[align=center]إذا كان ( الصحاف ) قد تفنن في استحداث قاموس جديد تضمن أقبح المفردات بذاءة وسفهاً ويرى أنها تشبع نهمة في النيل من أعداءه الطامعين في ثروات وخيرات بلاده ودخل بموجبها تاريخ السفاهة الفكاهية من أوسع الأبواب ، ونال بموجبها أيضاً إعجاب وكذا فضول ( العلوج ) التي تهافتت شركاتهم ومؤسساتهم لتخليد ذكراه بآلاف ( الدمى ) ولاقت رواجاً كبيراً بين مختلف الطبقات لديهم حتى السياسيـة منها كشخصية ( فـذة ) من الأهمية أن تكون إحدى مآثر حربهم على العراق 0
فان لدينا في الصحافة الرياضية بضع نفر ممن يشاطرونه المكر بكل أشكاله ودهاءه ، برغم ما ترى وتسمع في ظاهر قولهم وكتاباتهم من لحن القول وجميل العبارات التي تختبئ تحتها أطنان الحقد وأكوام التعصب المتأصل بعمق في جذور تلك الفئة المتردية في أخلاقها والنطيحة في أسلوب تعاملها مع من لا ينتمي إليها لوناً وكذا همجية 0
بذاءة الصحاف أوجدت له العذر لدى معظم الشعوب ، فاجتياح بلده ونهب ثرواته يعد مبرراً كافياً لتلفظه بتلك الكلمات رغم تحفظ البعض على نوعيتها ، فهي أقصى ما يمكن أن يدافـع أو يعبـر به عـن شعـوره وإحساسـه تجـاه ( العلوج ) 0
ولكن ما هوا عذر ومبرر أولئك النفر ممن ينتسبون لصحافتنا الرياضية ، في إثارة غـبـار الفتنة وتصعيد الأمور إلى أعلى درجات التوتر لمجرد انتماءات متفاوتة ليس إلاّ !؟ 0
ما كانت لتحدث مثل تلك الزوبعة لو لم تكن تلك الفئة المنكسرة ، أحادية اللون والمنهج ، يُستحال عليها النظر لأي زاوية أخرى وإذا ما حاولت النظر إلى الأعلـى ، حتمـاً ستصـاب بالعـمى ، فحدقـتهـا ضيقـة لا تتجـاوز بــؤرة اتساعـ محـيـطـها المظـلـم الـذي تـعــودت الغــوص فـيـه 0
فقد بات واضحاً أن الصحافة الرياضية تعيش حالة انعدام الوزن وفقدان السيطرة ، حتى رجحت كفـة الأهواء والميول على المُثل والقيم وألقت بأمانة القلم وشرف المهنة بين سندان التخبط ومطرقة التعصب 0
فقبل خمس عشرة عام أو تزيد قليلاً ، لم يكن بمقدور القارئ أن يستنبط هوية وميول تلك الصحيفة أو ذلك الصحفي ، لجدية الطرح وسلامة المضمون وحيادية الرأي ، حتى إذا ما تخلله نقداً لاذعاً فإنه لا يتجاوز حـدود التوجيه والإرشاد وليس التنكيل وتصفية الحسابات 0
في صحافة الأمس كان الجميع يتوشحون جميع الشعارات والألوان ، لم تكن هناك تفرقة أو تفضيل ، فمداد تلك الأقــلام الـنـزيـهـة طالـت مخـتـلــف اللاعـبيـن والأنديـة ، تجبر العثرة وتستنهض الهمّة ، تعاتب بدون قسوة ، وتنتقد بدون تجريح أو تشنج ، توجه بلين ، وتتودد إليهم بحكمة ، تعاملها راقٍ وخلقها رفيع 0
ولـذا كانت تبحر في كل اتجاه وترسـو أينما رأت وأرادت بكل الحب والتقدير ، فالقلوب كانت مجتمعة ، لأن الهدف كان سامياً والهم مشتركاً 0
صحافة اليوم خُلخِلت بطابور أعوج ، مفهومها قاصر وأفقها ضيّق ، لا تبرز بأكثر من قلم ولا تظهر بأكثر من لون ، قلوبهم شتى ، وأهدافهم متفرقة ، فـي الغالـب يمـارسـون عـبثهـم خُفيـة وتحـت جُـنح الظلام 0 شـعـارهـم الـدائـم ( إن لم تكن معي فأنت ضـدّي ) 0
وإذا ما أتيحت الفرصة لأحدهم أن ينكل بزميل مهنة أو لاعب وحتى فريق لا ينتمي إليه ، فإنه لا يتوانى لحظة ، وتراه يُغدق من فيض غيظه دون رادع أو حسيب 0
بكل أسف ذلكم هوا واقع صحافتنا الرياضية الحالي ، والحديث عن واقع الصحافة الرياضية يطول ويمتد إلى مساحات شاسعة وفروع متعددة واتجاهات مختلفة ، وإذا ما حاولت أن تسد ثغرة في جانب ما ، فتحت أمامك ثغرات في جوانب أخرى 0
فكيف لرياضتنا أن تنموا وتتطور في ظل أجواء عاتمة شديدة السـواد ؟
فليس بوجود المواهب وتوفير أرقى المنشآت تزدهر الرياضة ، إذ لابد من وجود عناصر تمثل ركيزة أساسية تسهم بشكل فعال في دفع تلك العجلة خطوة تلو الأخرى للأمام 0
لدينا زخم هائل من المطبوعات الرياضية قل أن تجد مثلها في معظم دول العالم الثالث ، فمشكلتنا ليست في ندرة أو قلة المنتسبين لهذا المجال ، لكن أكثرهم غثاء كغثاء السيل 0
المشكلة في الصحافة الرياضية لدينا أنها تسير في الاتجاه المعاكس ، فحقيقـة تـوجهـها الحالـي ، لا يمثل دورها الحقيقي الهام الـذي يفـتـرض أن تقـوم به ، وبالتالي انعكاس ذلك سلباً في تدهور الحركة الرياضية وإعادتها خطوات متسارعة للوراء 0
فإذا كانت صدرت الأوامر بتشكيل لجنة تعنى بشئون المنتخبات لتطوير الكرة السعودية ، فكان من الأهمية أن يعقبه قراراً آخر يعمل على تنقية الصحافة الرياضية من فئة الأهواء والميول وأحادية الرأي ، يجب أن تكون هناك رقابة صارمة لاقتلاع بذور الفتنة والتعصب 0
ما لم تتخذ خطوة كتلك ، فستظل رياضتنا تدور في حلقة مفرغة ، وتبقى الأهواء سيدة الموقف ، وكل على ليلاه يغني 0[/align]