الإشراف فى الإسلام
كلمة الإشراف لم ترد فى القرآن ولكن فى بعض الأحاديث ذكرت كلمات من الجذر شرف
قالت الموسوعة الفقهية الكويتية فى تعريف المادة لغة :
"التعريف :
1 - الإشراف لغةً : مصدر أشرف ، أي اطّلع على الشّيء من أعلى . وإشراف الموضع : ارتفاعه ، والإشراف : الدّنوّ والمقاربة . وانطلاقاً من المعنى الأوّل أطلق المحدّثون كلمة إشرافٍ على ( المراقبة المهيمنة ) . وهو معنًى استعمله الفقهاء كالمعاني اللّغويّة الأخرى . فقد استعملوه في مراقبة ناظر الوقف والوصيّ والقيّم ومن في معناهم "
وتحدثت الموسوعة عن الشرف فى الأحاديث بمعنى العلو فقالت :
" الإشراف بمعنى العلوّ :
أ - إشراف القبر :
2 - لا يحلّ أن يكون القبر مشرفاً بالاتّفاق ، لما رواه مسلمٌ وغيره عن أبي الهيّاج الأسديّ قال : « قال لي عليّ بن أبي طالبٍ : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : ألاّ تدع تمثالاً إلاّ طمسته ، ولا قبراً مشرفاً إلاّ سوّيته » وفي اعتبار تسنيم القبر إشرافاً خلافٌ."
وارتفاع القبور عن الأرض حولها أمر لازم وليس حسب الرواية الكاذبة لأن التراب الذى يتم اخراجه من حفرة القبر سيحل فى جزء من الحفر جسد الميت ومن ثم عندما يهال التراب فوقه لابد أن يرتفع القبر عما حوله مقدار ارتفاع الجسد وهو فى الغالب أكثر من شبر أو بمقاييس اليوم حوالى ثلاثين سم وأما فى الجسم الصغيرة والكبيرة فسوف يكون الارتفاع قليلا أو أكبر من الارتفاع الغالب
وأما الارتفاع بمعنى البناء فمحرم لأن الغراب حفر وردم الحفرة وكذلك فعل ابن آدم كما قال تعالى :
" فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ"
وتحدثت الموسوعة عن ارتفاع البيوت فقالت :
"ب - إشراف البيوت :
3 - يباح للإنسان أن يعلو ببنائه ما شاء بشرطين :
الأوّل : ألاّ يضرّ بغيره ، كمنع النّور أو الهواء عن الغير .
الثّاني : ألاّ يكون صاحب البناء ذمّيّاً ، فيمنع من تطويل بنائه على بناء المسلمين ، وإن رضي المسلم بذلك ، ليتميّز البناءان ، ولئلاّ يطّلع على عورة المسلم . وقد فصّل الفقهاء ذلك في كتاب الجزية "
قطعا لا يجوز ارتفاع البنايات عن بعضها حرصا على عدم كشف العورات لأن الأعلى يرى عورات من هم بأسفل لعدم وجود سقف عند أداء بعض المهام البيتية كنشر الملابس أو إنزال وقود أو جلب شىء مما يدخر فى الأعلى كالبصل والثوم وحرصا على منع الضرر ممثل فى عدم وجود ضوء الشمس على السطح ودخوله من موضع السلالم أو موضع الفتحات الذى كان يسمونه الرزونه حيث يقوم بعمل خرم فى السقف لادخال الضوء للحجرات المظلمة أو عمل مدخل الهواء المنظم الذى كانوا يسمونه البادهنج ومكانه حاليا المناور
وتحدثت الموسوعة عن الاشراف بمعنى الإطلاع فقالت :
"الإشراف بمعنى الاطّلاع من أعلى :
4 - يمنع الشّخص من الإشراف على دار غيره إلاّ بإذنه ، ولذلك يمنع من أن يفتح في جداره كوّةً يشرف منها على جاره وعياله ."
قطعا لا يجوز عمل أى فتحات تطل على بيت الأخر لعدم الاطلاع على العورات لحرمة النظر إلى ألخرين كما قال تعالى :
" قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم "
وقال :
" وقل للمؤمنات يعضضن من أبصارهن "
وتحدثت الموسوعة عن الإشراف على الكعبة فقالت :
5 - أمّا الإشراف على الكعبة والنّظر إليها فهو من جملة القربات ، والسّاعي بين الصّفا والمروة يصعد على الصّفا وعلى المروة حتّى يشرف على الكعبة ، كما ذكر ذلك الفقهاء في كتاب الحجّ عند كلامهم على السّعي بين الصّفا والمروة ."
قطعا النظر للكعبة لابد أن يحدث عند دخولها والاقامة فيها مدة الحج أو العمرة لأداء المناسك وهو ليس مجرد النظر عبادة كما يقال وإنما النظر فيها يكون حسب ما أمر الله بذكره وهو قراءة كتابه المحفوظ فيها ويكون بالنظر إلى الأنعام لذبحها والأكل منها
وتحدثت الموسوعة عن الإشراف بمعنى الهيمنة فقالت :
"الإشراف بمعنى المراقبة المهيمنة :
6 - إقامة هذا النّوع من الإشراف واجبٌ تحقيقاً للمصالح الّتي هي مقصدٌ من مقاصد الشّارع ويتجلّى ذلك فيما يأتي :
أ - الولاية : سواءٌ أكانت ولايةً عامّةً كولاية أمير المؤمنين والقاضي ونحوهما ، أم ولايةً خاصّةً كولاية الأب على ابنه الصّغير ، كما سيأتي ذلك مفصّلاً في مبحث ( ولايةٌ ) .
ب - الوصاية : كالوصاية على المحجور عليه كما هو مبيّنٌ في مبحث ( الحجر ) .
ج - القوامة : كقوامة الرّجل على زوجته ، كما هو مفصّلٌ في مبحث ( النّكاح ) .
د - النّظارة : كناظر الوقف ، كما هو مفصّلٌ في كتاب الوقف من كتب الفقه . "
وكل ما ذكرت الموسوعة هو كلام استنتاجى ليس عليه دليل من الوحى فلم ترد الكلمة فى القرآن و لا حتى فى الأحاديث بتلك المعانى
ومثلها التالى من أفشراف بمعنى القرب وهو قول الموسوعة :
"الإشراف بمعنى المقاربة والدّنوّ :
7 - يترتّب على الإشراف بهذا المعنى كثيرٌ من الأحكام ، ذكرها الفقهاء في أبوابها ، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر :
أ - عدم أكل الذّبيحة إذا ذبحت بعد أن أشرفت على الموت ، على خلافٍ وتفصيلٍ مبيّنٍ في كتاب الذّبائح ( التّذكية ) .
ب - وجوب إنقاذ من أشرف على الموت كالغريق ونحوه إن كان من الممكن إنقاذه .
ج - وجوب الانتفاع باللّقطة إذا أشرفت على التّلف . كما هو مبيّنٌ في كتاب ( اللّقطة ) . "
وهذا الكلام ليس فيه نصوص تذكر كلمة الشرف ومشتقاتها
ولم تتناول الموسوعة بعض الأحاديث التى وردت فيها كلمات من جذر شرف مثل :
6385 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ ثَلاَثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ: «لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ. صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ»"
هنا الحديث الكاذب يوجب على المسلمين التكبير عند كل مرتفع من الأرض والغريب أن الحديث يتحدث عن حدث معين فقط وهو :
هزيمة الأحزاب ومع هذا لم تكن هناك مرتفعات يوم الأحزاب فى المدينة لأنهم كانوا داخلها
ومع هذا الحديث يطلب التكبير عند الغزو والحج والعمرة بينما الأحزاب لم تكن غزوة أى خروج إلى بلاد الغير وإنما كانت هجوما من الكفار على أرض المسلمين
والحديث التالى تحدث عن النهبة ذات الشرف والمراد السلب العظيم لأموال الناس فقال :
5578 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنَ المُسَيِّبِ، يَقُولاَنِ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ المَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، كَانَ يُحَدِّثُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثُمَّ يَقُولُ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُلْحِقُ مَعَهُنَّ: «وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ، يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ أَبْصَارَهُمْ فِيهَا، حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ»
وتحدث الحديث التالى عن الشريف وهو أساسا ليس شريف وإنما حقير لأنه يرتكب الذنوب فقال :
3475 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا "
والشريف هنا لا يطلق عليه هذا الاسم وإنما يطلق على الحقير من كبار القوم الذى يستولى على أموال الناس
ومثل الحديث الذى سمى اليهود فيهم كبارهم وهم أغنيائهم أشرافا وهم حقراء لأنهم يرتكبون ذنب الزنى وهو قولهم :
4448 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: مُرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّمٍ مَجْلُودٍ، فَدَعَاهُمْ، فَقَالَ: «هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي؟» فَقَالُوا: نَعَمْ، فَدَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ قَالَ لَهُ: «نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ»، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا، وَلَوْلَا أَنَّكَ نَشَدْتَنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ، نَجِدُ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِنَا الرَّجْمَ، وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافِنَا، فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الرَّجُلَ الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ، وَإِذَا أَخَذْنَا الرَّجُلَ الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَقُلْنَا: تَعَالَوْا فَنَجْتَمِعُ عَلَى شَيْءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ، فَاجْتَمَعْنَا عَلَى التَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ، وَتَرَكْنَا الرَّجْمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ»، فَأَمَرَ بِهِ، فَرُجِمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} [المائدة: 41] إِلَى قَوْلِهِ: {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} [المائدة: 41] إِلَى قَوْلِهِ {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] فِي الْيَهُودِ إِلَى قَوْلِهِ {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45] فِي الْيَهُودِ إِلَى قَوْلِهِ {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47] قَالَ: هِيَ فِي الْكُفَّارِ كُلُّهَا، يَعْنِي هَذِهِ الْآيَةَ"
قطعا الحديث لم يقله النبى (ص) ولا هو حدث بهذه الطريقة لأن حد الزنى فى الإسلام هو الجلد كما قال تعالى :
"الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ"