البصره حضارة ماضي مشرق
تاريخ مدينة البصرة
المقصود بمدينة البصرة القديمة هي تلك المدينة التي بناها العرب بقيادة عتبة بن غزوان عند الفتح الإسلامي في عام أربعة عشر للهجرة ، الموافق لعام 636 للميلاد ، حيث كانت في بداية الأمر معسكراً للجنود وسكناً لعوائلهم ليسهل عليهم التوجه إلى الفتوحات ، بدل من أن يضطروا للعودة إلى عوائلهم في المناطق البعيدة من شبه الجزيرة ، لقد كانت أول مدينة بناها العرب أثناء الفتوحات الإسلامية ، وتم بناؤها قبل الكوفة بحوالي ستة أشهر ، ثم بنيت الفسطاط بعد الكوفة إن هذه المدينة قد تم هجرها من قبل سكانها فيما بعد وتحولوا إلى مدينة البصرة الحديثة قبل حوالي الثلاثمائة عام وكما سنوضحه في فصول أخرى .و قد قال الأخفش في البصرة :حجارة رخوة إلى البياض ما هي وبها سميت البصرة.
تاريخ الموقع قبل بناء المدينة:
بنيت البصرة على أنقاض معسكر للفرس في منطقة كانت تدعى الخريبة كما وان هنالك مدينة أثرية يعتقد بعض المؤرخين انه تم بناؤها في زمن نبوخذ نصر تدعى طريدون، وادعى آخرون إنها كانت مدينة آشورية حيث كان لهذه المدينة سد يحميها من ارتفاع منسوب مياه البحر، فان صح هذا فان طريدون أو تريدون تكون جنوب مدينة الزبير قرب خور الزبير في الوقت الحاضر ، بينما يعتقد الرحالة جسني إن موقع طريدون هو قرب جبل سنام والذي يبعد عن جنوب مدينة الزبير بحوالي ثلاثة عشر ميل، فإذا كان ذلك صحيحاً فيجب أن يكون خور الزبير والذي هو امتداد للخليج العربي يمتد إلى جبل سنام أيام الدولة البابلية.
سبب اختيار موقع المدينة:
اقتضت الضرورة التي فرضتها الفتوحات الإسلامية على العرب إنشاء مدن عسكرية أو معسكرات سكنية للجنود المحاربـين لتخدم عدة جوانب، أهمها انه اصبح من غير المنطقي على الجندي المقاتل أن يذهب لزيارة أهله في فترات معقولة لبعد المسافة، فالمجاهد الذي قدم من اليمن أو عُمان يحتاج إلى أشهر طويلة لكي يصل إلى موطنه ويحتاج إلى نفس ذلك الوقت للعودة وهذا يعني انهم سيضيعون نصف وقتهم وجهدهم في مثل هذه الأسفار الطويلة الشاقة، مما يحرم جبهات القتال من فترات غيابهم الطويلة، كذلك كان لا بد من إيجاد معسكرات ثابتة للتحرك منها لضرب قواعد العدو أو طرق وقوافل إمداداته، أو شن الحملات السريعة المفاجئة عليه، أو لصد هجمات العدو، أو لنجدة بقية الجبهات عند الحاجة. كذلك إيجاد مقرات بعيدة على حافة الصحراء لا يجرأ العدو من الوصول إليها لمعالجة المصابين وقضاء فترة النقاهة بعيداً عن الخطوط الأمامية الخطرة والمتحركة دائماً، كما يستطيع أن يترك بها المقاتل زوجته أو ما يحصل عليه من الغنائم كي لا تعيق حركته أثناء القتال. كل هذه الأسباب وغيرها جعلتهم يفكروا بإنشاء مثل هذه المدن.
ديموغرافية البصرة:
يشكل المسلمون السنة والشيعة غالبية سكان البصرة، مع أقليات واثنيات كثيرة منها المسيحيون بعدة طوائف، والصابئة، والأرمن، واليهود الذين هاجروها وبقيت منازلهم ومحالهم التجارية، بالاضافة الى وجود عدد قليل من الكرد، والكرد الفيلية، كما انها مازالت تستقبل سنويا العديد من العوائل القادمة من مناطق العراق المختلفة، حيث يشعر زائر البصرة بإلفة كبيرة، يمكن أن يلمسها ساعة وصوله إلى مدينة آدم، وجزيرة السندباد. ويشتهر سكان البصرة بالقوة والكرم، والتسامح وروح الفكاهة وحب الفنون. كما يعتبر المجتمع البصري من أنضج المجتمعات في العراق حيث التناغم الديموغرافي والروحي للبصريين: راجع كتاب الدكتور علي الوردي: دراسة في طبيعة المجتمع العراقي.