فناجين على الطاولة واخرى على الحائط
يقول : دخلتُ لمقهى في البندقيه بإيطاليا،، وطلبت كوباً من القهوه وقطعة كيك
تنقلت بينهما ما بين مرتشف وقاضمٍ متأملاً في الهدوء الذي عج به المكان فلا يقطعه إلا قرع الجرس المعلق على الباب وهو يُعلن عن دخول أحدهم أو خروج إحداهن
ومع وصولي لنصف كوب القهوه،، دخل أحدهم للمكان وسحب مقعداً بجوار طاولتي فسارعه الموظف بعد قليل من جلوسه فقال له الزبون
لو سمحت،، أحضر لي كوباً من القهوه،، وكوباً آخر على الحائط
اندهشت من طلبه،، وتساءلت بيني وبين نفسي عن قصده ب (كوب قهوه على الحائط)،،
ولم أجد غير الانتظار والترقب لهذا المشهد
وبعد لحظات جاء الموظف وفي يده كوب قهوه واحد فقط ،، قدمه لجاري،، ثم أخرج ورقة صغيره وكتب عليها (كوب قهوه) وتحرك نحو الحائط وألصقها عليه وانصرف تاركاً على رأسي صف من علامات الاستفهام والتعجب .
بعدها بدقائق معدوده دخل ثلاثه وكرروا ذات المشهد بأن طلبوا ثلاثة أكواب قهوه وزادوا عليها بكوبين على الحائط،،
فلم يكن من الموظف إلا أن أحضر لهم الثلاثة أكواب،،
ومن ثم ألصق ورقتين على ذات الحائط بعد أن كتب على كل واحده عبارة (كوب قهوه)،،
أحسست وقتها برغبه عارمه في الصراخ بكل أسئلة الاستفسار،،
إلا أني تذكرت أني في قارة
(كلً في حاله) ولست في بلد تتساوى فيه عبارتي
(السلام عليكم) و
(كيف الحال) في طرحها على الآخر،
وما هي إلا دقائق حتى دخل زبون آخر رث الملبس إلى حدٍ ما،، فجلس بالجوار فأتاه الموظف فقال له الزبون بهدوء : كوب قهوه من على الحائط.
فذهب الموظف ومن ثم عاد بكوب قهوه ووضعه على طاولة الزبون،، ومن ثم اتجه صوب الحائط وانتزع إحدى الأوراق الملصقه عليه،،
وهنا
أعتقد أن الفكره قد وصلت
إنه التكافل الإجتماعي يا ساده
وبطريقه جداً مهذبه ومحترمه ومكتظه بالذوق،،
طريقه تضمن لمن ليس لديه ثمن كوب قهوه من الفقراء أن يطلبها دون حرجٍ وبهدوء لا يخدش كبرياءه ولا يبعثر كرامته،،
وفي الوقت ذاته تعطي للمقتدر فرصة التصدق بثمن كوب قهوه دون التأثر ببؤس نظرات الفقير والمحتاج،،
فكم من حائط في مطاعمنا ومقاصف مدارسنا في حاجه لتفعيل هذه الفكره الرائعه ذات الجوهر الإسلامي العتيق والحلول الأوربيه المعاصره