{لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ} وهذا تعبير غريب قد مرَّ عليه المفسرون القدامى مرور الكرام بما كان لديهم من العلم المناسب لأوقاتهم ولكن الأمر اليوم يختلف بالنسبة لنا ولنظرنا في آيات ربنا في ضوء ما هدى الله إليه البشرية من التطور والعلم ففي الماضي كان لا يمكن أن يتأكد كيف سنعرف أنه قد ساءت وجوههم أو تكدرت أو غلب عليها الحزن والسواد أو الانكسار وكلها شئون معنوية لم يمكن حفظها من قبلهم إلا بالرواية فقط ومهما كانت من أخبار فلم يرد لنا مثل ذلك أبداً كما وردت أخبار مثل المسخ والخسف وغيرها وكلها حفظها التاريخ ولذلك فما تفسير أن الأخبار الواردة والتاريخ المسجل لم يترك ما به يفسر كيف لو أن المرة الثانية {فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ} قد مرَّت بالفعل فأين التفسير العملي الذي يحفظ ما حدث لوجوههم لا يوجد
ولذا فهذا من الأسباب أن المرة الآخرة لما تأتى بعد بالإضافة أن سوء حالة الوجوه ليست في حقيقتها المعنوية نتيجة متعينة بمرَّة محددة إذ أن من الطبيعي أن كل أناس يقهرون ويغلبون ويظهر عليهم أعداؤهم تسوء وجووهم هذا طبيعي فلما إذاً اختارها الله علامة لتلك المرة تستأهل أن يخلد الله ذكرها في كتابه؟ لابد أن تكون شيئاً غير معتاداً ولا هيناً لتكون علامة فارقة على انتقام الله من هؤلاء الأقوام الطغاة المفسدين هذا لأن تلك المرة عندما تحدث سيكون الله قد جهَّز الله مسرح الدنيا لظهور تلك العلامة ويرى الخلق كلهم كيف تسوء وجوههم فهذا من إعجاز الله الذي سلَّط الضوء على ما سيحدث لوجوههم وهذا اختيار غريب ليكون دليلاً على العقاب
وهو شيء لم يمكن للبشرية تسجيله سابقاً ولكن اليوم مع التصوير والنت والتكنولوجيا الحديثة فسوف ينقل لنا الله بتلك الأجهزة صور وجوههم وعليها الخزي والسوء والحزن والعار والاستسلام عندما يهزمون لما يحيق بهم وعد الآخرة على مرأى ومشهد من الدنيا كلها وستظهر الآية جلية ونعرف لم ذكرها الله كعلامة فارقة للانتقام منهم في المرة الآخرة وسيعرضهم الله على سينما الوجود حقيقة لا خيالاً بتلك الوجوه الكالحة الحزينة ونشير جميعاً إليها ونقول: الله أكبر نعم صدق الله وهذا ما جاءنا من خبر الله في كتاب الله فلابد إذاً أن تكون
الآية هائلة ومؤثرة ومناسبة للحدث وتكون فضيحتهم على جميع الفضائيات وجميع الشاشات تماماً كما أن آيات فجرهم وإفسادهم وكبرهم وعلوهم على جميع الفضائيات وكل الشاشات
بل وربما رأينا ما يحدث لهم على موجات هوائية في الفضاء لأن أبحاث نقل الصور بأبعاد الطاقة ورؤيتها بدون شاشات وإنما للعقول مباشرة قد حققت نجاحاً ملحوظاً والله أعلم أين سنكون بعد سنوات وربما حدث شيء لوجوههم من استخدام سلاح ما أعدوه ليصيبونا به أو من تفجير ذرى أو من تأثير الدخان الذي سيغشى الناس (أي غير المؤمنين) أو من أخطار بيولوجية أو كيميائية يعدونها لإهلاكنا فيردها الله إلى نحورهم ويظهر أثرها على وجوههم ويراه الناس في الدنيا كلها ويحفظ الله المؤمنين كما أخبر في آياته ولا حرج على عجب غيب الله فإن غيبيات الله ساطعة بينة عند ظهورها والله متمٌّ نوره ولو كره الكافرون
ونحن نختم بكلمة ونقول أنه قد وردت في كل هذه الشؤون آثار كثيرة إسرائيلية منها الموضوع أو ما يحتمل الصحة وقد رويت فيها أحاديث ثبت وضعها أو ضعفها ونهاية المطاف ففيما قص الله علينا في كتابه مجملاً غني عما سواه من بقية الكتب قبله ولم يحوجنا الله ولا رسوله إليهم ولو كان في تفصيل ما أبهم الله في آياته فائدة قوية ترجى لفصَّله الله في كتابه أو على لسان حبيبه ولكنها إنما هي قصص للعبرة والاعتبار وللشهادة على من سبقونا من الأمم أو في إثبات أخبار غيبية فيما يستقبل من الأيام بما لا يقدح في الإيمان إجماله وإبهامه فمجمل الأمر أن الله أخبرنا عنهم أنهم لما طغوا وبغوا سلَّط عليهم عدوهم فملك مسجدهم واستباح حماهم حتى دخل بيوتهم وشوارعهم وأذلهم وقهرهم جزاء وفاقاً وما ربك بظلام للعبيد فإنهم كانوا قد أفسدوا وتمردوا وقتلوا من الأنبياء والعلماء وإن عادوا لذلك المسلك عاد الله لتأديبهم وقهرهم فإن تابوا وأنابوا عاد الله بعفوه ورحمته
منقول من كتاب [بنو إسرائيل ووعد الآخرة]
http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...)?&id=86&cat=2