[c]هو حبشى من امة السود كان عبدا لاناس من بنى حمد بمكه حيث كانت امه احد أمائهم
فى هذا الوقت كانت مكه تتناقل اخبار " محمد " وكان يصغى لأحاديث سادته خاصة " اميه بن خلف " احد شيوخ قبيلته وعادة كان حديث ملئ غيظا وغما وشرا...
ورغم ذلك كانت اذنه تلتقط من خلال احاديثهم الراعده المتوعده- اعترافهم بشرف محمد وأمانته...!!!!
وهذه الصفات جعلته يرسم تصوره الخاص لهذا الدين الجديدفقد سمعهم يتحدثون عن امانته, وفائه , رجولته وخلقه , نزاهته ورجاحة عقله....
وذات يوم يبصر " بلال بن رباح " نور الله ويسمع فى اعماق قلبه رنينه, فيذهب ألى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسلم.......
وكانت هذه بداية طريقه لله وتضحياته فى سبيل الله...... فلم يلبث ان انتشر خبر اسلامه حتى جن جنون أسياده وتجثمت شياطين الأرض فوق صدر" اميه بن خلف " الذى رأى في اسلام عبد من عبدانهم لطمه جللتهم جميعا بالخزى والعار.......
اما " بلال " فقد كان له موقف ليس شرف للإسلام فقط - وان كان الاسلام احق بها - ولكنه شرف للانسانيه جميعا ..
لقد جعل الرسول عليه السلام , والاسلام من هذا العبد الحبشى المستضعف استاذا للبشريه كلها فى فن احترام الضمير, والدفاع عن حريته ...
كانوا يخرجون به فى الظهيره التى تتحول الصحراء فيها ألى جهنم قاتله..... ويطرحونه على حصاها الملتهب وهو عريان ثم يأتون بحجر متسعركالحميم ينقله من مكانه بضعة رجال لثقله , ويلقون به فوق جسده .....وهكذا كل يوم , حتى اذا حان الأصيل اقاموه , وجعلوا فى عنقه حبلا, ثم امروا صبيانهم يطوفوا به جبال مكه وشوارعها , وبلال لا يلهج لسانه بغير نشيده المقدس " احد.. احد " ...... وفى الليل يقولون له غدا قل: ربى اللات والعزى , فقد تعبنا من تعذيبك فلا يملك الا ان يقول " احد..احد ".......فيصيح فيه جلادوه ويتوسلون اليه قائلون :"اذكر الات والعزى" ....فيجيبهم فى تهكم عجيب وسخريه كاويه : " ان لسانى لا يحسنه "....!!
وظل " اميه " فى تعذيبه و جلادوه يساوموه ما بين ترك الاسلام واما عذابه ....فيحدق " بلال" فى وجوههم ويبتسم ويقول فى هدوء يزلزلهم
" احد....احد".
حتى يـأسوا من تراجعه وباعوه لابي بكر الصديق الذى حرره فورا , وأخذ " بلال " مكانه بين الرجال الاحرار....
وبعد هجرة الرسول الى المدينه شرع للصلاه أذانها فلم يجد افضل من بلال الذي ظل منذ ثلاث عشر عاما والعذاب يهده ولا يسعه الا ان يصيح " احد...احد". وهكذا اصبح بلال اول مؤذن للاسلام....!!
ونشب القتال بين المسلمين و قريش الذين اتوا المدينه غزاه ... ودارت غزوة بدر وبلال يصول ويجول فى اول غزوه للاسلام ...غزوة بدر التى جعل الرسول "ص" شعارها " احد.. احد "..
وكان من بين جيش قريش " اميه بن خلف " ...وحين بدأ القتال بين الفريقين ارتج جانب المعركه من المسلمين بشعارهم " احد..احد" فانخلع قلب اميه من هذا الشعار ... ان الكلمه التى كان يرددها بالأ مس عبده تحت وقع العذاب صارت شعار دين بأ سره وشعار الأ مه الجديده كلها
وبينما تقترب المعركه من نهايتها لمح " اميه " عبد الرحمن بن عوف فطلب اميه ان يكون اسيره ووافق عبد الرحمن ...ورأه " بلال" فصاح باعلى صوته " يا معشر المسلمين... رأس الكفراميه بن خلف " فأقبل المسلمون وأ حاطوه هو وابنه والقى بلال على جثمانه نظره ثم هرول مسرعا وهو يقول " احد.. احد".
وعاش بلال مع الرسول "ص" يؤذن للصلاه ويحمي شعائر الدين الذى اخرجه من الظلمات الى النور , ومن الرق الى الحريه....
وكان بلال يزداد قربا من قلب الرسول الذى كان يصفه بأنه " رجل من أهل الجنه " لكن بلال بقى متواضعا كريما لا يرى نفسه الا انه :
" الحبشى الذى كان بلأمس عبدا"..!!
وذهب الرسول إلى الرفيق الاعلىوتولى ابي بكر الخلافه من بعده وذهب بلا ل اليه قائلا :
" يا خليفة رسول الله...
انى سمعت رسول الله "ص" يقول : افضل عمل المؤمن الجهاد فى سبيل الله"..
قال له ابو بكر : فما تشاء يا بلال ؟
قال: اردت ان ارابط فى سبيل الله حتى اموت..
قال ابو بكر : ومن يؤذن لنا ..؟؟
قال بلال وعيناه تفيضان دمعا : انى لا اؤذن لأ حد بعد رسول الله .
قال ابو بكر : بل ابق وأذن لنا يا بلال...
قال بلال : ان كنت اعتقتنى لأكون لك فليكن ما تريد , وأن كنت اعتقتنى لله فدعنى وما اعتقتنى له ...
قال ابو بكر: بل أعتقتك لله يا بلال..
و اختلف الرواه فبعضهم روى انه سافر للشام حيث بقى بها مجاهدا , والبعض يرى انه قبل رجاء ابو بكر وبقى فى المدينه حتى تولى عمر الخلافه فأستأذنه وذهب للشام.
ومات بلال فى الشام مرابطا فى سبيل الله كما أراد .
وتحت ثرى دمشق يثوى - اليوم - رفات رجل من أعظم رجال البشر صلابه فى الوقوف الى جانب العقيده والاقتناع .....
[/c]