ضيف العدد
شارك في مقاومة الاحتلال خلال سنواته الطويلة، إن لم يكن بالحجر والرصاص فباللوحة المعبرة، واللون الذي كان له دور
تحريضي بارز، لذلك اعتقل، وعذب، وصودرت لوحاته، ضيفنا لهذا العدد هو:
كامل محمود المغني
مواليد ١٩٤٣ - غزة
متزوج وله ٧ أولاد وجميعهم لهم علاقة بطريقة أو بأخرى بعالم الفن والتشكيل، نضال؛ جراح عظام، إيزيس هندسة
معمارية، وهناك المتخصص في الصيدلة والهندسة الوراثية.
* ما سر هذا التناغم ما بين تخصصات الأولاد وكون الأب فنانا؟
حقيقة أنا لم أتدخل في تخصص أي ولد من أولادي، وأشير إلى أنهم - جميعا- متذوقون للفن، ومنهم من يمارس هواية
الرسم بطريقة أو بأخرى، فنضال يرسم، ولكنه ليس محترفا، وايزيس تمارس الرسم من خلال الهندسة المعمارية وهكذا.
*يتميز كامل المغني –وكما يقول العارفون بأمور الرسم- بألوانه، والمزج الذي يقدمه في لوحاته؟
إن الألوان التي أستخدمها هي انعكاس لسيكولوجية الإنسان وشخصيته،على انه ليس بالضرورة أن تبقى معه،فأنا بدأت في
المرحلة الأولى بألوان قاتمة تنسجم مع الوضع العام الذي كان سائدا في تلك الأوقات، وحقيقة فإنني أعمل كالطبيعة التي
تغيب عنها الشمس في مرحلة ما، فأنا أعمل على إضافة الألوان المضيئة التي تطرح الأمل، والتفاؤل، وكذلك الواقع
والبديل، وأقول: إن الألوان تتغير نتيجة تغير واقع الفنان نفسه، والوضع العام كذالك. أما الألوان التي استخدمها فهي الألوان
الترابية المستوحاة من الأرض، مع الحفاظ على تباين هذه الألوان، لكي لا تكون اللوحة ميتة.
* ما هو لون المرحلة الحالية؟
أعمالي الأخيرة في مجملها يغلب عليها الألوان الذهبية، والبنية، ذلك لاني أرى الوضع العام القادم يميل إلى التفاؤل، وأشير
إلى أن الفنان مرتبط بالواقع، فهناك طموحات وهناك معاناة تنعكس بشكل أو بأخر على ألوان اللوحات التي ارسمها.
* متى يرسم الفنان كامل المغني؟
الرسام مثله مثل بقية الفنانين، فانا ارسم في حالة المعاناة القصوى، سواء أكانت على الصعيد الشخصي أم على الصعيد
العام، وحالات القلق هي قمة الإبداع، ذلك لان القلق هو وسيلة للإبداع.
٥٧ ، كانون الأول ١٩٩٧ - كانون الثاني ١٩٩٨ - رسالة النجاح، العدد ٥٦
* ما هي الخامات والموضوعات التي تستخدمها، وجعلتك متميزا؟
إن أدواتي الفنية هي تكنيك مختلف تماما عن أدوات الآخرين من الفنانين، إنني استعمل المواد التي هي خامات محلية قمت
بمعالجتها معالجة ابتكاريه لتقاوم الرطوبة والحرارة، وهي أشبه بلوحات الفرسكو الجدارية التي سادت في عصر النهضة
بايطاليا، ولكنها في الوقت نفسه ليست لوحات فرسكو فانا ارسم على هذه المادة بألوان الاكريليك، أما الموضوعات التي
أعالجها الآن، فهي القدس باعتبارها محور القضية الفلسطينية والأرض والتمزق بين أرجاء الوطن الواحد، هذا هو
موضوعي في معرضي القادم والقريب.
* ما هي طبيعة العلاقة ما بين نابلس وغزة كما تراها؟
هناك تناقض واضح في علاقتي ما بين نابلس وغزة، وغزة ونابلس، أنا في نابلس منذ ربع قرن، عندما أغادرها إلى غزة
اشعر بالحنين إليها وبرغبة جامحة بالعودة، وعندما أعود إلى نابلس اشعر برغبة بالعودة إلى غزة، فهناك حنين مربوط
بالجامعة وما بها، وحنين مرتبط بغزة ومن فيها.
* كيف تؤثر هذه الحالة في الفنان المغني؟
زيادة في حجم المعاناة والقلق، مساهمة كبيرة في العمل الإبداعي، على أن هناك مشكلة في نقل اللوحات وعرضها، فما
ارسمه في غزة يصعب نقله إلى نابلس وبالعكس.
* بهذا الصدد، هل هناك مدرسة فنية فلسطينية؟
حقيقة انه لا يوجد حتى تاريخه مدرسة فنية فلسطينية، ونحن ما زلنا في إطار البحث عن عناصر هذه المدرسة، فهناك
مدرسة مصرية، وعراقية، وهنا أشير إلى أن الفن الفلسطيني أثناء فترة الاحتلال كان له طابع مميز نتج عن المرحلة، والآن
لا بد من البحث عن عناصر مدرسة فلسطينية شاملة، تنسجم مع الواقع الحالي.
* ما العلاقة بين الفن والسياسة؟
لا أبالغ إذا قلت أن الفن يقود السياسة أو يسير موازيا لها، إننا عندما نتحدث وننتج الفن المعبر عن السياسة فنحن نعبر عن
السياسة الجماهيرية وليست سياسة مجموعة من السياسيين ينتمون إلى هذا الإطار أو ذاك، وعمل معظم الفنانين الفلسطينيين
بالعمل الفني المعبر عن سياسة رفض الاحتلال التي تشارك المجتمع نضالاته ضد الاحتلال والقمع والاعتقال والسجن،
ولأهمية الدور الفني، فقد عملت سلطات الاحتلال على مصادرة العديد من اللوحات التي اعتبرتها تحريضية.
* والآن ما هو دور الفن الفلسطيني؟
يجب علينا كفنانين أن نعمل على مواكبة التوجهات العالمية، وفي مختلف المجالات، يجب أن نهتم حاليا بالقضايا العالمية،
وأهمها تحقيق السلام لكل العالم، أما على الصعيد الفني، فعلى الفنانين إن يعملوا على استخدام التقنيات الفنية الحديثة، مع
الحفاظ على الالتصاق بالواقع، يجب أن نعمل حاليا على إرسال رسالتنا للعالم كله، وبشكل واضح، إلى كل العالم، يجب أن
تظهر قضايانا المعاصرة بصورة تنسجم مع التوجهات العالمية، وبأساليب عالمية معاصرة.
٥٧ ، كانون الأول ١٩٩٧ - كانون الثاني ١٩٩٨ - رسالة النجاح، العدد ٥٦
* ما هو العمل الذي تعتقد انه الأقرب إلى نفسك؟
كل لوحاتي هي جزء من نفسي، وأفضل اللوحات هي التي لم ارسمها بعد.!!!
* كامل المغني على خريطة المعارض والجوائز، أين يقع؟
شاركت في اثنين وثلاثين معرضا محليا وعربيا ودوليا في كل من فلسطين، ومصر، والكويت، ودولة الإمارات ، وقطر،
والأردن، وبيروت، وتونس، إضافة إلى معارض مشتركة في كل من بروكسل، وبولندا، ورومانيا، والاتحاد السوفيتي سابقا،
إضافة إلى عدد آخر من دول الكتلة الشرقية. أنجزت ما يقارب من خمسمائة عمل فني وأعمالي موزعة في الداخل والخارج
وعدد منها موجود في متاحف دولية. حصلت خلال مسيرتي على عدد من الأوسمة، منها وسام اتحاد الفنانين السوفيات عام
١٩٧٩ ، ووسام بلدية داندي/ اسكتلندا عام ١٩٨١ ، وجائزة الشراع الذهبي من الكويت عام ١٩٨٩ ، والجائزة الأولى في
مهرجان جرش الثالث في الأردن، وأنا الآن عضو في لجنة تحكيم جوائز الدولة التقديرية للعام ١٩٩٧ م، وجائزتي الأولى ،
إن فني كان موضوعا لأكثر من رسالة ماجستير ودكتوراه في الفن. وباختصار اعمل أستاذا في كلية الفنون الجميلة في
جامعة النجاح الوطنية.
كلمة أخيرة، إن رسالة الفن المرسوم، والمكتوب، والمرئي والمحكي، هي توائم لا يمكن للسلاح أن يحقق شيئا بدونها،
وكامل المغني واحد من البنادق التي كانت وما زالت توجه أسهمها إلى صدور أعداء قضايا الشعب.