روى لنا التاريخ أن قتيبة بن مسلم دخل سمرقند دون أن ينذر أهلها، فعلم أهل سمرقند أن الإسلام يخيِّر أهل البلدة قبل دخولها بين الإسلام أو الجزية أو الحرب، فأرسلوا إلى عمر بن عبد العزيز، فبعث عمر يحيل الأمر إلى جندي من الجيش اسمه (جُميع الباجي)، فصار قاضيـًا بين قادة الجيش بما فيهم قتيبة بن مسلم وبين أهل سمرقند.
وبعد سماع الفريقين أمر (جُميع القاضي) قتيبةَ بن مسلم -قائد الجيش- أن يخرج بجيشه من البلد، وينذر أهلها، فإن أجابوا وإلاَّ استأنف حربهم. وبالفعل أمر قتيبة جيشه بالخروج من البلدة بعد فتحها، وعندما بدأ الجيش الخروج، أسلم أهل سمرقند، أو أكثرهم.
يا لها من قيم سامية وأخلاق نبيلة جعلت هذا الدين في الصدارة!! وجعلت الانتماء إليه رفعة وعلو شأن في الدنيا والآخرة، وجعلت العيش في كنفه راحة وطمأنينة، فالحمد لله على نعمة الإسلام وقيمه الكريمة، وصدق النبي في الحديث الذي يرويه الإمام أحمد والحاكم والبيهقي: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
ويقول أيضًا في الحديث الذي يرويه الإمام أحمد: "إن أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا".
قرأتُ منذ زمن أن شابًّا مسلمًا في بريطانيا اطَّلع على إعلان لإحدى الشركات أنها تحتاج إلى موظفين في الحراسات الأمنية، وأقبل هذا الشاب إلى اللجنة المختصة لمقابلة المتقدمين، فإذا جمع كبير من الشباب مسلمين وغير مسلمين، وكانوا يدخلون إلى اللجنة للمقابلة واحدًا تلو الآخر، وكلما خرج شخص من المقابلة سأله بقية الواقفين عمَّ سألوك؟ وبماذا أجبت؟
كان من أهم أسئلة اللجنة لكل متقدم: كم كأسًا تشرب من الخمر يوميًّا؟ جاء دور هذا الشاب فدخل وتتابعت عليه الأسئلة، حتى سألوه كم تشرب من الخمر؟ فتردد الشاب هل يكذب ويدَّعِي أنه يشرب الخمر كبقية الشباب؛ لئلاَّ يقولوا: أنت مسلم متشدد.. أو يصدق ويقول: "أنا مسلم والله قد حرَّم عليَّ الخمر فأنا لا أشربها..".
وبعد تفكير سريع عزم على الصدق فقال: أنا لا أشرب الخمر. فقالوا: ولماذا؟ هل أنت مريض؟ قال: لا، لكنى مسلم والخمر محرَّمة في الإسلام. فقالوا: لا تشربها حتى في عطلة الأسبوع؟ فقال: نعم، لا أشربها أبدًا.
فنظر بعضهم إلى بعض متعجبين، فلما ظهرت النتائج فإذا اسمه في أوائل المقبولين، وبدأ عمله معهم ومضى عليه شهر، وفي يوم لقي أحد المسئولين في تلك المقابلة، وسأله: لماذا كنتم تكررون السؤال عن الخمر؟ فقال: لأن الوظيفة المطلوبة هي في الحراسات، وكلما توظف فيها شاب فوجئنا به يشرب الخمر ويسكر، فيضيع مكانه ويهجم على الشركة من يسرقها، فلما وجدناك لا تشرب الخمر عرفنا أننا وقعنا على طلبنا فوظفناك.. فلله درك.