مخدر و شماعة الأنظمة الشعاراتية
الإنسان بطبعه يحب أن تكون له مكانة و احترام بين الناس و أن يشار إليه بالبنان و أن يكون رقما صعبا و هذا أمر مشروع إذا كانت الوسيلة إليه مشروعة و لكن هذا يتطلب جهد وصبر و تضحية و اخلاص
و بعض الناس تكون لديه هذه الرغبة جامحة و لكنه كسول و متسرع و يريد أن يأخذ دون أن يعطي فيلجأ إليها بالطرق غير المشروعة مثل خطف الأضواء ونصب المكائد و سرقة جهد الآخرين و التسلق على أكتافهم
وهذا ما تلجأ إليه بعض الأنظمة العلمانية الثورية الشعاراتية فهم يطلقون الشعارات و التصريحات الرنانة و يقومون باستعراضات القوة التي تدغدغ عواطف الشعوب ومشاعرهم التي حطمتها الخطوب والمحن و أنهكتها المشاكل اليومية الحياتية من اجل تخديرها وجعلها لا تشعر بالآلام و تشعر بالنشوة والعزة والكرامة الجوفاء فيصبح الإنسان كالطبل الأجوف والبالون المنفوخ فلا توجد حقائق ملموسة على ارض الواقع لهذه العزة فتسمع جعجعة و لا ترى دقيقا
ومن اجل إلهاء الناس عن مشاكلهم اليومية ومتطلباتهم الحياتية
و لكن السنن الكونية لا تتغير و الحياة لا تتوقف و هي مليئة بالعقبات والمكدرات من اجل إظهار الحقائق و اختبار المعادن وتمييز النفيس عن الخسيس
فكما تزرع تحصد فمن يزرع الورد سيشم الرياحين ومن يزرع الشوك فسوف يشاك به ومن يزرع المر فسيتجرعه
إذا سوف تواجه هذه الأنظمة مشاكل و عقبات و أزمات و إخفاقات كثيرة تكشف أمرها و حقيقتها
ومن اجل دوام الاستمرارية و الاستقرار لا بد من غطاء جميل يغطي و يستر هذه العيوب و الإخفاقات و في تلك الفترة جاءت قضية فلسطين – فك الله أسرها –فوجدت تلك الأنظمة ضالتها فيها فاتخذتها شماعة لتعليق جميع مشاكلها و أزماتها و إخفاقاتها و جعلتها ذريعة للقمع و سلب الحريات و تكميم الأفواه و تجميد القوانين و تعليق الدساتير و نهب الموارد
فلو لم توجد هذه القضية لأوجدتها تلك الأنظمة
فلا تسمع إلا الحديث عن إسرائيل و أمريكا و فلسطين و الامبريالية و الصهيونية و العملاء و المنبطحين و المتخاذلين
و في الحقيقة هذه القضية هي ابعد ما تكون عن تفكيرهم و اهتماماتهم فلا يهمهم إلا كراسيهم و جيوبهم و مصالحهم الضيقة
و هذا ينطبق على بعض التنظيمات و الأحزاب المسلحة و حتى لا نقع في ظلم احد فيوجد في هذه الأنظمة والتنظيمات و الأحزاب أناس صادقون مخلصون مغرر بهم.