فيتامين ك2 مهم لتثبيت الكالسيوم في العظام
د. شريفة بنت محمد العبودي
تتوفر في بلادنا منتجات الألبان والشمس المشرقة والأطباء ومع ذلك تنتشر هشاشة (وهن) العظام بشكل رهيب، فما الأسباب؟ وجدت دراسة أجرتها دوريّة osteoporosis International عدد نوفمبر 2012م أن تناول فيتامين ك2 مع تناول الكالسيوم وفيتامين د يساعد على تثبيت الكالسيوم في الأمكنة المطلوبة وهي العظام، ويمنع ترسبه في المفاصل (مسبباً التهاب المفاصل)، وفي الكلى (مسبباً حصوات الكلى)، وفي الشرايين (حيث يشكّل خطورة تتمثل في انسداد الشرايين!).
وفيتامين ك ينقسم إلى قسمين: فيتامين ك1 وفيتامين ك2. وفيتامين ك1 الذي يتوفر في الخضروات الورقية الداكنة يذهب إلى الكبد ويعالج تخثّر الدم. أما فيتامين ك2 الذي يساعد على تثبيت الكالسيوم في العظام فيحصل عليه الجسم إما عن طريق تناول المنتجات الحيوانية (اللحوم ومنتجات الألبان غير المبسترة والزبدة والسمن والبيض والأجبان) من حيوانات ترعى في مراعٍ مفتوحة ولا تربى على الحبوب. وقد لا يكون هذا الخيار مناسباً لمن يعانون من البدانة أو من ارتفاع الدهون في الدم، ولذا هناك خيار آخر وهو تناول الأطعمة المخمّرة التي تساعد على تكاثر الأحياء الدقيقة (البكتريا) النافعة في الأمعاء، وهذه الأحياء هي التي تنتج فيتامين ك2.
وفيتامين ك2 ليس من الفيتامينات التي يخزنها الجسم، فما لا يمتصه الجسم منه يطرحه مع البراز، مما يعني ان السعي يوميا إلى زيادة الأحياء الدقيقة النافعة في الأمعاء هي الوسيلة الأفضل لضمان توفير حاجة الجسم من فيتامين ك2 الحيوي لتثبيت الكالسيوم في العظام. ويوجد فيتامين ك2 على شكل مكمّل غذائي، ولكن هناك تحفظات على المكملات الغذائية المصنعة ومدى استفادة الجسم منها.
ويعمل فيتامين ك2 (الذي تنتجه الأحياء الدقيقة النافعة في الأمعاء) على تفعيل البروتين الهرموني الأوستيوكالسين الباني لخلايا العظام والذي يمنع أيضاً ترسب الكالسيوم على جدران الشرايين. ويذكر المقال ان السبب الأساسي لوصف الأطباء لتناول فيتامين د مع الكالسيوم هو زيادة امتصاص الكالسيوم (بدلا من طرحه مع البول) إلا ان عدم وجود فيتامين ك2 يؤدي إلى ترسب الكالسيوم في جميع أنسجة الجسم وليس في العظام فقط مما يشكل خطورة كبيرة على الصحة، وتزداد الخطورة كلما افتقر الجسم لفيتامين ك2.
وأفضل طريقة لزيادة محتوى الأمعاء من فيتامين ك2 هي تناول الأطعمة المخمّرة، وكل الثقافات لديها أطعمتها المخمّرة، ففي العالم الغربي هناك مخلل الملفوف (الساوركراوت) والجبن الأزرق، وفي الشرق الأقصى هناك صلصة الناتو (المنتجة من فول الصويا)، وفي بلاد الشام هناك الشنكليش (اللبنة المخمّرة)، وفي مصر هناك الجبن الرومي والمش، وكان لدينا هنا في نجد المحزرة (الشحم المخمّر) ولكن التطور قضى عليه. ولا شك أن هناك الكثير منها مما لم أذكره هنا، والمفروض البحث في الثقافات الأصيلة للبلدان والاستفادة من مخزونها في هذا المجال والعودة لتناول الأطعمة المخمرة التي تساعد على تكوّن فيتامين ك2 في الأمعاء بصورة طبيعية آمنة.