كيف نحمي أولادنا من الألفاظ النابية؟
البيت أساس المجتمع، فهو المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الفرد، والأب والأم هما المؤسسان لهذا البيت والمسؤولان عمن يعيش فيه، ومتى وجد الأولاد ضالتهم في البيت من الراحة والطمأنينة والسعادة انعكس ذلك إيجاباً على نفسياتهم وأخلاقهم وتصرفاتهم، والعكس بالعكس.
ومن المعلوم أن الطفل يتلقى التربية في السنين الأولى في بيته ثم ينتقل بعد ذلك إلى المدرسة فإذا كانت المدرسة تقوم على نهج تربوي سليم فإنها تكمل الدور الذي بدأه الأبوان، فتصحح وتقوِّم ما عسى أن يكون البيت قد نسيه أو أغفله إن لم يحسن التوجيه فيه، فليس كل أب موهوباً في فن التربية، وليس كل أب في المستوى المطلوب من حسن التصرف وسعة الإدراك والمرونة اللازمة للعملية التربوية، فوظيفة المدرسة الأساسية التربية السليمة، ثم هي تجمع الطلاب من بيئات متفرقة وتوجهات مختلفة، وأخطار الاختلاط لا تخفي على المربين، ولا خيار للأولاد عن دخول المدارس، ولكن قد تختل الموازين عند الأولاد بالاحتكاك بقرناء وقرينات السوء داخل المدرسة فيتعودون بعض العادات السيئة أو الانحرافات الخلقية كالسباب والشتائم والكذب والسرقة؛ لذا كان لزاماً على ولي الأمر من أب أو أم أو مدرس أو مدير أن يشارك في حمايتهم.
ومن الأمور التي ينبغي القيام بها:
· تأسيس الأولاد تأسيساً جيداً وتربيتهم تربية إسلامية، ولن يتم ذلك إلا بأن يكون الأب والأم قدوة حسنة لأبنائهما وبناتهما، وهذا في نظري أهم طرق التربية وبدونه لن تنجح التربية إلا أن يشاء الله. ولذا ركز القرآن والسنة على هذه الحقيقة فقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ..}، وقال – صلى الله عليه وسلم -: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه …". والمطلع على سيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم – يرى حرصه على تأصيل هذه المعاني فتراه يقول للمرأة التي تدعو وليدها لتعطيه تمرة: "أما إنك لو لم تعطه كتبت عليك كذبة…"، ويقول لمن أعطى واحداً من أولاده دون الآخرين: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم..".
فحين يجد الابن في أبيه قدوة طيبة ينعكس ذلك إيجاباً، ولا يمكن لابن أن يتعلم الصدق وأبوه يكذب.. ولا يتعلم الجدية مع أب مستهتر، ولا يمكن أن يستقيم ما دام يسمع من أبيه كلمات السب والشتم والسخرية.
· التدخل السريع للتصحيح حينما يرى مخالفات، فإذا سمعوا شيئاً غير مألوف أنكروه كما أنكر – صلى الله عليه وسلم – على عمرو بن سلمة طريقة تناوله للطعام فقال له: "يا غلام، سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك..".
· متابعة الأولاد ومعرفة رفقائهم، والاطلاع على ما يتلقونه من مبادئ ومتابعة من يشرفون عليهم؛ فإن وجد خيراً فليحمد الله، وإن وجد غير ذلك فليضطلع بمسؤوليته وليقم بدوره.
·كيف نحمي أطفالنا من التحرش الجنسي؟
قد يقع الطفل في تحرشات جنسية في مدرسته أو مجتمعه، وهذه وإن كانت لا تشكل ظاهرة إلا أنها تقع، وخاصة في هذا الزمان الذي أمطر علينا الأعداء فيه سيلا من الوسائل التي كان لها عظيم الأثر في أخلاق الشباب والشابات، وأصبحت ترى ما لا يحمد من الأقوال والأفعال والتصرفات؛ لذا كان لزاماً على كل أب غيور ومرب مصلح أن يساهم في حماية أبنائه من هذا السيل الجارف ومقاومته بكل سبيل ممكن.
ومن الأمور التي تساهم في حمايتهم من التحرش الجنسي:
·تعليم الطفل آداب الاستئذان وحدود العورات من سن التمييز، فنعلمه طرق الباب على الوالدين إذا كان مغلقاً، ونعلمه عدم الدخول في أوقات الراحة التي قد تنكشف فيها العورات والتي سماها الله "عورات" وأمرهم بالاستئذان فيها، وهذا أدب أغفله كثير من الناس في حياتهم المنزلية، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم} من أعظم الأدلة على اهتمام القرآن بتربية الصغير منذ أن يعقل على الحياء، فلا يصل إلى سن الشباب إلا وقد صلب عوده وتعود كريم الأخلاق وحميد الفعال. والتقصير في هذا النوع من الأدب له آثاره السيئة.
·تعليمه آداب النظر وما يحل ويحرم من خلال التربية العملية؛ ولذا ـ على سبيل المثال ـ فالأبوان اللذان يلتزمان بالآداب الإسلامية في لباسهما ويحافظان على الحشمة والوقار لهما الأثر الإيجابي عل الطفل، ولذا ترى الطفل الصغير لا يجاوز الرابعة إذا رأى إنسانا يرفع ثوبه عن ركبتيه يخاطبه ويقول له: "عيب" أو "حرام". لماذا؟ لأنه تعلم من أبويه عملياً ألا يرى فخذ أبيه مثلاً أو ساق أمه. والفتاة المحجبة حين ترى فتاة في سنها وقد حسرت عن رأسها وشمرت عن ساعدها تنتقدها وتلومها وتستغرب تصرفها هذا.
·تعويده المصارحة والجرأة والمواجهة بحيث يواجه ما يقابله من تحرشات من الطلاب السيئين بالرفض والاستنكار والإباء وإعلام الأب أو المدير بما حدث، وهذا النوع يصعب اقتراب أصحاب النوايا الخبيثة منه، بخلاف الولد ضعيف الشخصية فإنه يقع فريسة للسيئين؛ لهذا السبب.
·كيف أتابع ابني دون تأثيرات سالبة؟
مما لا شك فيه أن المتابعة من الأب لأبنائه في مدارسهم أمر طيب وإيجابي، ويدل على وعي الأب.. ولكن الذي يمكن أن يكون له أثر سالب هو الطريقة التي تتم بها المتابعة: فبعض الآباء لا يكاد يمر عليه أسبوع إلا ويذهب إلى المدرسة ويسأل عن كل شيء. ويصبح هذا الأب علماً يشار إليه بالبنان ويعرفه الطلاب! وهذا مع ما فيه من الإيجابية إلا أن فيه مبالغة، وخاصة إذا كان الابن في المرحلة الثانوية، كما أن بعض الآباء يأتي إلى المدرسة وكأنه مطرود.. يأتي مستعجلاً، ربما في الفصل الدراسي مرة واحدة، وربما في العام مرة، ونحد لا نريد هذا ولا ذاك، فكلاهما مسيء لابنه بعيد عن جادة الصواب.
والذي أرى من خلال التجربة أن الزيارة ينبغي أن تكون مقننة وبقدر الحاجة، فولي أمر الطالب المتميز يحضر في المناسبات أو يحضر في كل شهر مرة أو ثلاثة أسابيع مرة؛ لتشجيع ابنه وتعزيز ما عنده من نشاط، والابن يسعد بهذه الزيارة؛ لأنه في كل مرة يعود وهو مسرور؛ وذلك بسبب ما سمع من ثناء المدرسين على ابنه في أخلاقه وعمله. أما الطالب المقصر فإنه دونما شك لا يسعد بزيارة أبيه؛ لأنه يشعر بالحرج من الملاحظات التي سيسمعها من المدرسين سواء سلوكية أو علمية، فربما يكون لها مردود سيئ على نفسية الطالب، وأرى في مثل هذه الحالة أن تكون الزيارة بدون إشعار الابن أو الظهور في الصورة أمام الطلاب وأخذ الملاحظات والاتفاق مع المدرسة على الطريقة التي يمكن معالجتها بها، أو تكون الزيارة عن طريق الهاتف للاطلاع على سيرته ودروسه ومستواه ومعالجة التقصير بالطرق المناسبة، أما الزيارات الكثيرة فهذه ـ في نظري ـ تؤذي مشاعر الطالب وتؤذي مشاعر المدرسين؛ لأن المدرسين ليسوا في تحملهم بمستوى واحد.
تحياتي محمد العنزي