المقاومة في غزة اوقعت القيادة الاسرائيلية في حالة من الارباك والتوتر ، ووضعتها امام خيارين صعبين : الخيار الاول هو استدراجها الى حرب اوسع واشرس ، وهو ما يسعى اليه اليمين المتطرف ، والخيار الثاني هو القبول بوقف اطلاق النار قبل تحقيق اهداف اسرائيل من عدوانها الوحشي على القطاع ، والمتمثلة بتدمير مخازن الصواريخ ونسف شبكة الانفاق .
لقد اكتشف جيش الاحتلال ان ليس لديه معلومات استخبارية عن حجم الاسلحة التي تملكها المقاومة واماكن تواجدها ، كما اكتشفوا ان لدى المقاومة شبكة من الانفاق لا حدود لها ، وأن غزة اخرى موجودة تحت الارض ، وهي التي حملت عنصر المفاجأة في القتال في اطراف القطاع وداخله وحتى في اطراف المدن والاحياء المكتظة بالمقاومين الصامدين والسكان الصابرين ، لقد امتدت المعارك فوق الارض وتحت الارض .
هذا الواقع دفع بالاسرائيليين الى قصف الاحياء السكنية والمدارس والمستشفيات باسلوب العقاب الجماعي وتحويل غزة الى ارض محروقة ، واستهداف اكبر عدد ممكن من الضحايا المدنيين قصد اثارة الناس والضغط على فصائل المقاومة لوقف اطلاق الصواريخ والقبول غير المشروط لوقف اطلاق النار.
واذا كانت الحكومة اليمينية المتطرفة عرفت كيف انزلقت الى الحرب في قطاع غزة ، فهي مرتبكة لا تعرف كيف تنهي هذا العدوان الوحشي ، كما هي غير قادرة على الانسحاب والقبول بوقف اطلاق النار ، لأن في اسرائيل ، وفي الجانب الاكثر تطرفا وتعصبا وحقدا ، ترتفع اصوات كثيرة تهدد نتنياهو بعواقب الامور اذا لم يكمل مهمته وتدمير الانفاق ومواقع الصواريخ ونزع اسلحة المقاومة ، حتى لو كلف ذلك اعادة احتلال قطاع غزة بالكامل ، وبأي ثمن كان .
يقابل هذا الموقف موقف آخر تبناه رساء احزاب اقل تطرفا . فهذا الفريق يريد من نتنياهو الاكتفاء بتفجير الانفاق الواقعة على اطراف القطاع والممتدة الى ما هو ابعد من الحدود ، او خارج السياج . وتتحدث وسائل الاعلام العبرية عن حالة من الانقسام والارتباك داخل الحكومة وداخل قيادات الاحزاب حول العدوان على غزة واهدافه ونتائجه والانجازات التي فشل بتحقيقها ، وطالب البعض بالعمل على ايجاد وسيلة للخروج من المستنقع بشكل يحفظ ماء وجه القيادة الاسرائيلية ، وان كان البعض قد رفض مبادرة جون كيري لاظهار بأن اسرائيل قوية .
ورغم تمديد الهدنة ليوم آخر الا ان جيش الاحتلال واصل قصف مدن القطاع من الجو والبحر والبر خصوصا في منطقة شرقي غزة ومداخل حي الشجاعية الصامد الذي حولته اسرائيل الى ما يشبه المربع الامني في الضاحية الجنوبية من بيروت في العدوان الواسع على لبنان في شهر تموز عام 2006 . ولكن رغم كل ما هدمته وقتلته القذائف الاسرائيلية من بشر وشجر وحجر في عدوانها التموزي المتواصل اليوم ، فان المقاومة صامدة والشعب الفلسطيني في غزة صابر يحمل روحه على الاكف يدافع عن كرامته وحريته ومستقبله في مواجه العدوان العاجز الذي فشل في كسر روحه وارادته .
المصدر صحيفة المقر:http://www.maqar.com/?id=62062&&head...7%D8%B1%D8%B6-!!