تتميز مرحلة سن المدرسة (الطفولة المتأخرة) في أن الأطفال لا يعانون من استرجاع أحداث الكرب"Amnesia" أو"visual flashbacks" كما هو الحال لدى الكبار، لكنهم قد تختلط عليهم أحداث الكرب عندما يحاولوا استرجاعها من ذاكرتهم و الذي يعرف بـ"time skew" ، كما أنهم قد يعتقدون أهمية تنبؤ حدوث الكرب من خلال الإشارات التحذيرية حيث يمكنهم تفاديها و هو ما يعرف بـ "Omen formation". كذلك قد يبدوا أنهم مشتتي الفكر أو سريعي الاستثارة و الارتعاب، و قد يعبروا عن مخاوفهم بالشكوى من بعض الأعراض الجسدية التي ليس لها أسباب طبية واضحة مثلآلام البطن و صداع الرأس. و أحيانا قد يعبروا عن معاناتهم من الصدمة النفسية من خلال الرسم، أو محاكاتهم لأحداث الكارثة أثناء اللعب مثال: الطفل الذي تعرض للنار يمكن أن يولع الحرائق، و مثال آخر: الإختباء تحت الأشياء كأنما يتعرض لإعصار.
أما بالنسبة للمراهقين (سن 12– 18 سنة)، فيمكن أن تظهر الصدمة النفسية شبيهة بالتي يعاني منها الكبار من مثل استرجاع أحداث الكارثة في اليقظة و عبر الأحلام و تخيل وقائعها المؤلمة و محاولة الهروب و الابتعاد عن كل ما يذكر بها، يصاحب ذلك سرعة الانفعالات النفسية و اضطرابات النوم و ضعف التركيز، ، أو الشعور بالإكتئاب و الرغبة فيالإنتحار، كما قد يلجأ بعضهم إلى شرب الكحول أو تعاطي المخدرات كمحاولة لتحسين شعورهم. إلا أنهم يتميزون عن الكبار في تعبيرهم عن الصدمة بدمجها أو بعض وقائعها في حياتهم اليومية، كذلك تتسم سلوكياتهم بالعنف و الاندفاعية.
و بالرغم من أن بعض الأطفال و المراهقين قد يتحسنون مع الوقت و تزول عنهم الصدمة النفسية التالية للكرب، إلا أن نسبة منهم تستمر معاناتهم إن لم يتلقوا العلاج المناسب. و من هنا تبرز أهمية التعرف المبكر على المصابين بالصدمة النفسية أو الذين هم أكثر عرضة للإصابة لتلقي الدعم و العلاج اللازمين، و من أهم الوصايا العلاجية خاصة في الفترة الأولى من حدوث الكارثة ما يلي:
-تثقيف الوالدين و توعيتهم بالصدمة النفسية التالية للكرب و مظاهرها الطبية و آثارها على أولادهم.
- توفير الحماية و الأمن النفسي و منع تكرار حدوث الكارثة مرة أخرى.
- السماح للطفل أو المراهق بالبكاء و طمأنته بأنه من الطبيعي الشعور بالخوف، و تشجيعهم على التعبير الإيجابي عن حزنهم أو مخاوفهم، مع أهمية الابتعاد عن فرض الآراء و التسرع في إجراء الأحكام.
-تدريبهم على الاسترخاء عند تذكرهم لأحداث الكرب، و التغلب على الآثار النفسية الناتجة عنها كالقلق و اضطرابات النوم.
-العمل على دمجهم مبكرا في الحياة اليومية و ممارسة الأنشطة المعتادة، كالذهاب إلى المدرسة و التي تمثل رافدا مهما لبناء شخصياتهم و صقل مهاراتهم الاجتماعية، مع التأكيد على أهمية توعية المعلمين و المعلمات بالصدمة النفسية التالية للكرب و آثارها على الأطفال و المراهقين.
-العلاج المعرفي السلوكي (Cognitive & Behavioral Therapy) من قبل المتخصصين و الذي يهدف إلى تشجيع الطفل أو المراهق على التحدث عن الكرب و تصحيح المفاهيم أو القناعات الخاطئة المكتسبة بسببه، مثل أن يعتقد الطفل أن العالم من حوله أصبح غير آمن و أنه مهدد بالأخطار دائما و أبدا.
-معالجة الأطفال صغار السن من آثار الصدمة النفسية خلال اللعب (Play Therapy) من قبل المتخصصين.
-عقد جلسات علاج تفاعلية، فردية، جماعية أو أسرية، تشمل الحديث والكتابة و الرسم عن الكرب.
توفير العلاج النفسي للوالدين و المعنيين بتربية الأطفال و المراهقين، حيث أن الأطفالوالمراهقين يمكنهم التجاوب و التفاعل مع أحاسيس الكبار وردود أفعالهم إيجابا و سلبا.
التنسيق البناء و المستمر بين المعنيين برعاية الطفل و المراهق بما فيهم الأسرة و المدرسة و المختصين.
قد يحتاج بعض الأطفال أو المراهقين إلى العلاجات الدوائية كعامل مساعد في تخفيف آثار الصدمة النفسية، و لكن ينبغي التأكيد على أن يتم صرفها من قبل المتخصصين و تحت إشراف الوالدين.