صوت العظمة يملؤ الآفاق ويصل الى سويداء القلوب ليملأها حبا وشوقا وتعظيما للباري
كلما حانت الصلاة أذن المؤذن ليعلن المبدأ صراحة بلا خفية , علنا بلا سر جهرا بلا كتمان , ليقول للناس :
هذا دين صريح واضح لا ألغاز فيه ولا أسرار , ولا أحاجي , وأكبر قصد للأذان تعظيم الرحمن
, والثناء على الديان وتمجيد المنان .
إن الأذان وثيقة ربانية يكررها المؤذن كل يوم خمس مرات , فكأنه يقول : يامن نسي أو تناسى
تذكر أن الله أكبر من كل شيء , وأعظم من كل شيء , وأحب من كل شيء , يامن غفل أو تغافل تذكر :
أنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
يامن جهل أو تجاهل تذكر أنك على موعد مع الله في بيته لتريه ضعفك وفقرك وعجزك وحاجتك.
الاذان يذكرك دائما بعظمة الله عز وجل , فهو يصيح بالنائمين : استيقظوا فإن الله عظيم , وهو
يهتف بالغافلين : تنبهوا فإن الله عظيم .
وهو يزلزل الكافرين ويلكم أما علمتم أن الله عظيم , كل قرية وكل مدينة في الإسلام تضج
بالأذان مع كل صلاة لتبلغ الناس رسالة العظمة في قوة , وخطبة القداسة في حماس , وخطاب
التمجيد في صرامة لسان , حال المؤذن يقول أيها العالم المنشغل بدنياه . أيتها الخليقة
المنهمكة في دنياها , أيها القوم المنغمسون في أعمالهم :
الله أكبر , الله أكبر , الله أكبر , الله أكبر
أيها الفلاح في مزرعته , أيها الأستاذ في مدرسته , أيها الطبيب في عيادته , أيها التاجر في
تجارته , أيها الملك في مملكته , أيها المعرض في غفلته , أيها المستغرق في نومته :
الله أكبر , الله أكبر , الله أكبر , الله أكبر
يا حجر , يا شجر , يا مدر , يا بدو , يا حضر , يا من غاب ويامن حضر , يامن اغتنى ويامن
افتقر , يامن غلب ويامن انتصر , :
الله أكبر , الله أكبر , الله أكبر , الله أكبر
أيها النهار الباسم , أيها الليل القاتم , أيها الطل الناعم , أيها الجبل الجاثم , أيها النهر الجاري,
أيها الضوء الساري , أيها الشعاع الناري , أيتها الحديقة , أيتها الأزهار , أيتها الأوراق :
الله أكبر , الله أكبر , الله أكبر , الله أكبر
يا عرب ويا عجم , يا فرس ويا روم , يا بيض يا سود , يا مسلمون يا كافرون , يا موحدون
يا ملحدون , يا مهتدون يا ضالون , يا عارفون يا منكرون .
الله أكبر , الله أكبر , الله أكبر , الله أكبر
يا قارات يا محيطات , يا آسيا , يا إفريقيا , يا أوروبا , يا أمريكا , يا كل أرض , ويا كل سماء :
الله أكبر , الله أكبر , الله أكبر , الله أكبر
الأذان كطلقات المدفع على قلاع الوثنية , وكالقذائف المتتالية على ثكنات الجاهلية .
الأذان صيحة نصر , وصرخة الضمير الحي , وصوت الواجب المقدس , ونشيد الأحرار , وملحمة
الشهداء , وتحية المنهج الرباني , والشرع المحمدي , والدين الإسلامي (فاصدع بما تؤمر
وأعرض عن الجاهلين ) .
من كتاب العظمة
للشيخ الدكتور : عايض بن عبدالله القرني