السؤال
ما رأي فضيلتكم فيمن يقول: إن الولاء والبراء نظرية جاء بها الخوارج وهي الآن تعود من جديد على يد المتشددين والإرهابيين وعلى رأسهم أسامة بن لادن وأعوانه؟
الجواب
الولاء والبراء عقيدة من صميم الإسلام ، جاء بها محمد - صلى الله عليه وسلم - ونـزل بها الذكر الحكيم في آيات تتلى إلى يوم القيامة، بل قال بعض العلماء: إنه لم يرد شيء في القرآن بعد التوحيد أكثر مما ورد في الولاء والبراء، والآيات في هذا الباب أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، كما في سورة آل عمران، والمائدة، والنساء، والأنفال، والتوبة، والممتحنة، وغيرها.ومنها: قوله - تعالى -: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ" [آل عمران:118]. وقال – سبحانه -: "قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ" [الممتحنة:4]. والولاء يكون للمؤمنين والمسلمين كلهم، فمن صح له عقد الإسلام فله أصل الولاء، ومن تمت له خصال الإسلام تم له حق الولاء.والبراءة تكون من الكافرين سواء كانوا من اليهود، أو النصارى، أو المشركين، أو غيرهم.فيبرأ من دينهم الفاسد وعقائدهم المنحرفة وأخلاقهم السيئة، ولكنه يؤدي إليهم حقوقهم المشروعة، كحقوق الزوجة مثلاً، أو حقوق الأولاد، أو حقوق الوالدين ، أو حقوق الرعية، أو حقوق العقود المبرمة الصحيحة معهم، أو ما شابه هذا.ويجب على المسلم أن يقوم بدعوتهم بالتي هي أحسن، والصبر على ذلك، وأن يكون خلقه الكريم سبيلاً وذريعة إلى تحبيبهم في الإسلام وترغيبهم فيه ، ويستحب أن يبرهم، ويقدم لهم المعروف، ويحسن إليهم ، ما داموا بالصفة التي ذكرنا غير محاربين ، وذلك لقوله - تعالى -: "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون"َ [الممتحنة:9]، وهذه آيات محكمة ظاهرة في دلالتها.أما الخوارج فهم على نقيض هذا كما جاء في وصفهم النبوي أنهم " يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية يقتلون أهل الإسلام ويَدَعوُن (أي: يتركون) أهل الأوثان" رواه البخاري (3344) ومسلم (1064) من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما -.وهذا من جهلهم، وسوء رأيهم، وفساد فطرتهم بالتدين الكاذب المظلم، - عافانا الله وإياكم والمسلمين -.وكم نود من الكتاب وأصحاب الأقلام أن يلجموا أقلامهم عن الخوض إلا بحق وخير، وأن ينأوا بأنفسهم عن التناول المستفز البعيد عن المسؤولية. - هدى الله الجميع لما يحب ويرضى -.
الشيخ سلمان بن فهد العوده
نقله بركـ الحب ـان