مباديء الحوار في القرآن الكريم
..
الاختلاف بين الناس في الفروع والمسائل الاجتهاديه والمسائل العاديه امر فطري و حقيقة واقعية: فكما ان هناك اختلاف في الألوان والأشكال، واختلاف بين النباتات والفواكه والاشجار فهناك اختلاف بين البشر في الآراء والعقول والافكار (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين) اختلاف تنوع وتكامل اختلاف اجتهاد ونظر فقد شاء الله ان تتن وع الاشياء وشاء ان تختلف الاراء بين الناس والافكار ولو كان الكون كله لون واحد والاشجار كلها صنف واحدوالثمار كلها طعم واحد واراء الناس ومفاهيمهم كلها راي واحد لضاق الناس وملوا ولما فكروا واجتهدوا وابدعوا ، فالتنوع المتكامل لا المتضارب مبعث للنشاط وايعاز للتطوير والابداع
2/الابتعاد عن الانفعال والعصبيه أثناء الحوار، واختيار المكان والشخص والظرف المناسب: والتزام الهدوء والكلمة الطيبة فالانفعال يشتت الذهن ويدعو إلى الغضب والعناد ورفض الحق والتعصب والتمسك بالمواقف وان تبين وجه الحق فيها كذلك من الافضل محاورة شخص عندما يكون وحده،ولكن من الصعب إقناعه إذا كان بين جماعة من المتعصبين والانفعاليين .وعندما حاور الرسول صلى الله عليه وسلم الوليد بن المغيرة فرداً تمكن من إقناعه وكاد أن يسلم ويؤمن...لكن ابا الوليد عندما رجع الى أبي جهل وزمرته من المعاندين اثروا عليه سلبا وغير قناعاته وهذا دليل على ان الجماعة الضالةتؤثر على اتباعها... قال الله تعالى (قل إنما أعظكم بواحدة : أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا) دعوة لطيفه للتامل وللتفكر... توصل للحق والدليل اذا ما اختلى المرؤ ونفض غبارالنوم وقام لله.
2/ ألا يكون الحوار أو الجدال للدفاع عن الباطل: (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم) فلا تحاور ولا تجادل الا دفاعا عن الحق واظهارا للحق بالكلمة الطيبة ودون أي تعصب او عنصريه لاي حزب او فصيل او شخص ولكن دفاعا عن الحق والصواب والمبدا وفقط هكذا يمكن ان نصل اما ان ناتي الى الحوار بنتائج جاهزة سلفا وبقناعات لا تتزحزح الجبال وهي لا تتزحزح فهذا ضرب من المحال...
4 -اعتماد الأدلة المنطقية، والنقلية الصحيحة: فالقرآن دائماً يطلب الأدلة من الكافرين (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) (نبئوني بعلم إن كنتم صادقين) (قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات، ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين) ويدعو القرآن إلى أن تكون الأدلة النقلية صحيحة، فهو يطلب من اليهود أن يؤكدوا صحة الدليل الذي زعموا أنه من التوراة (قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين) فلا تحتج بحديث ضعيف أو موضوع لعدم توفر صحة النقلفقط لتنتصر الى رايك !!لان هدف الحوار اصلا ليس انتصار لرايك، بل للحق والصواب، ولو كان مع غيري وخصمي والقرآن يقدم أدلة منطقية في حواره مع المشركين (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) (إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له) ..
5 -التزام الآداب في الحوار: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) حكمة وموعظة حسنة وجدال بالتي هي احسن !!! فكيف لا يقنع المحاور خصمة وهو يمتثل ويلتزم ارقى اداب الحوار، ودائما ما يكون صاحب الموقف اثناء الحوار هو صاحب الكلمة الطيبة والموعظة الحسنه من اذا تحدث ...احسن الحديث وتحدث بالطف العبارات وجاء باقوى واروع الادلة الصحيحة ..
6/اجتناب التعصب والغرور بالنفس :
القران الكريم علمنا قمة الاخلاق اثناء الحوار وعلمنا الا نتعصب ولا نغتر بما عندنا من راي وعلم وشهاداتوان كنا على الحق وها هو القران الكريم رغم ان ما جاء به هو الحق لا لبس فيه ولا تردد معه ، لكنه يحاور الخصم باسلوب جميل ويقول له (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين)... يقول لهم نحن مختلفون في الراي وفريقين على أمرين متضادين ، وأحد الفريقين مهتد والاخر ضال فانظروا الى حجتنا وانظروا الى دلائلنا وبياننا اما انتم اين حجتكم !!!اروني ما عندكم ولنتحاكم فهذا اسلوب جميل من اساليب الاقناع دون أي تعصب او غرور..
7/ أهلية المتحاور: فلا يكون المحاور جاهلاً في الموضوع الذي يحاور فيه فالعلم سيد المواقف ومن حاور بغير علم وفهم فقد اساء للموضوع والفكره . قال الله تعالى (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير) يحاور ويجادل بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير... فاي حوار سيكون واي انتصار سيحقق !!
صحيح ان هذه الايه نزلت بحق المشكرين لكن فيها ايضا اشارة حكيمة للمؤمنين بالا يجادلون خصومهم دون علم ودون هدى وفهم وكتاب منير بل هم احق من غيرهم بالتسلح بالعلم اللازم عند الحوار والاقناع في أي مسالة كانت والا فانهم سيهزمون امام خصومهم مع أنهم محقون، لعدم تسلحهم بالعلم اللازم للدخول في المجادلة. فيسيؤون من حيث ارادوا ان يحسنوا
8 -التعهد باتباع الحق: حتى ولو كان الحق مع خصمك وينافي رايك وقناعاتك التي قد ورثتها ومع كل ذلك إذا ثبت أن الحق مع خصمك في مسالة ما فالزمه واعلم انه كما قال تعالى "وفوق كل ذي علم عليم " فالعلم ليس عندك وحدك فكما علمك الله فقد علم غيرك.
9-مناقشة كل شخص حسب عقليته:
فالقرآن ناقش العرب الذين أبدعوا في لغتهم بطريقتهم (حم ) الر....الم .... وكانه يقول لهم هذه الحروف التي منها انزل الله تعالى كتابه العظيم ها هي امامكم فاتوا من خلالها بعشر سور من مثل هذا القران!! وضرب لهم أمثلة من واقعهم البدوي(أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت) وهو اليوم في هذا القرن العلمي يناقش المشركين بالعلم الذي قد وصلوا هم اليه ويخاطبهم هم ويقول (أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يؤمنون) مثبتاً نظرية الانفجار الكوني الكبير، ويقول : (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون) مثبتا ان السماء بناء عظيم بكواكبه ومجراته وبناءه ومؤكدا ان هذا الكون في توسع مستمر فالقران يناقش كل قوم حسب علومهم و طريقة تفكيرهم ويقدم الدليل تلو الدليل..
10/ انهاء الحوار بهدوء تام : وحتى لو لم يصل المحاور إلى نتيجة كان يتوقعها فليختم حواره بهدوء تام لان الخصم سيعود الى بيته مفكرا بما قد سمع فان استقر في ذهنه نهاية غير موفقه او نهاية غاضبة او زاجره
فسيكون لها ردة فعل عكسيه... قال تعالى (فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) ويقول (واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً)
هي مقدمات لنا جميعا هدفي منها ان نتقارب ونتكامل ولعلنا نعتمدها في حوارنا ولعل الله يصلح القلوب الى ما يحب ويرضى
والحمد لله رب العالمين
مباديء الحوار في القرآن الكريم
أحمد ناطور / قلنسوة