الحجاج بن يوسف والحسن البصري
لقد بنى الحجاج بن يوسف الثقفي قصراً ودعى الناس للفرجة وللتفاخر به
فأغتنم الحسن البصري الفرصة ليعظ الناس ويذكّرهم ويزهدهم بعرض الدنيا
فوقف فيهم خطيباً
وقال : لقد نظرنا فيما ابتنى أخبث الأخبثين فوجدنا أن فرعون شيد أعظم مما شيّد وبنى أعلى مما بنى
ثم أهلك الله فرعون وأتى على ما بنى وشيّد .
ليت الحجاج يعلم أن أهل السماء قد مقتوه وأن أهل الأرض قد غرّوه .
وفي اليوم التالي دخل الحجاج إلى مجلسه وهو يتميّز من الغيظ وقال لجلسائه تَبَّاً لكم وسُحقاً .
يقوم عبد من عبيد أهل البصرة ويقول فينا ما شاء أن يقول ثم لا يجد فيكم من يرده أو ينكر عليه .
والله لأسـقينكم من دمه يا معشر الجبناء .
ثم أمر بالسيف والنطع ثم أمر بإحضار الحسن البصري .
فحضر الحسن ، فلما رأى السيف والنطع والجلاّد حرّك شفتيه
ثم أقبل على الحجاج وعليه جلال المؤمن وعزة المسلم ووقار الداعية إلى الله
فلما رآه الحجاج هابه أشـد الهيبة وقال له
هاهنا يا أبا سعيد .... ها هنا يا أبا سعيد
والناس ينظرون في دهشة واستغراب حتى أجلسه على فراشه
وأخذ يسأله عن أمور الدين والحسن البصري يجيبه ، فقال له الحجاج أنت سيد العلماء يا أبا سعيد ، ثم دعا بطيب وطيب لحيته وودعه .
ولما خرج الحسن من عنده ، تبعه حاجب الحجاج وقال له : ـ
يا أبا سعيد لقد دعاك الحجاج لغير ما فعل بك ، وإني رأيتك قد حركت شـفتيك عندما أقبلت عليه فماذا قلت
فقال الحسن لقد قلت :
يا وليّ نعمتي وملاذي عند كربتي
إجعل نقمته برداً وسلاماً عليّْ كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم عليه السلام
م/ن