
فالجواب: بلا شك أن الأول هو الذي يعبد الله على بصيرة فهل يستوي هذا وذاك؟ وإن كان فعل كل منهما واحداً ، لكن هذا عن علم وبصيرة يرجو الله - عز وجل - ويحذر الآخرة ويشعر بأنه متبع للرسول صلى الله عليه وسلم.
وأقف عند هذه النقطة وأسأل هل نستشعر عند الوضوء بأننا نمتثل لأمر الله – سبحانه وتعالى- في قوله( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْن )؟.
هل الإنسان عند وضوئه يستحضر هذه الآية وأنه يتوضأ امتثالاً لأمر الله؟.
هل يستشعر أن هذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه يتوضأ إتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: نعم الحقيقة أن منا من يستحضر ذلك، ولهذا يجب عند فعل العبادات أن نكون ممتثلين لأمر الله بها حتى يتحقق لنا بذلك الإخلاص, وأن نكون متبعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
نحن نعلم أن من شروط الوضوء النية، لكن النية قد يراد بها نية العمل وهذا الذي يبحث في الفقه ، وقد يراد بها نية المعمول له وحينئذ علينا أن نتنبه لهذا الأمر العظيم، وهو أن نستحضر ونحن نقوم بالعبادة أن نمتثل أمر الله بها لتحقيق الإخلاص، وأن نستحضر أن الرسول صلى الله عليه وسلم فعلها ونحن له فيها متبعون لتحقيق المتابعة؛ لأن من شروط صحة العمل: الإخلاص والمتابعة اللذين بها تتحقق شهادة أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم .
نعود إلى ما ذكرنا أولاً من فضائل العلم، إذ بالعلم يعبد الإنسان ربه على بصيرة، فيتعلق قلبه بالعبادة ويتنور قلبه بها، ويكون فاعلاً لها على أنها عبادة لا على أنها عادة، ولهذا إذا صلى الإنسان على هذا النحو فإنه مضمون له ما أخبر الله به من أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.
ومن أهم فضائل العلم ما يلي:
(1)
أنه إرث الأنبياء، فالأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – لم يورثوا درهماًَ ولا ديناراً وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ بالعلم فقد أخذ بحظ وافر من إرث الأنبياء، فأنت الآن في القرن الخامس عشر إذا كنت من أهل العلم ترث محمداً صلى الله عليه وسلم وهذا من أكبر الفضائل.
(2)
أنه يبقى والمال يفنى، فهذا أبو هريرة - رضي الله عنه – من فقراء الصحابة حتى إنه يسقط من الجوع كالمغمى عليه وأسألكم بالله هل يجري لأبي هريرة ذكر بين الناس في عصرنا أم لا ؟ نعم يجري كثيرا فيكون لأبي هريرة أجر من انتفع بأحاديثه، إذاً العلم يبقى والمال يفنى، فعليك يا طالب العلم أن تستمسك بالعلم فقد ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات الإنسان، انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ).
(3)
أنه لا يتعب صاحبه في الحراسة؛ لأنه إذا رزقك الله علماً فمحله في القلب لا يحتاج إلى صناديق أو مفاتيح أو غيرها، هو في القلب محروس، وفي النفس محروس، وفي الوقت نفسه هو حارس لك؛ لأنه يحميك من الخطر بإذن الله – عز وجل – فالعلم يحرسك، ولكن المال أنت تحرسه تجعله في صناديق وراء الأغلاق، ومع ذلك تكون غير مطمئن عليه.
(4)
أن الإنسان يتوصل به إلى أن يكون من الشهداء على الحق، والدليل قوله تعالي( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ). فهل قال: ( أولو المال)؟ لا، بل قال (وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ ) فيكفيك فخراً يا طالب العلم أن تكون ممن شهد لله أنه لا إله إلا هو مع الملائكة الذين يشهدون بوحدانية الله – عز وجل –.
(5)
أن أهل العلم هم أحد صنفي ولاة الأمر الذين أمر الله بطاعتهم في قوله تعالي( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )فإن ولاة الأمور هنا تشمل ولاة الأمور من الأمراء والحكام، والعلماء وطلبة العلم؛ فولاية أهل العلم في بيان شريعة الله ودعوة الناس إليها, وولاية الأمراء في تنفيذ شريعة الله وإلزام الناس بها.
(6)
أن أهل العلم هم القائمون على أمر الله تعالى حتى تقوم الساعة، ويستدل لذلك بحديث معاوية – رضي الله عنه – يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله )
وقد قال الإمام أحمد - رحمه الله- عن هذه الطائفة: (إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم ).
وقال القاضي عياض – رحمه الله - : (أراد أحمد: أهل السنة ومن يعتقد مذهب أهل الحديث).
(7)
أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يرغب أحداً أن يغبط أحداً على شيء من النعم التي أنعم الله بها إلا على نعمتين هما:
1- طلب العلم والعمل به.
2- التاجر الذي جعل ماله خدمة للإسلام.
فعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا حسد إلا في اثنتين: رجل أتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمةً فهو يقضي بها ويعلمها).
(8)
ما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً ، فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكانت منها أجادب أمسكت الماء ، فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعِلمَ وعلَّم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ).
(9)
أنه طريق الجنة كما دل على ذلك حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ومن سلك طريقا يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة).
(10)
ما جاء في حديث معاوية – رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يُفقهه في الدين ) أي يجعله فقيهاً في دين الله – عز وجل - ، والفقه في الدين ليس المقصود به فقه الأحكام العملية المخصوصة عند أهل العلم بعلم الفقه فقط، ولكن المقصود به هو: علم التوحيد، وأصول الدين، وما يتعلق بشريعة الله – عز وجل - ولو لم يكن من نصوص الكتاب والسنة إلا هذا الحديث في فضل العلم لكان كافياً في الحث على طلب علم الشريعة والفقه فيها.
(11)
أن العلم نور يستضيء به العبد فيعرف كيف يعبد ربه، وكيف يعامل عباده، فتكون مسيرته في ذلك على علم وبصيرة.
(12)
أن العالم نور يهتدي به الناس في أمور دينهم ودنياهم، ولا يخفي على كثير منّا قصة الرجل الذي من بني إسرائيل حيث قتل تسعا ًوتسعين نفساً، فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عابد فسأله هل له من توبة ؟ فكأن العابد استعظم الأمر فقال: لا. فقتله فأتم به المئة، ثم ذهب إلى عالم فسأله فأخبره أن له توبة وأنه لا شيء يحول بينه وبين التوبة ، ثم دله على بلد أهله صالحون ليخرج إليها،فخرج فأتاه الموت في أثناء الطريق والقصة مشهورة... , فانظر الفرق بين العالم والجاهل.
(13)
أن الله يرفع أهل العلم في الآخرة وفي الدنيا، أما في الآخرة فإن الله يرفعهم درجات بحسب ما قاموا به من الدعوة إلى الله – عز وجل – والعمل بما علمـوا ، وفي الدنيا يرفعهم الله بين عبـاده بحسب ما قاموا به قال الله تعالى(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ).
(((انتهى كلام شيخنا ابن عثيمين رحمه الله ونفعنا بعلمه))).
(((المصدر)))
مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
المجلد السادس والعشرون
ص11-13
ص17-25
هذا والله أعلم وجزاكم الله خيرا وإلى لقاء قريب إن شاء الله تعالى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
,,,,,,,,,
,,,,,,
,,,
,