الفرج.. رفضه مدرب وأنقذه رئيس والقناعة قادته للملايين
إبراهيم الجريس من الرياض
لم يكن سلمان الفرج يعلم أن دخوله مقر نادي الهلال في شتاء 2007 سيغير مجرى حياته، عندما جاء للنادي برفقة عدد من أصدقاء "الحارة" للانخراط في تدريبات المستجدين لفريق شباب كرة القدم في نادي الهلال.
كان في سن الـ17، ولأن "الدخل" مقر سكن اللاعب وعائلته غرب الرياض وعلى بعد أمتار قليلة من نادي الهلال، اختار الفرج أن يرتدي القميص الأزرق ظهراً ويسير على قدميه إلى النادي لمعرفة السر وراء توجه عدد كبير من أصدقائه إلى ذلك المكان. بدأ يتدرب "مستجداً"، لكن الفرنسي دي مينجو مدرب الفريق الهلالي حينها رفض انخراطه في تدريبات الفريق، مفضلاً بقاءه مع المستجدين من غير المسجلين في الكشوفات الرسمية للنادي إلى حين فراغه من لقاءات مسابقة الدوري بحجة تركيزه على اللقاءات المتبقية والتي كانت ستحدد كثيراً من ملامح الفريق المتوج، كما أن الهلال حينها يتصدر الترتيب وبفارق نقطتين عن الاتحاد الثاني. الجهاز الإداري لمس موهبة اللاعب ورأى التمسك به خوفاً من ذهابه للأندية المنافسة، ليشارك الفرج في دوري سداسيات الملاعب المكشوفة والذي ينظمه الجهاز الإداري المشرف على الفئات السنية في نادي الهلال، وهناك يشاهده الأمير محمد بن فيصل الرئيس حينها ويصر على تسجيله في كشوفات الفريق لدعم صفوفه فيما تبقى من مباريات. القرار كان ارتجالياً ولكنه موفق، ومفاوضات تسجيله في الكشوفات الهلالية لم تأخد وقتاً طويلاً، بل إن والده اشترط عدم ترك سلمان دراسته. حينها كان في المرحلة الثانوية تاركاً القرار للإدارة سواء رأت التحاقه بمدرسة (أهلية) على نفقة الإدارة، أو متابعته أولاً بأول عبر النشاط الاجتماعي في النادي.
المفاوضات خلت من المطالب المادية، والده وسلمان لم يحددا مبلغاً مقابل التسجيل، بل إن اللاعب حضر للنادي في اليوم التالي حاملاً بطاقته المدنية لتسهيل إجراءات التسجيل الرسمي. وبدعم الأمير بندر بن محمد المشرف العام على الفئات السنية، تحصل اللاعب على 30 ألف ريال مقابل التسجيل، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بزملائه اللاعبين، لكنه قبل أيام جاء ليجدد عقده الاحترافي مع النادي قبل أيام لثلاثة مواسم ونصف مقابل مبلغ قارب 17 مليون ريال.
مسيرة الفرج مع الهلال شاباً وأولمبيا وفي الفريق الأول شهدت أحداثا عدة، جميعها وقفت عند وجهات نظر المدربين، ومكان إشراكه في الملعب، وبعد أن اعتمد عليه (مينجو) في موسمه الأول كمهاجم صريح، أعاده الروماني أولاريو كوزمين مدرب الهلال السابق إلى مركز الوسط الأيسر، قبل أن يعتمد عليه البلجيكي إيريك جيريتس كلاعب محور دفاعي في المباراة النهائية لكأس خادم الحرمين الشريفين للأندية الأبطال قبل ثلاثة مواسم أمام الاتحاد، وتلك المباراة كانت الأصعب للفرج طوال مسيرته.
توماس دول الألماني أعاده للظهير الأيسر، والتشيكي إيفان هاشيك وضعه في الوسط الهجومي، وهو المركز الذي يتألق فيه اللاعب مع مدرب الحالي الفرنسي أنطوان كومبواريه. ولأن الهولندي فرانك ريكارد كان لاعبا من العيار الثقيل صاحب موهبة فذة صنفته واحدا من أفضل اللاعبين على مستوى العالم في ختام الألفية الماضية، طبيعيا أن يكون ذا عين فاحصة تميز بين النجم الموهوب الذي يملك القدرة على إحداث الفارق بفضل تميزه على أقرانه بما يملكه من إمكانات فنية، لم يخطئ الفرج. ومباشرة اختاره ضمن قائمته لمواجهة الأرجنتين أفضل المنتخبات العالمية الذي يضم أفضل لاعب في العالم للأعوام الثلاثة الماضية.
الفرج الذي شارك من قبل مع منتخب الشباب في بطولة آسيا 2008 في الدمام، وبعدها مع الأولمبي في تصفيات أولمبياد لندن، مشى رحلة التوهج بخطوات واثقة,.
وكانت مباراة الأهلي التي فجر فيها اللاعب إمكاناته وأحرز هدفا لا يسجله إلا الكبار، تأكيداً حقيقيا على المكانة التي وصل إليها لدى الجمهور الذي أدمى أكفه بالتصفيق والهتاف لحظة مغادرته الملعب مستبدلاً بقرار من كومبواريه الذي وكأنه أراد أن يحتفي به على طريقته الخاصة بمناسبة تجديد عقده مع ناديه لأعوام أخريات ستكون حتما مليئة بالتوهج.