تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل"
ليس الغبي بسيد في قومه
لكن سيد قـومه المتغابي !
لا يخلو شخص من نقص ، ومن المستحيل على أي زوجان
أن يجد كل مايريده أحدهما في الطرف الآخر كاملاً..
كما أنه لا يكاد يمر أسبوع دون أن يشعرأحدها بالضيق من تصرف عمله الآخر،
وليس من المعقول أن تندلع حرب كلامية كل يوم وكلأسبوع على شيء تافه كملوحة الطعام
أو نسيان طلب أو الانشغال عن وعد "غير ضروري" أوزلة لسان ،
فهذه حياة جحيم لا تطاق!
ولهذا على كل واحد منهما تقبل الطرفالآخر والتغاضي عما لا يعجبه فيه من صفات ،
أو طبائع ،
قال تعالى: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْبِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْبَعْضٍفَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَا لْعَلِيمُ الْخَبِيرُ } [ التحريم:3 ] .
أي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة ببعض ما أخبرت به عائشة معاتباً لها،
ولم يخبرها بجميع ما حصل منها حياءً منهوكرماً، فإِن من عادة الفضلاء التغافل عن الزلات، والتقصير في اللوم والعتاب.
قال الإمام أحمد بن حنبل"تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل"
وهو تكلف الغفلة مع العلم والإدراك لما يتغافل عنه تكرماً وترفعاً عن سفاسف الأمور .
وقال الحسن البصري يقول: "ما زال التغافل من فعل الكرام"..
وقال سفيان: ما زال التغافل من شيم الكرام.
قال جعفر بن محمدالصادق: (عظموا أقدراكم بالتغافل).
وكما قيل : ما استقصى كريم قط ،
التغافل لغةً : هو تعمد الغفلة ، و أرى من نفسه أنه غافلُ و ليس به غفلة
التغافل : وهو تكلف الغفلة مع العلم والإدراك لما يتغافل عنه تكرماً وترفعاً عن سفاسف الأمور .
موقف (1)
دخل عبد الله بيته وماإن فتح الباب ومشى قليلاً حتى تعثر بلعبة طفلته وكاد أن يقع ،
رفع اللعبة ثمواصل طريقه متجهاً إلى المطبخ حيث زوجته وهو متضايق مما حصل له
فلولا عناية اللهكان سقط على وجهه وكسرت يده..
يا الله كم مرة قلت لها اهتمي بترتيب البيت، لملا تأخذي بكلامي ؟!
وصل إليها فقابلته بابتسامة مشرقة وكلمة رقيقة،
وإذا هي قدأعدت مائدة لذيذة من الطعام الذي يفضله،
فأطفأ كل ذلك غضبه وجعل يفكر،
هل الأمريستحق أن أكرر مرة أخرى عليها نفس الاسطوانة لتغضب وتخبرني أنها كانت مشغولة بإعدادالطعام،
فتجلس على المائدة وهي متضايقة ؟!!
ونتنكد باقي يومنا !!
أعتقد أنه من الأفضل أن أتغاضى قليلاً لنسعد كثيراً .
موقف 2
لماذا سمي حاتم الأصم بذلك؟
قال أبو علي الدقاق: جاءت امرأة فسألت حاتماً الأصم عن مسألة ،
فاتفقأنه خرج منها صوت في تلك الحالة فخجلت ،فقال حاتم :
ارفعي صوتك فأوهمها أنه أصمّ فسرّت المرأة بذلك ، وقالت :
إنه لم يسمع الصوت فلقّب بحاتم الأصم. انتهى.
[ مدارج السالكين ج2ص344 ] .
لا يخلو شخص من نقص ،
ومن المستحيل يجد كل مايريده أحدنا في الطرف الآخر كاملاً..
كما أنه لا يكاد يمروقت دون أن يشعر أحدنا بالضيق من تصرف عمله الآخر .
ولهذا على كل واحدمنا تقبل الطرف الآخر والتغاضي عما لا يعجبه فيه من صفات ،
أو طبائع ،
وكما قال الإمام أحمد بن حنبل "تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل".
واعلم أن من الدهاء كل الدهاء التغافل عن كل ذنب لا تستطاع العقوبة عليه،
ومن عداوة كل عدو لاتقدر على الانتصار منه.
فأما التغافل عن ما لا يعني فهو العقل.
وقد قال الحكماء: لا يكون المرء عاقلاً حتى يكون عما لا يعنيه غافلاً.
المصدر
التغافل للكاتب توفيق علي زبادي
م /// ن