بعد توقف دار الهلال عن إصدار مجلة ميكى و التي تربت عليها أجيال من الأطفال على مدار نحو أربع عقود هي عمر مجلة ميكي الفقيدة التي قصف حياتها رفع الشركة الفرنسية صاحبة الامتياز لأسعار حقوق الترجمة ، مما جعل دار الهلال مخيرة ما بين أن ترفع أسعار المجلة عدة جنيهات أو أن تتوقف نهائياً ، وهو ما حاولت تأجيله قدر الإمكان بإعادة نشر بعض المغامرات المصورة القديمة إلى جانب قصة واحدة مصورة جديدة كل عدد ، وهو ما فشلت فيه أيضاُ لعدم تقبل جماهير القراء له ، مما جعل التوقف عن إصدار المجلة ضرورة حتمية لا مفر منها .
ولأن مصائب قوم عند قوم فوائد ، فقد مان المستفيد الوحيد من توقف مجلة ميكي هي منافستها التاريخية اللدودة مجلة سمير ، و التي على الرغم من كونها خارج مضمار المنافسة أصلاً بجوار مجلات الأطفال الخليجية كماجد الإماراتية و باسم السعودية مثلاً ، إلا أنها استمرت تصدر في مصر من باب حلاوة الروح و للإبقاء على أعرق مجلة أطفال مصرية ، وعلى طريقة القوالب نامت و الأنصاص قامت ، خلعت مجلة سمير ثوبها العتيق المهترئ لترتدي ثوب أختها المرحومة القشيب ، فجاء إخراج الأعداد الأخيرة من سمير مطابقاً تماماً لنظام إخراج الصفحات في الفقيدة ميكي ، حتى أن سمير قد استحدثت كتيباً من وريقات قليلة أسمته سمير جيب على غرار ميكي جيب ، مع اختلاف المحتوى بالطبع ، فلن ترقى مغامرات سمير و تهته السخيفة إلى روعة مغامرات ميكي على أية حال ، إلى هنا و كل شئ على ما يرام ، و الأمر لا يزيد عن كونه ضرباً مصغراً من دورات التاريخ على رأي عمنا أرنولد توينبي ، و التي تتبادل قيها الأمم الارتقاء و الفناء في دورات زمنية مغلقة .
إلا أن الذي دفعني حقاً لكتابة هذه السطور هو ما نشرته مجلة سمير بعدد 10 أغسطس 2003 ، في باب استحدثته مجلة سمير مؤخراً باسم عام النت ، وتعرض فيه كجميع ذلك النوع من الصفحات عدداً من مواقع الإنترنت التي من المفترض بديهياً أنها تخاطب الأطفال ، وعلى الرغم من أن جميع المواقع المعروضة في هذه الصفحة قد اختارها المحرر بذكاء يحسد عليه بحيث جاءت لا تناسب الأطفال بأي حال نت الأحوال ، كموقع للتداوي بالأعشاب ، وموقع للبرامج مضادات الفيروسات ، وكلاهما شديد التخصص ، ومكتوب بلغة إنجليزية صرفة ، ولو سلمنا بأن الأطفال قراء مجلة سمير عباقرة يهتمون بالتداوي بالأعشاب و برامج القضاء على الفيروسات ، ويستطيعون الرطانة بالإنجليزية أفضل من مستر بلير شخصياً ، فإننا لن نجد مع ذلك هدفاً يجعل محرر الصفحة حفظ الله لنا ذكاءه الخارق يعرض موقعاً في مجلة للأطفال ، وأكرر مرة أخرى مجلة أطفال ، يبدؤه بتساؤل برئ بالبنط العريض : من هم المعصومون ؟ وبنفس البراءة يجيب على نفسه قائلاً بالحرف الواحد : هل تعرف من هم المعصومون الأربعة عشر (عليهم السلام) ؟ لمعرفة الإجابة عن هذا السؤال يمكنك زيارة هذا الموقع :
www.14masom.net
، وبجوار تلك الكلمات البريئات نشر المحرر الهمام صورة للصفحة الرئيسية للموقع ، وفيها تتضح بعض العبارات الشيقة مثل : لماذا عزل النبي (ص) أبا بكر ، و دليل كفر معاوية بن أبي سفيان و جواز لعنه ، وأخيراً وليس آخراً : الدلائل و الشواهد على إيمان أبي طالب عليه السلام !!!!
ولا يحتاج القارئ لذكاء كبير ليعلم أن ذلك الموقع هو موقع لأحد فرق الشيعة المتطرفة و التي تسمي نفسها العشرة الفاطمية .
ونحن لا نرفض التشيع كمذهب ، ولكننا بلا شك نرفض سب صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم ولعنهم تحت أي مسمى ، وهو ما يمتلئ به ذلك الموقع الذي اختاره المحرر الألمعي .
السؤال الذي يتبادر إلى الذهن الآن هو : هل اختار المحرر هذه الصفحة بالذات متعمداً أم لا ؟ و الإجابة على هذا السؤال لن تخرج عن أحد أمرين ، إما أن المحرر لا يعلم أساساً الفرق بين سنة و شيعة و قضية الدين هذه لا تعنيه من الأساس ، وقد اختار هذا الموقع اعتباطاً ، وصوره اعتباطاً ، و علق عليه اعتباطاً ، فهو في هذه الحالة لا يستحق صفة محرر ، بل ربما كان لقب عبيط يناسبه أكثر . و إما أنه اختار الموقع عن عمد لنشر فكرة ما في عقول الأطفال في هذه السن المبكرة ، الأمر الذي يجعل ازدراء الأديان فيما بعد مجرد نتيجة منطقية لمثل هذا الأساس المتين الذي يغرسه مثل هذا المحرر .
منقول