بسبب فضيحة التلاعب بالنتائج عام 2006 في الدوري الإيطالي (كالتشوبولي), أكبر فضيحة في عالم كرة القدم على الإطلاق, والتي تم على إثرها إقصاء يوفنتوس وإنزاله إلى الدرجة الثانية وحرمانه من آخر لقبين حققهما في السكوديتو, وبالتالي, انهت سيطرة البيانكونيري على الدوري وأعادت التوازن إلى اللعبة في إيطاليا.
وعلى الرغم من عدم إقفال القضية نهائياً, حتى بعد خمس سنوات على حصولها, فنادي السيدة العجوز ما لبث يقدم طلب الاستئناف, ويطالب بإعادة المحاكمة, قناعة منه بتورط نادي إنتر ميلانو وادعاءه بامتلاك الأدلة التي تدين الإنتر, النادي الذي كان أكبر المستفيدين من تلك الفضيحة.
من غير الواضح متى تنجلي غمامة هذه الفضيحة عن إيطاليا, وحري بها الإنجلاء, ففي كل مرة تطفو فيها هذه القضية على السطح, تتلطخ سمعة كرة القدم في إيطاليا من جديد. لكن مع الأسف, إذ يبدو مع إصرار اليوفي على الإحساس بالظلم, واستمرار الإنتر باعتبار نفسه الضحية, لذا من الصعب حتى التنبؤ بقرب انتهاء هذه الأزمة.
وبدلاً من الغوص في سياسة الموضوع وحيثياته, لا بد من النظر إلى تأثير الفضيحة من منظار أوسع, وبغض النظر عن سلبيتها, لكنها أثرت بشكل إيجابي كبير وملحوظ على الكالتشيو.
فبالرغم من تعاقب الإنتر على اللقب لأربعة مواسم متتالية بعد الفضيحة مباشرة, فنحن اليوم أمام أكثر الدوريات منافسة في العالم وفي تاريخ إيطاليا.
ففي السنوات التي سبقت الفضيحة, كان الدوري الإيطالي عبارة عن سباق يتنافس فيه حصانين فقط, يوفنتوس وميلانو. وفي 14 موسم, حقق كل منهما ستة ألقاب, مع استثناء بسيط لقطبي العاصمة مع لاتسيو موسم 1999-2000 وروما موسم 2000-2001, ولم يستطع أي منهما إعادة الكرّة. حتى أن لاتسيو قد أنفق الكثير ووضع نفسه بأزمة مادية كبيرة محاولاً الحصول على اللقب مجدداً.
حتى أنها أصبحت موضة, الإنفاق وتقديم الجوائز المالية والتحفيزات, خاصة على مستوى أوروبا, حتى ارتفعت بمعدل مذهل, الأمر الذي قد يفسّر هيمنة ريال مدريد وبرشلونة على نتائج الدوري الأسباني, الأمر الذي يجعل الليغا إلى حد كبير, نسخة محسنة من الدوري الاسكتلندي.
يمكننا القول ببساطة إن ريال مدريد وبرشلونة هما أقوى فريقين على مستوى العالم حالياً, لكن لا يمكننا إعطاءهم كل الفضل على الصعيد المحلي, حيث لا يوجد هناك أية منافسة حقيقية في الدوري الإسباني. ونستطيع أن نرى انعكاس هذا الأمر بعدد الأهداف التي يسجلها نجمي الكرة الإسبانية في كل مباراة, حيث يسجل كل منهما اربعة أو خمسة أهداف في كل مباراة.
قد يكون هذا أمراً ممتازاً لجماهير العاصمة وكاتالانيا, لكنه أمر محبط لباقي الأندية ولجماهيرها. حيث أقصى ما يمكن لأي نادي أن يحلم به هو المركز الثالث. حتى أن لاعبي احتياط رأسي الهرم في إسبانيا لا يقلون أهمية عن ال11 لاعب الأساسيين.
تبين الاحصاءات الدوري الإسباني كم هي كبيرة الهوة بين الريال – برشلونة وباقي الأندية. ففي المواسم الأربعة الماضية, النادي الوحيد الذي تمكن من الاقتراب من كبيري إسبانيا كان نادي إشبيلية, الذي حل ثالثاً موسم 2008-2009 لكن بفارق 17 نقطة عن المتصدر برشلونة حينها. واتسعت هذه الهوّة أكثر في الموسمين السابقين حيث وصلت ل25 و27 نقطة.
لحسن الحظ, يبدو أن أندية الكالتشيو بمعظمها قادرة على المنافسة هذا الموسم, كما في ألمانيا أو فرنسا, حيث تقل النقاط بين الفرق الخمس الأول عن 20 نقطة. وقد رأينا في مواسم سابقة أسماء متنوعة تتعاقب على حمل لقب الدوري في فرنسا مثل :ليل بوردو وليون, كذلك الأمر في ألمانيا مثل: بايرن ميونخ بوروسيا دورتموند وولفسبورغ.
يضيف هذا الأمر, دون أدنى شك, الإثارة في اللعبة عند اللاعبين والجماهير على حد سواء. حتى في إنكلترا, وعلى الرغم من العوائد المادية التلفزيونية الضخمة التي تدرّها لعبة كرة القدم , نرى هناك دائماً منافسة شديدة بين خمسة أو ستة أندية على الأقل, الأمر الذي يزيد من حماسة المشجعين.
بالعودة إلى إيطاليا, يبدو أنه لدينا هذا الموسم خمسة أو ستة أندية قادرة على المنافسة على لقب السكوديتو, مع العلم أن بقية الأندية ليست ببعيدة كثيراً عن إطار المنافسة.
وعلى الرغم من حصولهم على خمسة ألقاب سكوديتو ولقب بطل دوري أبطال أوروبا, إلا أن إنتر ميلانو غير قادر حتى الأسبوع السابع من إخراج نفسه أو إبعاد نفسه عن دائرة المنافسة, الأمر الذي ترجح أسبابه إلى سوء إدارة موراتي – رئيس النادي - في السنوات الأخيرة. فهو أنفق أموالاً طائلة خلال "رحلات التسوق" للإنتر بعد الكالتشيوبولي, مما أوقع الإنتر تحت دين ضخم واضطر النادي لاستعمال مردود المباريات والانتصارات للإنفاق على النادي.
بالنظر إلى المستقبل, نرى أن يوفنتوس, ميلانو, نابولي وإنتر ميلانو جميعهم قادرون على المنافسة للظفر باللقب هذا الموسم, ويأتي خلفهم وعلى مستوى متقارب جداً أودينيزي, روما, لاتسيو, فيورينتينا وباليرمو. إذا تمكنت جميع هذه الأندية من الاستمرار على هذا النحو, خاصة أن لا أحد من هذه الأندية يقع تحت طائلة ديون كبيرة كغيرها, فهذا الأمر سوف ينعش الدوري الإيطالي على الصعيدين المحلي والعالمي دون أدنى شك.
وستكون فقط مسألة وقت قبل أن يعود الكالتشيو إلى حيث ينتمي, على قمة كرة القدم الأوروبية.